في بلد الأزمات... حتى مياه الشرب مهددة
تناقلت وسائل إعلام محلية خلال الأيام الماضية تسجيل أول حالة وفاة ناجمة عن تلوث المياه في مدينة المعضمية بريف دمشق الغربي، حيث توفي طفل يوم 18 من الجاري، في مستشفى الرازي بالعاصمة دمشق، نتيجة إنتان معوي حاد وجفاف شديد.
وارتفع عدد حالات التسمم في مدينة معضمية الشام إلى 2600 حالة، بسبب تلوث مياه الشرب، بينما سجلت داريا 110 حالات، في حصيلة جديدة.
ونقل عن محافظ ريف دمشق، علاء منير إبراهيم، قوله إنه تم تشكيل لجنة لمعرفة مصدر تلوث المياه في المعضمية وداريا برئاسة معاون قائد الشرطة، هل هو من الآبار أم من خط المياه. وأضاف إبراهيم أن التلوث، بحسب المعلومات الواردة، ليس ناجماً عن فعل بشري مقصود.
وأوضح أن نتائج تحليل العينات التي أخذتها مديريتا الصحة والمياه أثبتت أن نسبة مادة الكلور في المياه سليمة.
وتدور الشكوك، حسب إبراهيم حول أن يكون التلوث ناجماً عن الصرف الصحي، لأن الجراثيم الموجودة في المياه الملوثة ليست قاتلة، لكن تسبب حالات من الإسهال والإقياء، التي يتأثر بها الأطفال، بينما الكبار بعضهم يمكن أن يتأثر وبعضهم لا.
وكان اليوم الأول لتسجيل حالات التسمم في معضمية الشام، في 17 من تشرين الأول الحالي، إذ أعلنت وزارة الصحة تسجيل أكثر من 700 حالة إسهال، بين المدنيين المقيمين في المدينة.
وقالت صفحة "أخبار المعضمية" على "فيسبوك" إن التحقيق الأولي يشير إلى أنّ التلوث مصدره آبار الربوة، التي تضخ المياه إلى المنطقة، دون تأكيدات رسمية.
وأفادت الصفحة، بظهور حالات تسمم لأطفال في "معضمية البلد" و"الحي الغربي" من المدينة، وحذرت الصفحة أهالي المدينة من "شرب المياه الرئيسية لحين إعلانها خالية من أي تلوث".
وكانت منطقة وادي بردى التابعة أيضاً لمحافظة ريف دمشق، شهدت تسجيل عشرات حالات التسمم الناجمة عن شرب مياه غير صالحة للشرب، في شهر كانون الأول من العام الفائت، وسجلت في ذلك الوقت قريتا جديدة الشيباني وأشرفية الوادي، نحو 100 حالة تسمم، (التهاب معوي حاد مصحوب بحالات إقياء وإسهال)، وكان السبب في ذلك الحين ناجماً عن شرب مياه آبار، يشتبه بأنها ملوثة.
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس مدينة “داريا”، “مروان عبيد”، إن عدد حالات التسمم التي راجعت المستوصف ارتفع إلى 110 حالات بحسب تصريح المحافظ.
وبدأت حالات الإسهال نتيجة تلوث المياه تظهر يوم الجمعة الفائت في “معضمية الشام”، قبل أن ينتقل التلوث لاحقاً إلى “داريا”، وسط مخاوف بين الأهالي، وتطمينات من قبل المسؤولين، في وقت ينتظر الجميع معرفة الأسباب الحقيقية.
يذكر أن محافظ “ريف دمشق” كان قد قال عقب جولته على “المعضمية”، إنه «لا داعي لقلق المواطنين من حالات الإسهال التي تعرضوا لها والأمور جميعها تحت السيطرة»، مؤكداً إيقاف ضخ المياه عن كامل المنطقة، وتزويدها بصهاريج مياه من “عين الفيجة”، حتى تنتهي عمليات تحليل المياه ومعرفة أسباب التلوث.
تظهر يوماً بعد يوم تبعات تراكم الإهمال الذي أصاب مناطق ريف دمشق المنكوبة رغم انتهاء العمليات العسكرية فيها منذ عدة سنوات.
وإذا كان تدهور شبكات مياه الشرب وتداخلها مع شبكات الصرف الصحي جزءاً من هذا الإهمال، فقد وصل هذا إلى درجة الخطر الداهم والقاتل. ولا يمكن بطبيعة الحال الوثوق بشكل كامل بتصريحات المسؤولين عن عدم وجود نقص في عمليات التعقيم، ولكن سواء أكان التلوث ناجماً عن إهمال في صيانة الشبكات أو عن نقص في مواد التعقيم، فإنّ النتيجة واحدة مع فارق كبير هو مدى التورط حتى ببعده الجنائي... ناهيك عن الأبعاد السياسية.
إن تدهور الخدمات إلى هذه الدرجة المزرية يشير إلى عجز المؤسسات الخدمية عن تقديم أساسيات العيش للمواطن السوري فيما تلقي اللوم على الأزمات المتتالية، وصولاً إلى تهديد وجودي للناس يتمثل بأدنى حقوقهم: مياه صالحة للشرب!
بالتوازي، تستمر الخدمات من الدرجة الأولى في مناطق أغنى الأغنياء، بل ويبدو الحرص شديداً على إغناء ذائقتهم الفنية بأجمل التماثيل العالمية... في مؤشر على التصاق مؤشر الفساد بسقف العداد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 000