التوحش والدوس على الخطوط الحمراء
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

التوحش والدوس على الخطوط الحمراء

أزمة رغيف الخبز مستمرة، وتستمر معها التبريرات والذرائع غير المقنعة، وعلى هامشها تتسع دائرة الاستغلال، وبالعمق ينتشر الجوع والذل.

بداية لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
-أزمة الخبز ليست مستجدة، فهي قديمة ومزمنة.
-تفاقم الأزمة وزيادة نشاط السوق السوداء على رغيف الخبز تعني أنه غير مؤمن عبر المسالك النظامية بما يلبي كفاية الحاجة له.
-تردي مواصفة وجودة الرغيف، عندما تصبح معممة بكل المخابز، تشير إلى أن المشكلة ليست بعملية التصنيع أو التخمير، بل بنوعية ومواصفة الدقيق المستخدم.
-عندما يتم إغلاق العديد من المخابز الحكومية بنفس الوقت يعني وجود مشكلة في توريدات الدقيق التمويني.
-عندما تقف بعض المخابز الخاصة عن العمل، أو تنخفض كميات إنتاجها، بما في ذلك الخبز السياحي، يعني أن مشكلة نقص الطحين أصبحت معممة.
-بعض الحديث الرسمي بدأ بتجيير المشكلة على توريدات القمح، وهذا اعتراف جزئي بأحد أسبابها.

إذاً هناك مشكلة الآن تتمحور حول وجود نقص بكميات القمح والدقيق التمويني، وهي لاشك لن تستمر، وفي طريقها للحل، وهو ما تم الوعد به، لكن كيف سيتم ذلك؟.

طبعاً بذريعة الإسراع بحل المشكلة سيتم "الاضطرار" لتأمين القمح أو الطحين من خلال صفقات توريد "مستعجلة"، بعيداً عن بعض الاشتراطات التعاقدية المتعارف عليها، وذلك سيكون بداية، ومن كل بد، على حساب (السعر والمواصفة والمنشأ) ولكل من هذه التبويبات هوامشها الربحية، التي سيضاف إليها هوامش الاستغلال بذريعة عامل الزمن، مع عدم إغفال الهوامش الإضافية بذرائع العقوبات والحصار، ولن ننسى طبعاً ما سيضاف إليها من هوامش للفساد.

فهل أزمة الخبز الحالية مفتعلة، أم يقتصر الأمر على استهتار هنا ولامبالاة هناك وضياع مسؤولية فيما بينهما؟.

الأزمة الحالية، كحال سابقاتها المزمنة على الخبز وغيره من المواد "المدعومة"، وبغض النظر عن أسبابها وذرائعها، تم استثمارها واستغلالها على أتم وجه من كافة جوانبها، وعمل بعمقها واستفاد منها كبار الموردين، وحلقات سلسلة الإنتاج والتصنيع، وشبكات السوق السوداء، وطبعاً ما كان لذلك أن يتم بهذا الشكل والنتيجة لولا وجود شبكات فساد كبير مستفيدة أيضاً، وكل ذلك على حساب استغلال حاجة المواطن وأمنه الغذائي ومن جيبه، كما على حساب خزينة الدولة باعتبار المادة "مدعومة".

وما يخشى منه بعد كل ذلك هو المزيد من إجراءات تخفيض الدعم، والذرائع لذلك متاحة دائماً، أي المزيد من الإفقار والجوع والذل، فكل الخطوط الحمراء يتم الدوس عليها تباعاً، وبوقاحة منقطعة النظير، لمصلحة حفنة من كبار الناهبين والفاسدين، بظل الاستمرار بالسياسات الليبرالية المتوحشة المفصلة بأيديهم وعلى مقاسمهم، التي لن تبق لا أخضر ولا يابس في البلد ولأبنائه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
000