رح تدفع.. استهلكت أو ما استهلكت!
بيوم من ذات الأيام ومتل كل صباح، تطلعت الصبح على جاري اللي معمر طابق مخالفات وسارق مياه وكهرباء، وبيمشي يا أرض اشتدي وما حدا قدي، وقلت لحالي وأنا ينتابني شعور بأني مواطن صالح: لآخد معي فاتورة مياه قديمة مشان أدفع اليوم وأدّي واجبي الأخلاقي أمام الله والوطن والتاريخ.
وصلت عالشغل يا فتاح يا عليم، وإذ بالمدير رح يتأخر، فقلت: يا غافل إلك الله، للحق حالي أدفع الفاتورة وأرجع عالشغل قبل ما يوصل المدير وينسى «المفيشين» المداعيم اللي ما بيداومو، ويحاسبني على هالنص ساعة كأني عقرت الناقة، وتسببت بأزمة الخبز والمحروقات.
المهم يا طويلين العمر وصلت على كوّة دفع المياه ودفعت المبلغ المطلوب، ومن كتر سعادتي عدت مهرولاً إلى عملي.
بعد ما رجعت فتحت الفاتورة لدقق معلوماتها وسجلها، كونو الزحمة عند الزلمة ما خلتني أعمل هالشي، وبصراحة من قبل مو صايرة يخربطو بالعداد فما كان حسي التنبُهي للخطر موجود.
قرأت بالفاتورة البيانات: كمية الاستهلاك صفر... قيمة الاستهلاك 330 ليرة!
قلت لحالي: أكيد غلطان.. فرجيتا لزميلي بالمكتب وخليتو يرد يقرأها، فأكدلي أنو كلامي صحيح: كمية الاستهلاك صفر، وقيمة الاستهلاك 330 ليرة.
ما ظبطت معي الحسبة، كيف كمية الاستهلاك صفر ومع هيك حاسبين عليي قيمة استهلاك؟
ولأني مواطن صالح، قلت أكيد في غلط ببرنامج الذكاء الخاص بالمياه اللي بيحسب الاستهلاك والقيمة، وأكيد الشركة اللي عاملة معها مؤسسة المياه عقد مشان أتمتة الفواتير موظفة شي مبرمج مو مختص، لا مخلص جامعة ولا معهد، بتوقع يمكن مشان تخفف التكاليف وتلهط المبالغ الخيالية تبع العقد كاملة.. هيك خيالي جمح باتهام الشركة الخاصة بالبرمجة!
كبّرت معلاق ودقيت لمؤسسة المياه وشرحتلن حالتي، وللحق كانت البنوتة اللي عبترد عالهاتف لطيفة وذات صوت عذب، ممّا شجعني أني أسترسل بالحديث وأشرحلا أكتر عن ساعة المياه والجيران المبذرين..
المهم، وبلا طول سيرة قالت الموظفة بالأخير: «هي سياسة المؤسسة أستاذ». وشرحت سياسة المؤسسة الحكيمة، بأنو تخصم مبلغ استهلاك 30 متر إذا كانت قيمة الاستهلاك صفر لأنو بيكون الشخص المسؤول عن قراءة العدادات ما لحق يطلع ويشوف العداد!
هون بلّش صوت الموظفة العذب ما عاد نافع معي، وبلشت جاقر وسألتا وأنا يا معتر مفكر أنو حقي: «طيب يا آنسة» ... «مدام لو سمحت» ... «طيب يا مدام أنا شو ذنبي أنو قارئ العدادات ما لحق يطلع؟ وبكل حال طيب ليش ما سجلتولي ياهن سلفة بحسابي مشان تنخصم من الكمية المصروفة وقت حضرة القارئ يقرا؟ وطيب بس يفضى حضرتو يطلع يقرا يا ترى بتحسبولي هي الـ 30 متر مضافة للي بدو يقرا؟ وإذا قرأ غلط «مع أنو هي للحق اختصاص قارئ عداد الكهرباء بالعادة» فاللي رح تحسبون زيادة.. وقدم طلب تقسيط الدفعات على شرائح.. رح تاخدو بالاعتبار أني دافع سلف؟ يعني إذا الواحد تغاضى عن كمية الرسوم والضرايب اللي مدفعيني ياها، معقول نقدر نتغاضى عن رسوم وضرايب جديدة.. بس لأنكن سميتوها مدري شو...!!
الحق يقال ضلت المدام عم تسمعني بكل صبر، وقالتلي كرد على جميع تساؤلاتي: «هي سياسة المؤسسة أستاذ».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 987