النشرات الخلّبية.. والقول الفصل للمتحكمين في السوق
أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نشرة أسعار المواد والسلع الأساسية المؤرخة في 29/9/2020، وقد شملت النشرة السعرية 22 مادة، تضمنت أسعار مبيع المستورد أو المنتج- أسعار مبيع تاجر الجملة- وسعر مبيع بائع المفرق.
المفارقة، أن النشرة التي جرى التسويق لها على أنها إنجاز وزاري بموجب تكليف حكومي، لم تختلف من حيث الجوهر عن آليات التسعير السائدة، التي تعتمد على ما يقدمه المنتج والمستورد من بيانات وتكاليف، ولا من حيث النتيجة على مستوى الأسعار في الأسواق.
تكليف حكومي
يشار بهذا الصدد، أن الحكومة خلال جلستها الأسبوعية بتاريخ 23/8/2020، كانت قد كلفت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتقديم دراسة «تتضمن التكاليف الحقيقية لتوفير 20 مادة أساسية والأكثر ضرورة للسلة الاستهلاكية، واقتراح أسعارها بما يسهم في ضبط حركة الأسواق ويحد من حالات الاحتكار».
وقد أتى التكليف أعلاه على ضوء ارتفاعات الأسعار الكبيرة التي طالت غالبية السلع والمواد في الأسواق، وخاصة السلع الغذائية الأساسية.
وبعد مضي أكثر من شهر صدرت النشرة أعلاه، التي تم تحديدها من قبل لجنة التسعير في الوزارة «بما يتناسب مع سعر التكلفة، وذلك في إطار الجهود المبذولة لضبط الأسعار»، بحسب ما ورد عبر وكالة سانا بتاريخ 3/10/2020.
وقد تضمنت النشرة المواد والسلع التالية: (السكر- الأرز الصيني- زيت دوار الشمس- السمن النباتي- شاي بيكو خشن- تونا خشنة- سردين- العدس الحب- العدس المجروش- الحمص الحب- المتة- البرغل- المعكرونة- الشعيرية- البن من دون هيل- الفروج الحي- الفروج المذبوح المنظف- البيض- لحم الغنم الحي- لحم الغنم بعظمه- لحم العجل الحي- لحم العجل الهبرة).
دور شكلي
بيّن مدير الأسعار في الوزارة، بحسب ما نقلته صحيفة الوطن بتاريخ 3/10/2020 أن: «الوزارة تبذل جهودها لضبط أسعار العديد من السلع الغذائية، للحد من آثار تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية على أسعار هذه المواد التي تهم الأسرة وتعتبر رئيسة على موائد السوريين».
في المقابل، فقد اعتمدت الوزارة في تحديد الأسعار الواردة في النشرة على التكاليف المقدمة لها، أي: إن المستوردين والمنتجين هم من حدد أسعار التكلفة عملياً، لتقوم الوزارة بإصدار نشرتها وفقاً لهوامش الربح المعتمدة لكل حلقة من حلقات التجارة فقط.
ومما نقل عن لسان مدير الأسعار بهذا الصدد: «حددت لجنة التسعير بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار هذه المواد بما يتناسب وسعر التكلفة، وتعتبر هذه النشرة سارية المفعول مدة 15 يوماً، ويعاد النظر فيها من لجنة التسعير وفق التكاليف التي تقدم من أصحاب الفعاليات التجارية، مؤكداً: أن «الوزارة تحرص على وضع هوامش أرباح منطقية وعادلة وغير مجحفة بحق المواطن، وبما يتناسب مع التكاليف التي تقدم لها».
وبعيداً عن الخوض في تفاصيل النشرة، فإن الواقع الفعلي للأسعار في السوق يختلف كلياً عما ورد في متنها! والنتيجة، أن «الحد من آثار تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية على الأسعار» مؤقت ارتباطاً بالتكاليف التي تُقدم من الفعاليات التجارية، وبسقف زمني مدته 15 يوماً، أي: إننا سنكون بانتظار نشرات سعرية مركزية، وبشكل دوري، شبيهة من الناحية العملية بنشرات الأسعار الشكلية الصادرة عن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات، ولتبقى كلمة الفصل في الأسواق على مستوى السعر والمواصفة للمتحكمين بها من الكبار!.
لا جديد
المتتبع لآليات العمل في الوزارة يعلم أن النشرة الصادرة لم يرد فيها أي جديد جوهري.
فأسعار المواد والسلع، الغذائية وغيرها، سواء المنتجة أو المستوردة، تُحدد من قبل المنتج والمستورد استناداً لبيانات تكاليفها، كي يتم التقيد بها من قبل هؤلاء خلال عمليات البيع، مع وضع هوامش الربح المعتمدة لكل حلقة تجارية، وبموجب فواتير وبطاقات بيان بحسب القانون والتعليمات، حيث من الممكن أن يتم التقدم بهذه التكاليف للوزارة أو مديرياتها عند اللزوم فقط.
فما الجديد الذي تضمنته النشرة الجديدة، طالما أنها اعتمدت على بيانات التكاليف نفسها، ومن المصادر نفسها، ووفقاً لهوامش الربح المعتمدة للحلقات التجارية، ربما باستثناء تجميعها بنشرة واحدة؟
وهل التكاليف المقدمة من الفعاليات التجارية هي نفسها «التكاليف الحقيقية» التي تم الحديث عنها حكومياً، وتم تكليف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدراستها «بما يسهم في ضبط حركة الأسواق ويحد من حالات الاحتكار»؟
وماذا بقي من دور حكومي للحد من الآثار التي تم الحديث عنها أعلاه؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 986