مسحات (بي سي آر) والحلول نصف الذكية

فبعد أن تم تحديد بعض المراكز الطبية في دمشق لإجراء مسحات الكشف عن فيروس كورونا بالنسبة للراغبين في السفر وبكلفة 100 دولار، أو ما يعادلها بالليرة السورية للسوريين، أعلنت الوزارة أن إجراء هذه المسحات أصبح ضمن مدينتي الجلاء وتشرين الرياضيتين، بدلاً من المراكز المعتمدة سابقاً، ثم أُدخلت أخيراً المخابر الخاصة على هذا الخط!.

مشكلة مدورة وحلول ارتجالية

تغيير مراكز إجراء المسحات من قبل الوزارة وتحويلها للمدن الرياضية كان بغاية تخفيف الضغط على هذه المراكز، ولعودتها لممارسة مهامها بتقديم خدماتها الطبية المعتادة للمراجعين، طبعاً بعد حصاد الكثير من المشاكل الناجمة عن الازدحام أمام هذه المراكز خلال الفترة الماضية، وما شاب العملية من أوجه محسوبية وفساد في بعض الأحيان، ناهيك عن هدر الوقت الثمين بالنسبة للراغبين في السفر، بين المصارف وبين المراكز وطوابيرها، وخسارة بعضهم لحجوزاتهم المسبقة بسبب التأخر باستلام نتائج المسحات.
لكن التحويل للمدن الرياضية لم يحل المشكلة، فالازدحام استمر، وكذلك المشاكل الناجمة عنه، بالإضافة طبعاً لعوامل المحسوبية والفساد والوساطات، وقد جرى تداول العديد من الصور التي توثق ذلك، بالإضافة لبعض مقاطع الفيديو أيضاً.

حل غير منسق مع أصحاب الشأن

الإجراء التالي لحل المشكلة من قبل الوزارة تمثل بإعلانها أنه يمكن للراغبين إجراء اختبار /بي سي آر/ الخاص بالكشف عن فيروس كورونا في المخابر الخاصة في دمشق وهي (القطرنجي والخطيب وهدى سبح ومازن كنج وناجي سابا)، لكن ذلك الإعلان كان على ما يبدو دون التنسيق مع هذه المخابر!.
فقد ورد عبر أحد المواقع الإعلامية عن رئيس هيئة مخابر التحاليل الطبية في سورية بتاريخ 15/8/2020: «إن المخابر الخاصة التي حددتها وزارة الصحة لإجراء تحليل «PCR» الخاص بتشخيص فيروس كورونا للراغبين بالسفر، لن تكون قادرة على ذلك قبل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع».
وكان قد سبق ذلك اعتذار من قبل مخبر القطرنجي للتحاليل الطبية «وذلك لعدم توفر المواد المخبرية اللازمة لإجراء التحليل» بحسب بعض وسائل الإعلام.

هل يحل نصف الذكاء المشكلة

بعد شد وجذب، ومع استمرار المشكلة، كانت الخطوة الوزارية الأخيرة من أجل حل مشكلة الازدحام وتداعياتها عبر استخدام «الذكاء» المرتبط ببعض الأرقام الهاتفية المخصصة لهذه الغاية.
فقد ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 15/8/2020: «نود إبلاغ المواطنين الراغبين بإجراء اختبار الكشف عن فيروس كورونا (بي سي آر) بداعي السفر: أن وزارة الصحة خصصت رقماً رباعياً لحجز موعد إجراء مسحة ضمن النقاط الطبية التي اعتمدتها في دمشق اعتباراً من يوم غد الأحد الموافق ١٦ آب ٢٠٢٠ لتخفيف حالة الازدحام التي شهدتها النقاط في الأيام الماضية. وخصصت الوزارة رقماً رباعيأ ٩١٩٥ لأخذ موعد لإجراء المسحة، حيث يمكن للراغبين الاتصال بين الساعة التاسعة صباحاً والواحدة ظهراً خلال أيام الدوام الرسمي، وإعطاء بيانات الاسم ورقم الهاتف وموعد السفر، وبناء عليها ترسل في اليوم ذاته رسالة نصية للمتصل يحدد فيها موعد إجراء المسحة، بما يراعي موعد السفر والعدد المحدد للمسحات يومياً وهو ٣٠٠ مسحة، ومكانها سواء في مدينة الجلاء الرياضية أو تشرين الرياضية أو صالة الفيحاء الرياضية. ويطلب من المواطنين عند ذهابهم لإجراء المسحة في الموعد المحدد بالرسالة إحضار جواز السفر وتذكرة الطيران وإبراز الرسالة التي وصلتهم، وسيتم دفع قيمة المسحة في المركز دون الحاجة للذهاب إلى أحد فروع المصرف التجاري باستثناء الدبلوماسيين الذين سيدفعون قيمتها بالدولار في المصرف».
الحل أعلاه، اعتمد على نصف ذكاء متمثل برسالة نصية فقط، بعد جمع بيانات عبر الاتصال الهاتفي المباشر بغاية استكمال البيانات الشخصية لكل مسافر، وفي الذهن طبعاً أوجه المعاناة مع الاتصال الهاتفي بالجهات الحكومية!.
ومع تحديد سقف للمسحات اليومية بـ 300 مسحة، نتساءل: هل الرقم الرباعي المخصص لهذه الغاية من قبل الوزارة كافٍ لاستكمال أخذ بيانات 300 مسافر، وخلال الساعات المحددة بأربع ساعات فقط من التاسعة صباحاً حتى الواحدة ظهراً؟
لن نستبق الأمور، وننتظر ما سيتمخض عنه الارتجال لاحقاً!.