الكورونا وتداعي الخط الدفاعي الأول والأخير..
سمير علي سمير علي

الكورونا وتداعي الخط الدفاعي الأول والأخير..

لم يعد هناك أدنى شك من دخولنا مرحلة جديدة ومخيفة من انتشار وباء الكورونا، ولعل الدليل الأوضح على ذلك هو: تسجيل المزيد من الإصابات والوفيات، وخاصة في الطواقم والكوادر الطبية مع كل أسف.

لن نتحدث عن الدور الحكومي على مستوى الرعاية الصحية العامة، فواقع الحال يقول: إن العجز الحكومي «ضرب أطنابه» في هذا المجال، والحكومة سبق أن أعلنت: أن المسؤولية الأولى على مستوى الحد من انتشار المرض تقع على عاتق المواطنين ووعيهم وثقتها بهذا الوعي، متهربة من مسؤوليتها وواجباتها على هذا المستوى.

التحلل من المسؤوليات

ما يجب التوقف عنده، هو تتالي وزيادة أعداد الإصابات في الطواقم الطبية، وما يرشح عن واقع المشافي وظروفها، وظروف عمل هذه الطواقم فيها.
فإذا كان الجهاز الدفاعي الأساس في المنظومة الصحية، المتمثل بالكادر الطبي بدأ يتعرض للإصابات، فكيف سيكون عليه الحال على المستوى العام؟
الإصابات في الكادرات الطبية، تعني فيما تعنيه: أن مستلزمات الوقاية الفردية والمكانية غير متوفرة، أو ليست بالمواصفة والجودة المطلوبة، وبعد ذلك ربما يأتي الحديث عن الدور الفردي الخاص على هذا المستوى.
فهل وفرت الحكومة عبر وزارة الصحة، كجهة معنية ومسؤولة- بشكل مباشر عن هذه الكادرات- مستلزمات وضرورات الوقاية الفردية والمكانية من معقمات وكمامات وألبسة خاصة وغيرها، في المشافي وفي المستوصفات وأماكن العزل والحجر، أم أنها ألقت بمسؤولية ذلك على كاهل الكادر الطبي العامل في هذه القطاعات؟

المواجهة أعنف وأخطر!

بحسب بعض الشهادات المتناقلة، فإن كميات ما يتم توزيعه من هذه المستلزمات لا تكفي الحاجة الفعلية بهذه الأماكن وللكادرات العاملة فيها، مما يضطر الكثير منهم لتأمين بعض المستلزمات الشخصية على حسابه، وخاصة المعقمات الفردية والكمامات، وهي مكلفة بلا شك!
على ذلك، ربما يمكننا القول بكل أريحية: إن الحكومة لم تضحّ بسلامة وصحة المواطنين فقط، بل بسلامة وصحة الكادرات الطبية التي تقع على عاتقها مسؤولية الصحة العامة بالشكل المباشر بحسب مواقع عملها.
فمع التخلي عن المهام العامة، لم يبق إلا الخط الدفاعي المتمثل بالكاردات الطبية، ومع بدء تداعي هذا الخط، فإن ذلك يعني: أن المواجهة مع الوباء أصبحت أعنف وأخطر، ونتائجها ستكون مزيداً من الإصابات والوفيات.

أين أجهزة التنفس المبتكرة؟

على جانب آخر، ومن جملة ما تتطلبه المنظومة الصحية لمواجهة الوباء افتراضاً، جرى الحديث منذ أشهر عن غرف العناية وتجهيزاتها، وخاصة أجهزة التنفس، وأعدادها المحدودة.
كما جرى الترويج للكثير من المبادرات على مستوى تصنيع هذه الأجهزة محلياً، عسى تكفي الحاجات الفعلية وقت الضرورة.
الآن، على ما يبدو أن الضرورة أزفت، فأين أصبح كل الترويج والحديث الإعلامي عن المبادرين والمصنعين والمبتكرين، الذين وضعوا لنا الكثير من الصور عن ابتكاراتهم؟
فواقع الحال يقول: إن الكثير من المرضى لم يجد لهم ذووهم أماكن في غرف العناية، ولم تتوفر لهم أجهزة التنفس المطلوبة داخل المشافي، حيث يتم الطلب غالباً أن يتم توفير أسطوانات أوكسجين منزلية للعناية ببعض المرضى في بيوتهم، وهذا الأمر طبعاً غير متاح للغالبية المفقرة، ما يعني تردي حالتهم الصحية حكماً.

الحكومة تنام في العسل والمسؤولية بعهدتنا..

الحديث أعلاه، ليس للتهويل ولبث الرعب بقدر ما هو أقرب للتوصيف بغاية اتخاذ المزيد من إجراءات الحيطة والحذر، ومن الإجراءات الضرورية على مستوى الوقاية الفردية والتباعد الاجتماعي، فالمسؤولية أصبحت بجلها بعهدتنا كمواطنين رغماً عنا!
فالمشافي مكتظة، والكادرات الطبية مرهقة وبدأت تتداعى، والحكومة تنام في العسل، وجل ما تقوم به: هو ممارسة توجيه النصائح وتحميلنا المسؤوليات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
975
آخر تعديل على الإثنين, 20 تموز/يوليو 2020 15:11