بدل التعطل وذكاء الرسائل النصية
سمير علي سمير علي

بدل التعطل وذكاء الرسائل النصية

ليس غريباً تقاذف المسؤوليات والتهرب منها في أروقة الحكومة، وبين وزاراتها وجهاتها التابعة، وآخر مثال على ذلك كان حول موضوع صرف البدل النقدي للمتعطلين جراء أزمة الكورونا، والذي تم إقراره من الحكومة على إثر إجراءات الوقاية والحظر التي تم اتخاذها بحينه، فبعد طول انتظار ومطمطة، لم يتم صرف هذا البدل النقدي للمتعطلين قبل العيد حسب المتوقع، والسبب بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية هو وزارة المالية.

فقد أقرت الحكومة بتاريخ 5/4/2020 ما تمت تسميته بـ»الخطة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة»، وذلك بهدف «حشد كل جهود الجهات الرسمية المعنية والمجتمع الأهلي والمحلي لدعم الفئات والشرائح الأكثر احتياجاً بعد سبر كل البيانات اللازمة بالتنسيق مع اتحادات الغرف المعنية واتحاد نقابات العمال ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل».

المسجلون أكثر من 300 ألف متعطل

استناداً لقرار الحكومة، أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل «الحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة»، وذلك بشكل رسمي بتاريخ 16/4/2020، حيث تم فتح حساب مصرفي خاص بها «بهدف تأمين احتياجات الفئات التي تستهدفها الحملة من المسنين فوق 70 عاماً والأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص الذين تعطلت أعمالهم بسبب التدابير الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا». مع التوضيح بأن بدل التعطل «سيكون لمرة واحدة وبحد أعلى مئة ألف ليرة سورية للعمال الذين توقفت أعمالهم نتيجة الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا». كما أطلقت قناة رقمية خاصة من أجل تسجيل بيانات المتعطلين من خلالها.
وبتاريخ 29/4/2020 بحسب وكالة سانا: «وصل عدد المسجلين عبر القناة الرقمية التي أطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للاستفادة من الحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة حتى أمس إلى 305695 شخص، منهم: 248530 ضمن فئة العمال المتعطلين عن العمل نتيجة الإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا و32709 أشخاص فوق السبعين عاماً و24456 من ذوي الإعاقة وذلك وفق تقرير للوزارة».
وأوضحت الوزارة: أنه «سيتم صرف بدل تعطل عبر الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية بعد عرض القوائم والأعداد ونتائج التحقق، وسيكون الصرف بشكل تدريجي للقوائم الجاهزة مشيراً إلى أن التركيز في الصرف سيكون على العمال المياومين والموسميين في مجالات النقل، ولا سيما سائقي السرافيس والحرف اليدوية والمنتجات الشرقية والإسمنتية وعمال الحمل والعتالة والمصورين والأدلاء السياحيين وعمال البناء، ومختلف أنواع المنشآت السياحية المتوقفة بمن فيهم عمال الكافيتريات والمقاهي وصالات المناسبات والمتنزهات الشعبية».

التبرعات خلال شهر 32 مليون ليرة فقط

بحسب وكالة سانا بتاريخ 16/5/2020: «بلغت قيمة التبرعات للحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة التي أطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حتى الآن 32 مليون ليرة سورية، وذلك عبر الحساب المصرفي الذي خصصته الوزارة بالتنسيق مع وزارة المالية لاستقبال مساهمات وتبرعات الأفراد والفعاليات الاقتصادية والشعبية والمحلية سواء من داخل سورية أو خارجها لصالح الحملة وفق مدير التخطيط والتعاون الدولي بالوزارة محمود الكوا».
وأشار الكوا إلى أنه «يتم تمويل الحملة إضافة إلى الحساب المصرفي من ميزانية الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية وحشد الموارد من خلال مساهمة الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية».
وأشار الكوا إلى أن «وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والمالية تعملان بالطاقة القصوى من أجل تسليم الدفعة الأولى لمستحقي بدل التعطل الذين تم الانتهاء من تدقيق بياناتهم خلال الأسبوع الجاري، لافتاً إلى أن قيمة بدل التعطل تبلغ 100 ألف ليرة سورية تعطى مرة واحدة لكل مستحق من المياومين والموسميين وفق القطاعات الأكثر تضرراً».

تأخر وتقاذف مسؤوليات

المتعطلون الذين سجلوا بياناتهم عبر القناة الرقمية كانوا قد استبشروا خيراً من أن بدل التعطل سيتم صرفه لهم قبل حلول عيد الفطر، لكن لم يجر ذلك مع الأسف، والسبب في ذلك بحسب ما تم نقله عن لسان وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل «هو أن وزارة المالية لم تتمكن من إنجاز كل شيء، ما أدى لتأخر صرف المنحة لبعد عيد الفطر»، وذلك بحسب ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام نقلاً عن موقع «الوطن اون لاين» بتاريخ 23/5/2020. مضيفة «أنهم تابعوا مع المالية العمل لتسليم المنحة للعدد الأكبر الممكن بسقف 20 ألف مستفيد للمرحلة الأولى، وأرسلوا قائمة أسماء بعدد 9699 مستحقاً، ولفتت إلى اضطرارهم إرسال القوائم على دفعات نظراً لتزامن التسديد مع استحقاق الرواتب ومكافآت المسرحين، ما يخفف العبء عن وزارة المالية، ويتيح المزيد من الوقت للتدقيق لدى الجهات ولدى الوزارة».

بانتظار الرسالة النصية بعد العيد!

بحسب وكالة سانا بتاريخ 23/5/2020 «أعلن الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليوم القوائم الاسمية لنحو 19 ألف مستفيد من بدل التعطل البالغ قيمته 100 ألف ليرة، وذلك ضمن الحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة»، وبيّن مدير عام الصندوق المهندس لؤي العرنجي أن: «الأسماء المعلنة تم تدقيق بياناتها بالتنسيق مع فرق العمل، والاتحاد العام لنقابات العمال، واتحاد الحرفيين ووزارة السياحة وتشمل القطاعات الأكثر تضرراً من عمال المنشأة السياحية وبعض الحرف اليدوية، وعمال البناء وعمال الحمل والعتالة مبيناً أنه ستصل رسائل نصية على الموبايل للأشخاص المستهدفين بالدفعة الأولى لإعلامهم بوقت تسلم بدل التعطل، كل حسب محافظته حيث سيتم تسليمهم عبر مديريات المالية في المحافظات بعد عطلة عيد الفطر».
الخبر أعلاه، استقبله المتعطلون بكثير من البرود بعد طول الانتظار والمطمطة، وبعد زوال الحالة الاضطرارية التي فرضت المعونة أصلاً، والتي كان من المفترض أنها إسعافيه لهؤلاء في حينها، برغم استمرار حاجتهم لها ولأية معونات أخرى، وتحت أي مسمى بظل واقع التردي المعيشي المعمم.
أما ما يخشاه هؤلاء فهو أن يتوه بدل التعطل بعد كل الانتظار، بالاعتماد على ذكاء الرسائل النصية، التي ذاقوا المرار منها ارتباطاً بالمواد «المدعومة»، خاصة وأن القوائم الإجمالية لم تستكمل حتى الآن، ولا أحد يعلم متى سيتم الانتهاء من إنجاز هذه القوائم وصولاً لصرفها، فبعد أكثر من شهر لم يتم إنجاز إلا 19 ألف مستفيد، ولم يتم صرف البدل لهم حتى تاريخه، فكيف مع بقية المستفيدين!؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
967
آخر تعديل على الخميس, 11 حزيران/يونيو 2020 17:20