أهالي رأس العين وتل أبيض.. معاناة مستمرة بانتظار الخلاص

لا يزال أهالي مدينتي رأس العين، التابعة لمحافظة الحسكة، وتل أبيض، التابعة لمحافظة الرقة، يعانون الويلات بسبب الاحتلال التركي لهاتين المدينتين والمناطق التابعة لهما منذ نهاية العام الماضي، وبسبب ممارسات المجموعات المسلحة المدعومة من الاحتلال.

ففي مدينة رأس العين وقراها لا تزال عمليات النهب والسلب والخطف بحق المواطنين وممتلكاتهم قائمة حتى اللحظة، أضف إلى ذلك عمليات السطو التي تنفذها المجموعات المسلحة على المنازل والمحال التجارية التي يرفض أصحابها دفع الإتاوات لتلك المجموعات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض تلك العائلات لا تستطيع دفع المبالغ الباهظة التي يتم فرضها، إضافة إلى التضييق الذي تمارسه هذه المجموعات على المتبقين من الأهالي الذين ما زالوا متواجدين في منازلهم، بغية تهجيرهم والسيطرة على ممتلكاتهم.
وما يجري بحق الأهالي في منطقة رأس العين ينطبق كذلك على الأهالي في منطقة تل أبيض، وجميع المناطق التي أصبحت تحت سيطرة المجموعات المسلحة المدعومة من الاحتلال التركي.

احتلال وموجات نزوح ومعاناة

منذ أواسط تشرين الأول 2019، اجتاحت المجموعات المسلحة، هاتين المدينتين بدعم ومساندة مباشرة من قبل الجيش التركي، لتقع كامل المنطقة الواقعة بين المدينتين تحت الاحتلال التركي، ليوسع من خلالها خارطة سيطرته على الأراضي السورية بعد احتلاله مناطق عفرين وجرابلس، وصولاً إلى الباب واعزاز بريف حلب، وقد بدأت موجات نزوح ولجوء أبناء هذه المناطق مع هذا الاحتلال، كما هو الحال في المدن والمناطق التي سبقتها، مع تسجيل الكثير من ممارسات الانتهاكات والتنكيل بحق المتبقين من الأهالي في هذه المناطق، والمعاناة التي يعيشها من اضطر للنزوح عنها.
وتجدر الإشارة إلى أن «قاسيون» كانت قد سلطت الأضواء على معاناة الأهالي جراء هذا الاحتلال والممارسات التنكيلية بحقهم من قبل المجموعات المسلحة، بالإضافة لمعاناتهم في مخيمات اللجوء، من خلال العديد من المقالات والمواد خلال السنوات الماضية، وخاصة على الجوانب التي يتم تغييبها عمداً وقصداً عن وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل القوى الفاعلة فيها، والمتداخلة على، الأزمة السورية عموماً، ومنها مثلاً مادة بعنوان: «مخيم واشوكاني معاناة وترد خدمي» في العدد /950/.

طرد وتهجير واستيلاء ونهب

يقول أحد أبناء مدينة رأس العين الوافدين نزوحاً إلى مدينة الحسكة: إن منزله الكائن في حي المحطة داخل المدينة تحتله عائلتان من عائلات مرتزقة الاحتلال، وهذا الوضع ينطبق على كل منازل الحي، حيث يقوم الاحتلال التركي بين فترة وأخرى بجلب دفعات من عائلات المرتزقة وتوزيعهم على منازل الأهالي المهجرين، بإشراف مباشر من قبل استخبارات الاحتلال التركي.
ويضيف الرجل البالغ من العمر خمسين عاماً: إن أغلب منازل أحياء المدينة استولى عليها مرتزقة الاحتلال، وخاصة أحياء المحطة والحوارنة وشارع الكنائس والكورنيش، وإن جرائم أولئك المرتزقة لم تقتصر على الاستيلاء على المنازل فقط، بل شملت أيضاً المحال التجارية وأرزاق الأهالي، عبر مرتزقة يشتغلون بتجارة العقارات بالتنسيق مع الاحتلال التركي، حيث استولوا على المحال التجارية وقاموا بافتتاحها واستخدامها لمصالحهم.
وفي السياق ذاته أكدت مصادر عديدة من ريف مدينة رأس العين: إن المجموعات المسلحة المدعومة من الاحتلال التركي وزعوا العشرات من عائلات المرتزقة على القرى القريبة، وخاصة التابعة لناحية أبو راسين، وقرى مريكيز ولزقة وجان تمر، واستولوا على المشاريع الزراعية الخاصة بالأهالي وبدأوا باستغلالها لمصلحتهم بشكل كامل، بحيث لا يسمحون للأهالي بتفقد منازلهم أو العودة إليها، فقد تعرض الكثير منهم للسجن والتعذيب والطرد من المنطقة بمجرد محاولتهم العودة والسؤال عن منازلهم وأرزاقهم.

المياه ورقة ضغط إضافية

بين الفينة والأخرى، تقوم قوات الاحتلال بقطع المياه عن مدينة الحسكة وذلك عبر إيقاف محطة مياه قرية علوك عن الضخ، حيث قامت بقطع المياه حتى كتابة هذه السطور للمرة السادسة منذ بداية العام، معرضين بذلك أكثر من حوالي المليون نسمة من سكان الحسكة إلى العطش.
ويشار إلى أن الجيش التركي، والمجموعات المسلحة المدعومة منه، كانت قد استهدفت في الثاني من نيسان الفائت خط جر المياه من محطة علوك في قرية (أم الكيف) شمالي تل تمر، ما أدى لانقطاع المياه عن الحسكة وريفها حينها.
وبحسب مصدر من مديرية المياه التابعة (للإدارة الذاتية) لقاسيون: بأن الجيش التركي كان قد منع العمال من دخول المحطة قبل عشرة أيام، قبل أن يقوم بإيقاف الضخ يوم الخميس 7 أيار.

مساعي تتريك فاشلة

بالتوازي مع كل ممارسات الطرد والتهجير والسلب والنهب، هناك مساعٍ محمومة لفرض «التتريك» على تلك المناطق من قبل الاحتلال وعبر مرتزقته من المجموعات المسلحة، وذلك عبر محاولات فرض المناهج التعليمية التركية، وإجبار الأهالي على التعامل بالليرة التركية، بالإضافة للربط مع بنية الخدمات التركية في هذه المناطق، مثل: شبكة الاتصالات وغيرها، بالإضافة إلى سيطرتهم على المحاصيل الزراعية من قمح وشعير وغيرها، وتحويلها إلى صوامع الحبوب التركية في المدن المحاذية للحدود السورية، كمساعٍ يائسة لفرض أمر واقع على أهالي المنطقة، الرافضين لهذه المحاولات الفاشلة، حيث يواجهونها بإمكاناتهم المحدودة والذاتية مكانياً، لكن المتضافرة مجتمعياً، مع ما يعنيه ذلك من ضغط إضافي عليهم وممارسات جائرة بحقهم.

الخلاص والحل الشامل

أبناء هذه المناطق، وبظل ما تعرضوا ويتعرضوا له من ممارسات وضغوط، يتطلعون إلى حل يعيد من اضطر منهم للنزوح داخلاً، واللجوء خارجاً، إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم وأرزاقهم، وينجي الموجودين تحت سلطة المجموعات المسلحة المدعومة من الاحتلال التركي من العذابات والممارسات القمعية بحقهم، وصولاً للخلاص من الاحتلال ومرتزقته بشكل نهائي، واستعادة سلطة الدولة بشكل كامل على هذه المناطق، كي يستعيدوا أراضيهم وممتلكاتهم ومصادر رزقهم وحياتهم، تكاملاً مع تطلعات السوريين جميعاً بالخروج من أزمتهم من خلال الحل السياسي الناجز والشامل عبر تنفيذ القرار 2254 كاملاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
965
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 14:05