ارتفاع أسعار واستغلال وتهريب.. أين المفر؟!
انخفضت أسعار بعض الخضار والفواكه في الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن وصل بعضها لدرجات فلكية في الارتفاع خلال الشهر الماضي، ترافقت مع الكثير من التذمر والاستياء، خاصة في ظل كثرة الحديث عن تهريب كميات كبيرة منها، وجرى ضبط بعضها عبر الجمارك اللبنانية، وليس السورية مع الأسف!.
فما هو السبب الحقيقي خلف هذا الانخفاض في ظل مساعي تجيير «فوائده» على المستهلكين، رغم ضحالتها؟.
فهل كان بسبب تشديد الرقابة على الأسواق، من قبل مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك؟.
أم نتيجة تدخل السورية للتجارة في الأسواق لمصلحة المستهلكين؟.
أم بسبب وقف التصدير والحدّ من التهريب؟.
أم أن آليات العرض والطلب المتحكم بها ما زالت هي السائدة وتفعل فعلها؟.
إمكانات محدودة وسلة استهلاك متراجعة
ارتفاعات الأسعار المستمرة وغير المبررة، وخاصة على المواد والسلع الغذائية، كانت وما زالت تشكل عبئاً على المواطنين، ومصدراً من مصادر معاناتهم، وذلك لانعكاسها المباشر على معيشتهم التي تتردى يوماً بعد آخر، وقد كان لارتفاعات الأسعار الكبيرة على الخضار والفواكه انعكاسات سلبية إضافية.
فالمواطنين الذين اضطروا لتخفيض معدلات استهلاكهم من الغذائيات، وخاصة اللحوم الحمراء، وحتى بعض المشتقات الحيوانية الأخرى، مثل: الأجبان أيضاً، بسبب تدهور قدرتهم الشرائية بشكل كبير، كانوا قد استعاضوا عنها بالفروج والبيض، وبالخضار المتوافرة في الأسواق، سواء كانت بمواسمها، أو خارج هذه المواسم، وبعض هذه الخضار من الضرورات التي من الصعب الاستغناء عنها على أية مائدة، كونها تدخل في الكثير من «الطبخات»، مثل: (البصل- الثوم- البندورة- الليمون..)، وهذه المواد تحديداً طالتها الندرة والارتفاعات الكبيرة في الأسعار مؤخراً، بما في ذلك البيض، حيث أصبحت خارج سلة الاستهلاك للمواطنين أيضاً.
أما ما يفقأ العين، بالإضافة لكل أشكال الاستغلال في الأسواق والتحكم بها، فقد كان ما تداولته وسائل الإعلام حول ضبط الجمارك اللبنانية لكميات كبيرة من السلع الغذائية القادمة من سورية تهريباً، على عدة دفعات، وخلال أيام متباعدة، والتي تحوي الخضار والفواكه والبيض، وغيرها من السلع الغذائية الأخرى، مع عدم إغلاق أبواب التصدير لبعض هذه السلع، في الوقت الذي تشهد السوق المحلية ندرة فيها، وارتفاع سعري عليها.
لا رقابة ولا تدخل ولا حد للتهريب!
بالعودة لموضوع انخفاض أسعار بعض الخضار والفواكه مؤخراً، فمن الجلي أن الموسم هو موسم الخضار والفواكه، لذلك فقد طال الانخفاض السعري بعض هذه المواد كونها في موسمها فقط، علماً أنها بقيت أعلى من أسعار الموسم الماضي، فالانخفاض محدود وغير شامل، ولا ثبات فيه، وما زالت أشكال الاستغلال مستمرة، بل وتزايدت خلال شهر رمضان.
فلا عمليات الرقابة على الأسعار في الأسواق، إن وجدت، كانت السبب في انخفاض أسعار بعض الخضار والفواكه، فعمليات البيع والشراء في أسواق الهال متحكم بها كماً وسعراً.
ولا تدخل السورية للتجارة عبر صالاتها كان له ذاك الأثر على الأسعار، فأسعارها قريبة من سعر السوق، وبعضها أعلى، ربما مع بعض الفروقات الهامشية التي لا تذكر.
ولا أثر للحد من عمليات التهريب الجارية على المواد والسلع الغذائية، أو غيرها، ومع الأسف فإن عمليات الضبط لهذه المهربات الكبيرة تجري خارج الحدود من قبل عناصر الجمارك في بلدان الجوار، وليس من قبل عناصر الجمارك السورية، فكيف بالكميات الكبيرة غير المضبوطة الأخرى، فمسارب التهريب تعمل بكل جد ونشاط على ما يبدو، دون حسب أو رقيب!.
والنتيجة، أن آليات العرض والطلب قائمة ومتحكم بها استغلالاً من قبل تجار أسواق الهال، على الكمية المسوقة محلياً من الخضار والفواكه، في كافة أسواق ومحلات المفرق للمستهلكين، وعلى حسابهم.
لا مبالاة مستفحلة
الحديث عن الأسعار هو الشغل الشاغل للمواطنين، والمعاناة من تبدلات الأسعار وما يرافقها من عوامل استغلال كبيرة لم تتغير، بل تتزايد مع كل يوم، وخاصة خلال شهر رمضان، ومع كل مناسبة أخرى، وحتى بلا مناسبة أيضاً.
الفقر يتوسع، والجوع يتزايد، والاستغلال يتعمق، فأين المفر، في ظل تراجع سلة استهلاك المواطن المفقر تباعاً، وقلة البدائل الغذائية التي يستطيع توفيرها في ظل إمكاناته المحدودة والمتراجعة، وفي ظل اللامبالاة المستفحلة؟!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 964