محافظة دمشق والبحث عن الأرباح
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

محافظة دمشق والبحث عن الأرباح

بوابة استثمار وربح جديدة يجري العمل على قوننتها من قبل محافظة دمشق ولمصلحتها، تقاسماً مع أصحاب المطاعم والفعاليات التجارية، من خلال استيفاء مبالغ مالية مقابل استثمار بعض المساحات أمام هذه المطاعم والفعاليات لتنظيم مواقف السيارات فيها.

فقد ورد عبر «موقع الاقتصادي» نهاية الشهر الماضي، أنَّ مدير هندسة المرور والنقل في محافظة دمشق، كشف عن: «تشكيل لجنة لدراسة تنظيم مواقف السيارات أمام المطاعم والفعاليات التجارية، وجرد أعداد هذه الفعاليات، بحيث يتم استيفاء مبالغ مالية مقابل استثمارهم لهذه المساحات».

توجه ربحي ليس جديداً

توجه المحافظة الباحثة عن الأرباح تقاسماً مع المطاعم والفعاليات التجارية على حساب المواطنين، مشاة وجواراً، ليس جديداً، فقد سبق أن جرى انتهاك الأرصفة والوجائب ضمن هذا النمط من التوجه ذي المضمون الربحي فقط، وهو لا شك مصدر ربح إضافي لهذه المطاعم والفعاليات، ولم لا، طالما أن المحافظة تقوم بقوننة هذه الأنماط من الأرباح الإضافية عبر تقاسمها مع هذه الفعاليات!؟.

تقاسم أرباح على حساب الجوار

فكرة تقاسم الأرباح الاستثمارية وردت واضحة في حديث مدير هندسة المرور، حيث قال: «إن المطاعم تحجز هذه المواقف دون وجه حق ولا تدفع رسوماً للمحافظة، بينما تقوم باستثمارها وتحصل على عائدات مقابل ذلك».
أما الحل فقد كان بقوله: «قريباً سيتم تنظيم هذه العملية وفق أسس واضحة لجهة عدد المواقف التي ستمنح لكل مطعم». «ويتوقع أن تكون قيمة الرسم السنوي للموقف 500 ألف ليرة، وستؤخذ بعين الاعتبار مساحة واجهة المطعم وموقعه ضمن شارع أو على زاوية، وعرض الشارع وجهته يمين أو يسار الطريق، أو هو ضمن بناء سكني وكم تشكل مساحته من البناء، مع مراعاة الجوار، أو إذا كان ضمن بناء تجاري أو بناء خاص، وفقاً لمساحة الواجهة يخصص له مواقف».
هل لاحظتم عبارة «مراعاة الجوار» في متن الحديث أعلاه؟.
فقد وردت هذه العبارة دون أن تعني أيَّ شيء من الناحية العملية، باستثناء ربما ما يرتبط بها على مستوى تحديد قيمة الرسم السنوي بحسب الموقع والمساحة ليس إلا!.
فلا جوار ولا مراعاة عندما يجري الحديث عن الريع والربح! علماً أن غالبية المطاعم في دمشق تقع في المناطق السكنية، أي إن مفردة الجوار ليست جوفاء، وهؤلاء ليسوا متضررين من مواقف السيارات فقط، بل من الكثير من أوجه المعاناة الأخرى المرتبطة بهذه الأنشطة الاستثمارية والربحية، اعتباراً من الروائح، مروراً بالمخلَّفات وما يتبعها من حشرات، وليس انتهاءً بالاكتظاظ والأصوات المرتفعة والإزعاج، ومع ذلك تبدو المحافظة غير معنية بكل ذلك، وجل ما يهمها هو ما تجنيه من أرباح فقط.

ماذا بشأن معارض السيارات؟

المحافظة التي فتحت بوابة تنظيم مواقف السيارات على هذه الشاكلة من التقاسم الربحي، بالإضافة إلى تعاقداتها على استثمار المواقف في بعض المرائب والشوارع من قبل الشركات الخاصة، ما زال غائباً عنها وعن رقابتها وأوجه استثماراتها ما تشغله مكاتب بيع السيارات ومعارضها وما تحجزه من مساحات أمامها وعلى الأرصفة الممتدة حولها لسياراتها، على حساب المشاة والجوار، ناهيك عن الازدحام الذي تشكله هذه السيارات في بعض الأماكن والشوارع ساعات الذروة، مثل معارض السيارات الكثيرة في منطقة المزرعة، التي تحتكر الشوارع والأرصفة على أعين المحافظة، برغم كلِّ الاعتراضات عليها من قبل ساكني هذه المنطقة، كما غيرها من المناطق التي تتكاثر فيها معارض السيارات ومكاتب بيعها في دمشق.
فإذا كانت المحافظة وحتى تاريخه لم تتخذ أي إجراء بشأن هذه المعارض، فلماذا لا تتقاضى منها رسوماً أيضاً ريثما يتم نقلها إلى المدينة المزمعة لهذه الغاية بحسب ما تم الترويج عنه والتسويق له؟ بالحد الأدنى لتغطية الإنفاق على إعادة تأهيل الأرصفة بين الحين والآخر بنتيجة الاهتلاك المتسارع لها بسبب وقوف السيارات عليها، والإضرار بأطاريفها، بدلاً من البحث عن رسوم إضافية تُجبى من جيوب المواطنين لتغطية الإنفاق على هذه الأشكال من الاهتلاك الذي لا شأن للمواطن به، لا من قريب ولا من بعيد.

تقليم أم تحطيب جائر؟

الحديث عن الاستثمار والريع الذي أصبح الشغل الشاغل لمحافظة دمشق، فقد كان لافتاً قيام المحافظة خلال الشهر الماضي بعمليات «التقليم» للأشجار في الشوارع الرئيسة وفي الحارات الفرعية، فعمليات «التقليم» أجرمت بحق الأشجار، كما بحق المواطنين بها.
نظرة سريعة على ما جرى بنتيجة عمليات «التقليم» يتضح من خلالها أنها كانت أكثر من كونها تقليماً عادياً وموسمياً، لتصل إلى حدود اعتبارها احتطاباً، بل وجائراً أيضاً.
فلا عرق أخضر تبقى على الأشجار «المقلمة»، كما لم تسلم من عمليات التحطيب تلك أية شجرة في أي شارع أو حارة فرعية على امتداد دمشق التي وصلت إليها تلك العملية التي ما زالت مستمرة، والنتيجة، أن شوارع دمشق أصبحت عارية وجرداء، وكأنها مقتطعة من إحدى الصحارى، لولا بعض الأشجار الموجودة في حدائق البيوت.
وبهذا الصدد لا يمكن إغفال الأرباح المحققة من خلال بيع الحطب الذي يجري تجميعه من خلال هذه العملية طبعاً، فكمِّيات الاحتطاب كبيرة جداً، والتهنئة موصولة للمستثمر الرابح منها من كلِّ بد، والذي لا يعنيه مقابل ذلك أن تصبح العاصمة فعلاً جرداء من كل غصن أخضر وحي فيها!.

أسوار الحدائق منتهكة أيضاً

المؤسف أنَّ بعض عمليات التقليم لم تسلم منها البيوت أيضاً، ليس بتقليم أشجارها طبعاً، بل من خلال سقوط جذوع بعض الأشجار المقلمة على أسوار حدائقها، لتسقط منهارة هي الأخرى.
فقد سقط جذع إحدى الأشجار «كينا معمرة» على سور حديقة منزلية في منطقة الجبة بالقرب من الجسر الأبيض، وربما من الصدف الحميدة أنَّ الحديقة كانت خالية من سكان المنزل، وإلَّا كانت الكارثة أكبر حتماً، ولا ندري هل ستقوم المحافظة، أو مستثمر «التحطيب»، بترميم هذا السور، أم سيقع على عاتق أصحاب المنزل وعلى نفقتهم؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
956
آخر تعديل على الأربعاء, 11 آذار/مارس 2020 14:15