قرار الاتصالات «لهّاية» جديدة
ما هو الجديد في الموضوع المثار مؤخراً بشأن قرار الاتصالات حول خدمة الإنترنت ADSL والباقات المقترنة بحجم الاستهلاك والسرعات المشترك بها من قبل المواطنين؟.
القرار بمضمونه سبق وأن تم الترويج له منذ أكثر من عام تحت عنوان الاستخدام العادل للشبكة، كما جرى نفيه عدة مرات خلال هذه الفترة بعد الكثير من التفنيد والاعتراض عليه من قبل المواطنين وبعض المختصين، ومع ذلك صدر بدون مقدمات أخيراً، كما رافقه الكثير من الاعتراضات والتذمُّر.
المشاكل ليست جديدة
مشكلات خدمة شبكة الإنترنت ليست جديدة، البطء والتقطع والسعر وغيرها، ولم ننس بعد قصة القرش وتبعاتها والتهكم حولها منذ عدة أعوام، والتي جرى تسويقها كذريعة لتبرير المشكلات، كما لم ننس مساعي تجيير هذه المشكلات لاحقاً على المواطنين المسرفين والمبذِّرين واستخدامهم الجائر للشبكة، أو الحديث عن سوء التمديدات للشبكة المنزلية ومواصفاتها مع «الراوترات» المستخدمة، في الوقت الذي تعاني منه شبكة الهواتف الأرضية نفسها من حال التردي المزمن خارج المنازل وفي العلب المخصصة لها، والتمديدات الهوائية لكابلات الهواتف بين العلب الخارجية والبيوت، والتي يقوم بها عمَّال الاتصالات أنفسهم، كأحد مكوِّنات البنية التحتية للاتصالات ولخدمة شبكة الإنترنت المنزلي عبر الشبكة الهاتفية، والتي تعتبر من مسؤوليتها أولاً وآخراً، في الوقت الذي تحدثت به سابقاً عن مشروع قمر صناعي مستقبلي خاص بالاتصالات! كيف ذلك مع هذه البنية التحتية المترهلة لا أحد يعلم؟!.
العدالة والجيوب!
الجديد بالقرار أعلاه، هو الترويج للباقات المعلن عنها والمقترنة باستنفاذ حجم المخصصات من «الميغا» بحسب السرعات المشترك بها من قبل المواطنين عبر خدمة «ADSL»، أو الاضطرار إلى رفع سرعات الاشتراك من أجل الحصول على «ميغا» أكثر، أو اللجوء إلى خدمات الربط الشبكي الأخرى المتاحة عبر الاتصالات «FTTB» أو «FTTH» وغيرها مما هو متاح لديها، وكل ذلك طبعاً يشكل نفقة مالية إضافية على المشتركين.
أما الحديث عن العدالة بهذا الصدد فهو نوع من اللغو التبريري ليس إلا!.
فإذا كانت النية صادقة لدى الاتصالات بشأن التمييز بين حجم الاستهلاك المنزلي «الطبيعي» والتجاري «الجائر»، والمحاسبة عليه استناداً لمقولة «عدالة الاستخدام» فلعل ذلك ليس صعباً.
فخدمات الاشتراك بالكهرباء والمياه لها أسبقية في التمييز بين نماذج الاشتراكات (منزلي- تجاري)، حيث وضعت لكل منها شرائح استهلاك مقترنة بأسعار وعتبات محددة، وربما ليس من الصعب على الاتصالات أن تقوم بهذه المهمة، بحال الرغبة في تطبيق العدالة والإنصاف فعلاً.
أما مفهوم العدالة والإنصاف بهذا الصدد فيتمثل بداية بتحسين البنية التحتية لشبكات الاتصال الهاتفي الأرضي، والتقيد فعلاً بالسرعات المشترك بها من قبل المواطنين، ولعل الأهم، هو تناسب عدد المشتركين بالبوابات المحلية مع ما يقابله من سعات اشتراك عبر البوابة الدولية، وهو أمرٌ فني تقني لا نعلم حيثياته وتفصيلاته وتكاليفه.
خطوة تراجعية ومستفيدون
القرار من الناحية التقنية يعتبر خطوة تراجعية عملياً، فبدلاً من تعزيز البنية التحتية وتحسينها، وبدلاً من زيادة السرعات وتخفيض الأسعار وتوسيع قاعدة المشتركين، تم تجيير الخلل والمشكلات، الفعلية والمصطنعة، على المواطنين عبر آلية سقوف الاستهلاك الجديدة عوضاً عن السقوف المفتوحة التي كان معمولاً بها.
بمطلق الأحوال، فقد صدر القرار ووضع في التنفيذ، وفي ظل مساعي التجيير السائدة، ربما لم يبقَ أمام المواطنين إلا أن يجيروا بدورهم مشكلة سوء شبكة النت إلى داخل منازلهم وفيما بينهم، ولا عجب من نشوب خلاف على حجم الاستهلاك بين أفراد الأسرة، كون ذلك ارتبط من الناحية العملية بمزيد من الإنفاق على هذه الخدمة.
فمضمون القرار التنفيذي أعلاه قد جيَّر مشكلة شبكة الإنترنت إلى داخل كلِّ منزل عملياً، بحيث ننسى المتسبب بالخلل فيها وببنيتها وسوء خدماتها، لنختلف فيما بيننا على حجم استهلاك كل منا من المخصصات الشهرية المسقوفة.
وبكل اختصار يمكن القول إن القرار الجديد ليس إلا لهّاية جديدة سنضطر لمضغها مراراً وتكراراً من الآن فصاعداً دون جدوى أو فائدة، مع تكبدنا مصاريف تجديدها بين الحين والآخر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الخطوة ستفرز على هامشها شريحة مستفيدين، قديمة أو مستجدة، سواء من الباقات المعلن عنها ومن سيستثمر فيها، أو من خلال التحويل إلى خدمات النت عبر شركات الخليوي الاحتكارية بحال الاستغناء عن خدمات الاتصالات عبر الشبكة الأرضية، بحثاً عن الوفر والسرعة، أو التحويل إلى الخدمات الأخرى مرتفعة التكلفة لدى الاتصالات والمخصص
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 955