الجولان 1982-2020: أقرب من أي وقت مضى
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

الجولان 1982-2020: أقرب من أي وقت مضى

38 عاماً مضت على الإضراب العام الشامل الذي خاضه المواطنون السوريون في الجولان السوري المحتل، رفضاً لمخططات العدو الصهيوني، 38 عاماً ولا يزال أهل الجولان مستمرين بمقاومتهم للعدو وأطماعه العدوانية بحق أرضهم وممتلكاتهم، متمسكين بهويتهم السورية وبعودة الجولان إلى السوريين.

أكَّد أبناء القنيطرة والجولان السوري المحتل تصميمهم على استكمال مسيرة النضال والمقاومة حتى تحرير كامل الجولان المحتل، واستعادة الحقوق المغتصبة، مشددين على أن «ذكرى الإضراب الوطني الشامل تزرع فيهم الأمل والعزيمة على مزيد من الصمود والمقاومة وإفشال كلِّ القرارات والسياسات ««الإسرائيلية» بحق الجولان المحتل أرضاً وتاريخاً وسكاناً.
وفي الذكرى الثامنة والثلاثين للإضراب الوطني الشامل الذي خاضه أهل الجولان المحتل رفضاً للقرار القاضي بضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان الصهيوني في الرابع عشر من شباط عام 1982، جدد أهالي محافظة القنيطرة والجولان المحتل تمسكهم بكل ذرة تراب من أرضنا المحتلة، وحتمية تحريرها وعودتها إلى السوريين.
فيما يلي، نستعرض بعض الحقائق التي كانت قد نشرتها قاسيون سابقاً حول نضال أهالي الجولان ومقاومتهم للعدو، حيث كانت البدايات في نهاية سبعينات القرن الماضي، بمواقف متفرقة سقط فيها عدد من الشهداء، وتطورت منذ الثمانينات لتأخذ شكل الإضراب العام والانتفاضة، وأفشل أبناء الجولان المحتل المشاريع الصهيونية واحداً بعد آخر.

الوثيقة الوطنية في الجولان

جاء في «الوثيقة الوطنية للمواطنين السوريين في مرتفعات الجولان السورية المحتلة» بتاريخ 25/3/1981، والتي تعتبر بمثابة الدستور النضالي لأبناء الجولان المحتل: «هضبة الجولان المحتلة هي جزء لا يتجزأ من سورية العربية، الجنسية العربية السورية صفة حقيقية ملازمة لنا لا تزول، أراضينا هي ملكية مقدسة لأبناء مجتمعنا السوريين. وكل مواطن تسوّل له نفسه أن يبيع أو يتنازل أو يتخلّى عن شبر منها للمحتلين «الإسرائيليين» يقترف جريمة كبرى بحق مجتمعنا، وخيانة وطنية لا تغتفر.
ولا نعترف بأي قرار تصدره «إسرائيل» من أجل ضمّنا للكيان «الإسرائيلي». لا نعترف بشرعية المجالس المحلية والمذهبية، لكونها عُيّنت من قبل الحكم العسكري.
وكل مواطن من هضبة الجولان تسوِّل له نفسه استبدال جنسيته بالجنسية «الإسرائيلية»، يسيء إلى كرامتنا وشرفنا الوطني، ويعتبر خائناً لبلادنا.
كل من يتجنَّس بالجنسية «الإسرائيلية»، أو يخرج عن مضمون الوثيقة الوطنية، يكون منبوذاً ومطروداً من نسيجنا الاجتماعي ويحرَّم التعامل معه».

الإضراب الكبير

أقرّ الكيان الصهيوني «قانون ضم الجولان» بتاريخ 14 كانون الأول 1981، والذي اعتبر أراضي الجولان السوري المحتل عام 1967 جزءاً لا يتجزأ من «دولة» الاحتلال.
أما مواطنو الجولان المحتل، فقد تصدَّوا لقانون الضم، ورفضوا فرض الهوية الصهيونية عليهم، ورغم الضغوط الهائلة التي مارسها الاحتلال من التنكيل والترهيب والمحاربة بلقمة العيش، أعلن أهالي الجولان المحتل إضراباً عاماً بدأ بتاريخ 14 شباط 1982، والذي يعتبر من أطول الإضرابات في التاريخ، حيث استمر الإضراب ستة أشهر رغم الحصار، وعرف باسم الإضراب الكبير. انتهى الإضراب بعد فشل الاحتلال في فرض الهوية الصهيونية على أبناء الجولان.
جاء في البيان الذي أصدره أهالي الجولان: بتاريخ 13/2/1982 «اتخذنا قراراً بالإضراب العام والشامل، وغير المحدود. لم نتخذ هذا القرار تعسفاً، ولا حباً بالإضراب، بل يجب أن يعلم القاصي والداني أنه لم يكن لدينا أي خيار سوى الوقوف بصلابة في سبيل كرامتنا وأخلاقنا الوطنية غير القابلة لأي تغيير أو تبديل».

حركة المقاومة السرية

انطلقت «حركة المقاومة السرية» بمبادرة من أبناء الجولان عام 1984، واستمرت عملياتها حتى سنة 1998. نَّفذت المقاومة العديد من العمليات العسكرية ضد الاحتلال عبر تفكيك الألغام الصهيونية على الشريط الشائك ووضعها على طريق دوريات الاحتلال.
من أشهر عمليات الحركة: حرق مخفر مسعدة، تفجير معسكر بقعاثا، إحراق معسكر بانياس بقنابل المولوتوف، إحراق مستعمرة «نفيه اتيب» التي بنيت على أنقاض بلدة جباتا الزيت، استهداف الدوريات الصهيونية بالقنابل، إحراق مقرّ حاكم مسعدة، تنفيذ عمليات الاستطلاع، نقل معدات عسكرية وأسلحة قتالية إلى الانتفاضة الفلسطينية 2001. تنظيم المظاهرات الشعبية والنسائية.
تعرَّض أعضاء حركة المقاومة السورية إلى حملات الأسر والاعتقال 1985-1997-1998-2001. وكان أعضاؤها أول تنظيم ينشد نشيد «حماة الديار» في قاعة المحكمة العسكرية، رافضين الاعتراف بها، وحكموا بأحكام تصل حتى 27 سنة. كما سقط للحركة عدد من الشهداء. وخاض الأسرى والأسيرات عدة إضرابات في سجون الاحتلال.

انتفاضة الهوية

حدثت انتفاضة شعبية عارمة في الجولان المحتل بتاريخ 1987، والتي عُدّت استمراراً لانتفاضة الهوية السورية منذ 1982، بدأت أحداثها في ساحة بلدة مجدل شمس وشملت باقي قرى الجولان المحتل. كما سقط فيها عدد من الشهداء.

احتفالات الجلاء

تزامناً مع احتفالات السوريين بيوم الجلاء المجيد 2005، في القامشلي وطرطوس ودمشق والقريا والسويداء وميسلون ودمشق وغيرها، أحيت المؤسسات الوطنية في الجولان السوري المحتل احتفالات الجلاء العظيم، مثل: مؤسسة قاسيون الثقافية في قرية بقعاثا، وفرقة قاسيون الفنية، وفرقة الزجل الشعبي في الجولان المحتل، ورابطة الجامعيين في الجولان العربي السوري المحتل، للتأكيد على الهوية الوطنية السورية ورفضاً للاحتلال.

مسيرات العودة

مع تصاعد الحراكات الشعبية في البلدان العربية، انطلقت مسيرة العودة بتاريخ 15/5/2011 إلى مجدل شمس المحتلة تحت شعار «الشعب يريد العودة إلى فلسطين، والوحدة طريقنا للعودة». وامتزج نضال الشعبين السوري والفلسطيني في مسيرة العودة لأقرب نقطة مع حدود الوطن إلى عين التينة ثم مجدل شمس السورية في الجولان.
وتجسيداً لحق العودة اندفع الآلاف من السوريين والفلسطينيين متخطين التلال والأودية والأسلاك الشائكة والمستنقعات وحقول الألغام، وقاموا بتهديم أجزاء من جدار الفصل الشائك، فاتحين الطريق إلى الضفة الأخرى ليلتحموا مع أبناء الجولان في منطقة مجدل شمس، حيث استقبلوا من قبل الأهالي بالترحاب والعناق وسط الزغاريد ورش الأرز والورود، مزوّدين الزاحفين بالطوب والحجارة ومقدمين البصل بكميات كبيرة من مؤنهم البيتية لتفادي خطر القنابل المسيلة للدموع.
وتكرَّر الموقف بتاريخ 5/6/2011، وقدم الشعبان السوري والفلسطيني في هذين اليومين عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أجل تحرير الأراضي المحتلة.

الإضراب الرافض للانتخابات الصهيونية

وآخر التحركات التي سبقت إحياء أهالي الجولان ذكرى الإضراب الكبير يوم 14/2/2020، كان الإضراب العام الذي جرى تنفيذه يوم 2/2/2020 وذلك تلبية لدعوة صادرة عن الاجتماع العام لعموم أبناء الجولان المحتل بتاريخ 1/2/2020، رفضاً لقرار حكومة العدو الصهيوني المحتل بالمصادقة على إقامة مزارع التوربينات الهوائية على أراضيهم الزراعية، حيث تمَّت تلبية الدعوة من قبل كافة قطاعات المجتمع، من مدارس ومصالح وغيرها.

وقد صدر بيان باسم «جماهير الجولان العربي السوري» تمهيداً ودعوة لتنفيذ الإضراب العام، كما تمَّ تقديم بعض الكلمات خلال الاجتماع الذي خصص لهذه الغاية من قبل بعض الوجوه الدينية والاجتماعية البارزة، وقد شارك فيها عميد الأسرى السوريين صدقي المقت بكلمة أيضاً، والتي أجمعت على التنديد والرفض بإقامة مشروع المراوح التوربينية المدمر للبشر والشجر والحجر على أراضيهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
953
آخر تعديل على الإثنين, 17 شباط/فبراير 2020 12:59