السلع المدعومة بالذكاء.. ملاحظات أولية
بدأ اعتباراً من يوم السبت 1/2/2020، تنفيذ القرار الحكومي القاضي بتوزيع بعض المواد الاستهلاكية الغذائية بموجب البطاقة الذكية، فقد اكتظَّت بوابات السورية للتجارة وصالاتها بالمواطنين «المدعومين بالذكاء» من أجل شراء المخصصات الشهرية المقررة.
وفي أول يوم للتنفيذ، أكد وزير التموين، خلال جولة قام بها على بعض الصالات والمنافذ، أنه «بدأ يوم السبت بتاريخ 1/2/2020 توزيع المواد الأساسية على المواطنين عبر البطاقة الذكية في منافذ البيع التابعة لـ«السورية للتجارة»، وستكون الفترة تجريبية لمدة شهرين، ليصار لاحقاً إلى تدارك ومعالجة الملاحظات التي قد تظهر والتي تقدم من المواطنين».
ملاحظات أولية
بداية، لا بدَّ من إيراد الملاحظة الأهم، وهي عدم تمكن صالات ومنافذ السورية للتجارة المخصصة لهذه الغاية من استقبال الأعداد الكبيرة للمواطنين، وتأمين حقهم بالكميات المخصصة لكل منهم بحسب ما تم الإعلان عنه.
فالصالات ممتلئة، والمواطنون خارج الصالات والمنافذ أكثر من الموجودين بداخلها، مع الكثير من المزاحمة، وقد شاهد الوزير ذلك بنفسه خلال جولته المذكورة أعلاه، وطبعاً لا بدَّ من الإشارة إلى بداية ظهور أشكال المحسوبية والوساطة جرَّاء هذا الازدحام في بعض الصالات.
أما الملاحظة الثانية فهي أن بعض الصالات لم تستقبل المواطنين، بعضها بسبب عدم توفر المواد «المدعومة» فيها، وبعضها بسبب عدم وصول التعليمات، وذلك بحسب ما ذكره بعض المواطنين مع بداية تنفيذ القرار.
كما ظهرت ملاحظات تتعلق بالكميات المخصصة وسعرها الإجمالي، ارتباطاً مع مشكلة توفر «الفراطة»، حيث تم اللجوء في بعض الصالات إلى توزيع بعض المواد الأخرى «ظروف سكويز أو غيرها» استكمالاً للقيمة بدلاً عن «الفراطة»، والنتيجة بالنسبة لبعض المواطنين «كأنك يا بو زيد ما غزيت»، حيث اضطر هؤلاء لتكبد سعر مرتفع لقاء السلع المدعومة بهذه الذريعة، واتباع أسلوب «تحميل السلع» على الفاتورة.
بالإضافة إلى كل ذلك، لقد ظهرت ملاحظات بما يتعلق بالبيانات المتوفرة في «البطاقة الذكية» والتي أغفلت الأطفال في الأسر، ما يعني نقص المخصصات لبعضها، الأمر الذي فرض على أرباب هذه الأسر ضرورة معاودة شركة «تكامل» لاستكمال البيانات لديها، تمهيداً للحصول على المخصصات.
ازدحام بحاجة للضبط والتنظيم
واقع الحال يقول إن الازدحام على الصالات والمنافذ كبير، وهو بحاجة للكثير من التنظيم والضبط مع حفظ كرامة المواطنين طبعاً ومن كل بد، والأهم أن تفتح جميع منافذ البيع والصالات التابعة للسورية للتجارة أبوابها أمام المواطنين من أجل تسليمهم مخصصاتهم الشهرية، على أن تتوفر فيها الكميات الكافية من السلع الغذائية المدعومة بموجب البطاقة الذكية.
أما السب الآخر للازدحام فهو قرار منع تدوير المخصصات من شهر لآخر، ما يعني أن الازدحام سيكون شهرياً من كل بد، وطيلة أيام الدوام الرسمي للمنافذ والصالات، أما الأسوأ فهو النقص بالكميات المتوفرة من المواد المدعومة في بعض المنافذ، حيث يتم اللجوء إلى تجزئة الكميات المخصصة للأسرة على أن يعود رب الأسرة لاحقاً لاستلام بقية الكميات.
المزيد من المنافذ التوزيعية ضرورة
بمطلق الأحوال، إن الازدحام والطوابير بحاجة للمعالجة السريعة، فعلى الرغم من استخدام بعض السيارات الجوالة التابعة للسورية للتجارة من أجل هذه الغاية، إلا أن واقع الحال يقول إن المشكلة قائمة والحاجة للمزيد من المنافذ والصالات ضرورة، مع لحظ ساعات الدوام الرسمي وأهمية إطالتها وذلك بالحد الأدنى كي لا يعود البعض ممن لم يسعفهم الحظ باستلام مخصصاتهم من العودة في اليوم التالي لنفس الغاية، مع عدم تجزيء الكميات المخصصة لكل أسرة، أيضاً للحد من العودة إلى طوابير الازدحام أكثر من مرة.
ومع الحديث عن إمكانية زيادة أنواع السلع الغذائية المدعومة عبر البطاقة الذكية لاحقاً، فإن ذلك يعني المزيد من الوقت جرَّاء عمليات البيع والاستلام، وبالتالي سيكون ذلك على حساب الواقفين في طوابير الانتظار.
صالات بالاستثمار
الملاحظ حتى تاريخه، أن السورية للتجارة لم تثبت أنها مهيأة لتنفيذ المهمة المطلوبة منها، لا من حيث عدد الصالات المخصصة لهذه الغاية، ولا من حيث الكميات المتوفرة من المواد المدعومة بحسب القرار الحكومي، ناهيك عمّا يتعلق بتوفُّر الكادر العامل من بائعين ومحاسبين وغيرهم.
ويبقى أن نقول إن السورية للتجارة كانت قد فرَّطت بالكثير من صالاتها ومنافذها ووضعتها بالاستثمار المباشر وغير المباشر لمصلحة القطاع الخاص خلال السنوات الماضية، وخاصة الكبيرة والمتمركزة في لب الأسواق التجارية في المدن والمناطق، بالإضافة إلى أنَّ هناك بعض الصالات مغلقة وغير مستثمرة في بعض المناطق، ربما بانتظار مستثمرين لها.
ولعله آن الوقت، وفرضت الضرورة، لاستثمار كافة صالات ومنافذ هذه المؤسسة وإعادة وضعها بالخدمة لتنفيذ مهمة توزيع المواد المدعومة عبرها، مع أهمية التأكيد على ضرورة الاستعانة بالمجمعات التعاونية، وخاصة الموجودة في الجهات العامة من أجل هذه الغاية أيضاً، علماً أن هذه المهمة سبق وأن قامت بها هذه المجمعات خلال سنوات سابقة.
وللحديث تتمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 952