صناعيُّو القابون يطلبون المؤازرة من الغيورين
ما زال ملف منطقة القابون الصناعية مثيراً للجدل والنقاش بين محافظة دمشق والحكومة خلفها من جهة، وأصحاب العلاقة من الصناعيين في المنطقة من جهة أخرى، وجوهر الأمر لا يتمحور حول الحقوق فقط، بل وحول التوجه العام للحكومة نحو الصناعة.
وقد تم تناول هذا الملف خلال الشهر الأخير مراراً، اعتباراً من إعلان رئيس الحكومة بأن: «المخطط التنظيمي لمنطقة القابون والمخطط التنظيمي لمنطقة اليرموك سيتم الإعلان عنهما للمواطنين في 2/1/2020»، وذلك بحسب ما رشح عبر وسائل الإعلام، مروراً بما نقل عبر بعض وسائل الإعلام «المسموعة» من أحاديث عن لسان أحد أعضاء مجلس محافظة دمشق، وردود الصناعيين عليه.
حملة إعلامية وطلب مؤازرة
ورد عبر صفحة «صناعيي منطقة القابون» على «فيسبوك» بتاريخ 20/12/2019، ما تمت تسميته «حملة وطنية لعودة الصناعة الدمشقية»، وقد كانت تحت عنوان: «القابون الصناعية تُهدم من أجل تجميل مدخل العاصمة»، نورد مضمونها كما هو:
«لكل مواطن شريف وإعلام وطني غيور على الاقتصاد الوطني والصناعة القومية.. لكل شخص يعاني من ارتفاع الأسعار، لكل شخص يعاني من ضعف المنافسة، لكل شخص يعاني من الاحتكار الصناعي والتجاري من الحيتان.. ولكل شخص يعاني من ارتفاع سعر الصرف بسبب انعدام التصدير، ولكل صناعي متضرر من التهريب والاستيراد غير المشروع.. الشعار المطروح حالياً هو «دمشق ليست مدينة صناعية ولن تكون إلا مدينة مال وأعمال وخدمات».. الشعار المطروح سبب هدم منطقة صناعية دمشقية عريقة وأقدم منطقة صناعية ومنذ ١٩٤٨، سبب هدم ٧٥٠ مصنعاً قائماً وجاهزاً للمشاركة بانتعاش الصناعة السورية وسعر الصرف وانخفاض الأسعار.. هذا الشعار يهدم صناعة دمشقية عمرها آلاف السنوات وكانت سبب انتشار الحضارة العربية والإسلامية وكانت أهم منطقة في طريق الحرير.. شعار يتسبب بقطع أرزاق آلاف العائلات من الصناعيين الشرفاء الذين صمدوا داخل البلد وأرزاق عشرات الألوف من العمال وعائلاتهم، شعار يساهم برفع نسبة الفقر ونسبة البطالة.. القابون الصناعية تهدم من أجل مكياج مدخل دمشق، وتحويلها لأبراج سكنية مترفة الرفاهية وبحيرات ومسطحات مائية ومسابح ومدينة ألعاب.. ونحن نفتقر إلى كل ميغا واط من الكهرباء وكل قطرة ماء، وكل دولار لإعادة إعمار الوطن.. سيتم استنزاف الجميع والخزينة من أجل استيراد مواد بناء وإكسسوارات لبناء وإكساء أبراج لن يسكنها إلا ١٪ من أثرياء سورية، ونحن بحاجة لكل حجر وكل كيس إسمنت لإعمار المنازل المهدمة لعودة المهجرين.. سيتم تهجير ٧٥٠ صناعياً، بحجة الحفاظ على الملكية مقابل أسهم لا قيمة لها ولا تعترف بها حتى المصارف العامة، وبحجة التسهيلات للانتقال إلى عدرا الصناعية دون دفعة أولى وقرض ميسر لعشر سنوات، وتحويل الصناعي من صاحب ملك إلى مدين بقرض وأرض ويحتاج لسنوات لإعمار مصنع جديد ويحتاج لتحميل هذه الكلفة الجديدة وفوائدها على المنتج، بالإضافة إلى كلفة النقل والمواصلات العالية.. مع العلم أن المنطقة مؤسسة بمرسوم جمهوري وجميع مصانعها مبنية على مخطط تنظيمي حديث وجميعها طابو أخضر ومرخصة صناعياً من وزارة الصناعة وترخيص إداري من المحافظة، وجميع المصانع صديقة للبيئة وخالية من التلوث والدُّخان ومصانع صغيرة ومتوسطة».
«دعم الصناعة» رسمياً!
الحديث عن «دعم الصناعة» حكومياً كثير جداً، وغالباً ما يكون ذا طابع خُلبي بالنتيجة، وخاصة بما يتعلق بدعم مدخلات الإنتاج والعملية الإنتاجية، وبهذا الصدد أصدر وزير الصناعة قراراً شكل بموجبه «مجموعة عمل وتواصل» بتاريخ 22/12/2019، وقد كانت مهمتها بحسب ما ورد عبر الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك» ما يلي:
التواصل مع أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية لمعالجة الصعوبات والمعوقات التي تعترض إعادة تشغيل منشآتهم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتذليلها وتجاوزها بالتنسيق مع الجهات المعنية بغية تشغيلها وإعادتها للإنتاج وتشجيع الصناعيين والحرفيين على إعادة تأهيل منشآتهم، وخاصة التي تقع في المدن والمناطق الصناعية وزيادة الاستثمارات المطروحة.
زيادة التنسيق والتشبيك بين القطاع الصناعي (العام والخاص) بما يضمن تحقيق معدل نمو مرتفع وزيادة مساهمة الناتج المحلي الصناعي بالناتج المحلي الإجمالي، وتلبية حاجة السوق المحلية من المنتجات وتصدير الفائض من خلال تحسين أداء المشاريع الإنتاجية وجودة المنتجات المقدمة، والاستثمار الأمثل للطاقات المتاحة بالاستفادة من خبرات وإمكانية القطاع الخاص الأمر الذي ينعكس على دفع عجلة الاقتصاد الوطني والحفاظ على استقرار الأسواق في ضوء تكامل الأدوار والمهام والمسؤوليات.
فهل من ثمرة ترجى للصناعيين عامة، ولصناعيي منطقة القابون خاصة، بحسب مهمة مجموعة العمل والتواصل أعلاه، أم أن الكلام والحديث عن «الدعم» سيبقى حبيس السياسات المرسومة والمعدة مسبقاً، والمجربة مراراً وتكراراً؟.
تساؤلات مشروعة
ربما نجد بعض الإجابات من خلال تسليط الضوء على بعض تساؤلات أوردها صناعيو منطقة القابون عبر صفحتهم على «فيسبوك» بتاريخ 12/12/2019، منها:
- كيف نريد دعم للصناعة والصناعي السوري وهناك من يريد هدم منطقة صناعية متكاملة؟.
- كيف نريد دعوة الصناعي السوري بالخارج وهناك من يريد هدم مصانعهم القائمة؟.
- كيف نريد دعم التصدير لاستجرار القطع الأجنبي وهناك من يمنع ٧٥٠ مصنعاً متوسط وصغير تصديري من العمل؟.
- كيف نريد تنفيذ خطة لبديل المستوردات، وهناك من يريد هدم منطقة صناعية متكاملة؟.
- كيف نريد تطبيق حملة لمنع التهريب، وهناك من يحاول منع المصانع بتوفير المواد والمنتجات للوطن؟.
- كيف نريد فتح أبواب المنافسة، وهناك من لا يريد عودة ٧٥٠ مصنعاً للعمل؟.
- كيف نريد دعم وتعزيز الليرة، وهناك من يريد استنزافها ببنية تحتية بالمليارات من أجل أبراج؟.
- كيف نريد تنفيذ حملة لتخفيض الأسعار، وهناك من يمنع ٧٥٠ مصنعاً من العمل لتوفير المواد المنافسة بالأسواق؟.
- كيف نريد توفير المحروقات للمواطن، وهناك من يريد استنزافها لآليات الهدم والترحيل والبناء على أنقاض المصانع؟.
-كيف نريد توازن بتوزيع الكهرباء، وهناك من يريد استنزاف مئات الميغا واط لأبراج رفاهية مترفة؟.
- كيف نريد تقنين الماء الإستراتيجي، وهناك من يخطط لمسطحات مائية وبحيرات ومسبح بكل بناء في مخطط تنظيمي؟.
ملف مفتوح بالانتظار
تجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أنَّ اتحاد غرف التجارة أيضاً كان له موقف مؤيد لمطالب صناعيي منطقة القابون، وليس آخر ما حرر بهذا الشأن حديث رئيس اتحاد الغرف عبر الفضائية السورية مؤخراً، الذي أكد فيه على حق هؤلاء الصناعيين وعلى ضرورة إعادة عجلة الإنتاج في منطقة القابون الصناعية، خاصة وأن عامل الزمن المرتبط بالمشروع التنظيمي غير واضح وهو طويل نسبياً.
وعلى الرغم من كثرة مؤيدي مطالب صناعيي منطقة القابون وحقوقهم، إلا أن الأخذ والرد ما زال مفتوحاً حول هذا الملف، وخاصة مع محافظة دمشق، والصناعيون متمسكون بحقهم المصون بالدستور والقانون، والمشفوع بالكثير من الوثائق والثبوتيات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 946