«من دمشق إلى العالم».. إمكانات وجاهزية موسمية
دارين السكري دارين السكري

«من دمشق إلى العالم».. إمكانات وجاهزية موسمية

انطلقت مساء يوم الأربعاء 28/8/2019 فعاليات الدورة 61 لمعرض دمشق الدولي، والتي تحمل عنوان «من دمشق إلى العالم»، وهي الدورة الثالثة على التوالي منذ عام 2017 للمعرض خلال السنوات التسع للأزمة السورية، وقد شغلت مساحات العرض لهذا العام حوالي مئة ألف وخمسة أمتار مربعة وكانت أكبر مساحة في تاريخ المعرض بمشاركة 38 دولة عربية وأجنبية، و1700 شركة من القطاعين العام والخاص، بحسب التصريحات الرسمية.

وكما جرت العادة كان الاهتمام الحكومي بالمعرض على أحسن ما يرام، وبأتم الجاهزية، حيث استنهضت الحكومة والوزارات والجهات العامة إمكاناتها وزجّت بطاقاتها من أجل إنجاح هذه الدورة، وقد تبين أن هناك الكثير من الإمكانات والطاقات القابلة للاستنهاض، كما تبيَّن أن الاعتمادات والأموال يمكن توفيرها ورصدها تعزيزاً لهذا الاستنهاض وغاياته.
مدير المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية وعد بأن تكون «دورة هذا العام الأكثر تميزاً وجمالاً عن سابقاتها»، وسيحقق وعده هذا عبر «الاهتمام بالصورة الجمالية للمعرض من حيث المساحات الخضراء والنوافير الراقصة» (والله ياعيني ع الدلال) والإنارة لكامل المدينة، وأنه «سيوفر كل متطلبات الراحة للزوار والمشاركين»، لافتاً أنه «تم تنظيم الدخول والخروج» (إنجاز مهم للغاية)، وتم «تخصيص بوابة خاصة للإعلاميين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والعارضين».

الشعشعة بمكان والعتم بمكان آخر

نفى وزير الكهرباء عبر تصريحٍ له: «بأن تكون تغذية مدينة المعارض بالطاقة الكهربائية على حساب مدينة دمشق والمناطق المجاورة، مؤكداً أن طريق المطار سيكون مُناراً بالكامل»، أي: «ستشعشع مدينة المعارض وطريق المطار شعشعةً، وستنعكس ظلالها المضيئة على القرى والبلدات المجاورة لمدينة المعارض، التي لا يزال بعضها حتى يومنا هذا تعاني من افتقارها للكهرباء منذ بداية الأزمة» وهو ما جرى عملياً.
وعلى اعتبار أن وزارة الكهرباء استطاعت للعام الثالث على التوالي من أن «تشعشع» مدينة المعارض وطريق المطار بالطاقة الكهربائية المستمرة، يُبادر أذهاننا سؤال: لماذا لم يتم وضع هذه القرى أو غيرها من البلدات التي ما زالت معتمة ضمن مخطّطات التنفيذ، وإعادة التأهيل التابعة لوزارة الكهرباء خلال هذه السنوات وحتى الآن؟ والسؤال التالي هو: متى من الممكن أن تزول المعاناة من إجراءات التقنين الكهربائي؟ طالما من الممكن استنهاض إمكانات الوزارة ومديرياتها!.

النقل على حساب خطوط أخرى

حسب ما تمَّ تداوله على صفحات فيسبوك لوزارة النقل: «أنها ستؤمن نقل زوار مدينة المعارض مجاناً من دمشق وريفها إلى أرض مدينة المعارض وبالعكس طيلة فترة انعقاد معرض دمشق الدولي، وحددت الوزارة مواعيد انطلاق الباصات (العامة والخاصة) اعتباراً من يوم الخميس 28/8 وحتى 6/9 من الساعة 4:30 عصراً من مراكز الانطلاق وحتى آخر رحلة عودة من مدينة المعارض ليلاً كما كان في الدورات السابقة».
فبالرغم من إيجابية توفر المواصلات المجانية للمواطن نظراً لبعد مدينة المعارض، وعدم توفر خط (ميكرو باص) إليها، إلا أنها كانت على حساب بعض المناطق والمواطنين فيها. إذ إنه سبّبَ ازدحاماً لخطوط نقل بعض المناطق التي خُصصت بعض باصاتها لنقل الركاب من وإلى مدينة المعارض، مما أثار تساؤلاً عن باصات النقل الداخلي التي قدمتها الصين منحة للمرة الثانية، علماً أننا لم نشهد إيجابيات المنحة الأولى من الباصات التي جرى الحديث الصيني عنها على مستوى حلحلة مشكلة النقل؟!.
وعلى هامش الحديث عن النقل من وإلى مدينة المعارض، لا بد من التذكير بما جرى في الدورة الماضية من معاناة للمواطنين العائدين إلى دمشق، وعن مدى جاهزية النقل هذا العام منعاً من تكرار هذه المعاناة؟!.

جاهزية التشجير والتزيين

عمليات التشجير والتزيين بالغراس كانت على أحسن ما يكون هذا العام كما الأعوام السابقة، على طريق المطار وداخل مدينة المعارض، ففي تصريحات من مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي، بيّنَ مدير الزراعة والإصلاح الزراعي: «أن المديرية أزالت الأشجار اليابسة والأعشاب وترمم الغرائس التزيينية المزروعة على جانبي الطريق وبالساحات المؤدية لمدينة المعارض، وتقوم برعاية الأشجار المزروعة وطلي جذوع الأشجار بمادة الكلس لإظهارها بالمنظر اللائق، وترحيل الأنقاض والمخالفات الناتجة عن العملية الزراعية».
وبالتالي، فإن مديرية الزراعة ثبت أنه يمكنها تخصيص الإمكانات والميزانية للقيام بمشروع تشجير وتزيين طريق المطار ومدينة المعارض مع إزالة الأشجار اليابسة والأعشاب وغيرها من بقايا العشب المُهمل، وذلك خلال فترة قياسية قصيرة نسبياً، في الوقت الذي تفتقر فيه شوارع وحدائق دمشق وسورية بشكل عام من الطرقات التي تزينها الأشجار.
والسؤال الذي يطرح نفسه، منذ عام 2017 حتى عامنا هذا على التوالي وضمن فعاليات معرض دمشق الدولي، ونحن نشهد مثل هذه الأعمال الزراعية الموسمية، فلماذا لم يتم الاهتمام بالأشجار والأعشاب والغراس التزيينية خلال السنتين الماضيتين، وأين هيَ مديرية الزراعة خارج موسم المعرض؟
وقد علق أحد المواطنين بالتالي: «المفروض على طول السنة الطريق مؤهل ومرتب مو بس وقت المعرض.. والمفروض تكون كل الطرقات والشوارع والحدائق مؤهلة ومرتبة وتخصص لها ميزانية لإظهارها وإظهار سورية بشكل عام بشكل حضاري».

موسم المعرض والمواطن المُفقَر

لا شك أن موسم المعرض يعتبر فرصة تنزه للمواطنين المفقرين وأسرهم المفتقدين لأماكن الترفيه، خاصة بعد طغيان الاستثمارات على غالبية الحدائق العامة، وفي ظل تدهور الوضع المعيشي المقترن بتردي الواقع الاقتصادي عموماً، بالمقابل لا يمكن القول: إن هذه الحاجة الضرورية لحياة الإنسان يمكن تأمينها عبر هذا الشكل الموسمي من المعارض والمهرجانات.
فرغم كل الآمال التي عُقدت على معرض دمشق الدولي في الأعوام السابقة، والحديث عن الاستثمارات الضخمة التي ستنتج عنه والعقود الكثيرة التي أُبرمت فيه، إلا أن المواطن لم يلمس على أرض الواقع سوى المزيد من التعقيدات في أوضاعه المعيشية، في حين يبدو السؤال الذي تدور حوله الأفكار اليوم هل سينجح المعرض هذا العام في خفض سعر صرف الدولار وتأمين حياة كريمة وهنيئة للمواطن مثلاً؟!.
فبعد الذي شهدناه من تجهيزات وعطاءٍ بسخاء من قبل العديد من الوزارات والجهات العامة والخاصة للمعرض وخدماته ودعاياته، ووضوح جاهزية وإمكانات جميع الجهات الحكومية وعلى كافة المستويات، ألا تستحق سورية كلها والشعب السوري قليلاً من الاهتمام والاعتناء وتقديم هذه الخدمات على مدار العام بعيداً عن إطار المهرجات والمعارض الموسمية فقط، وبعيداً عن كل أوجه الاستثمار المستغلة لحاجات المواطنين وحقوقهم؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
929
آخر تعديل على الإثنين, 02 أيلول/سبتمبر 2019 13:26