معلمون في الميدان
خالد العاصي خالد العاصي

معلمون في الميدان

إثر انتهاء العام الدراسي والعمليات الامتحانية للمراحل الانتقالية، يكلف المعلمون بعمليات المراقبة للشهادتين الإعدادية والثانوية. ومن الاختصاصيين من يُكلّف بعمليات التصحيح، وهو عملٌ لا شك مجهدٌ للغاية لقاء تعويضات لا تُسمن ولا تغني من جوع.

ولا يكاد المعلمون ينتهون من هذه الأعباء حتى يأتي تكليفهم بالخضوع لدورات تطوير المناهج وطرائق التعليم ودمج التقانة مع التعليم، والتي تستمر إلى قبيل انتهاء «العطلة الصيفية».

الدورات النظرية

كلّفت وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونسيف المعلمين من داخل الملاك بدورات للاختصاصيين كافة، لتدربيهم على طرائق التعليم الحديثة إثر تحديث المناهج المدرسية، وتقوم هذهِ الطرائق على آليات في تقسيم الطلاب إلى مجموعات، وتمكين المتعلّم من التعلم الذاتي عن طريق استخدام التكنولوجيات والإنترنت، إذ تريد من المُعلِّم أن يتجاوز الطرق التقليدية، كالتلقين والإلقاء، ناشدين من هذه الطرائق أن تؤدي الوظيفة المثلى في التعليم، وقد بذل المدربون خبراتهم بحسب ما توفر بين أيديهم من وسائل لتنفيذ الخطة التدريبية.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن طرائق التعليم الحديثة تتطلب بيئة درسية مناسبة من حيث عدد الطلاب، حيث يجب ألا يتجاوز العشرين طالباً، بالإضافة إلى التجهيزات والأدوات المساعدة وشكل الصف المناسب للعملية الدراسية.

شرخٌ بين واقع المدارس والطرائق الحديثة

كلنا يعلم واقع المدارس من حيث تجهيزاتها وأعداد الطلبة. ففي بعض المدارس قد يصل تعداد الطلاب في الشعبة إلى الستين طالباً، أما المقاعد فهي مصممة على نظام الأرتال، وهي غالباً ما تكون بالية قديمة وهي باتجاه السبورة وهذا ما يعيق تقسيم الطلاب إلى مجموعات، كما لا يستطيع الطالب استخدام الإنترنت داخل الفصل الدراسي للحصول على المعلومة، ولا يمكن للمعلم الاعتماد على الطالب لاستخلاص المعلومات مما يضطرهُ إلى الإلقاء.
كما أن التحضير المنزلي للطالب غير متاح دائماً، لما عليه شبكة الإنترنت من البطء، هذا إن كان يمتلك إمكانية استخدام الإنترنت في المنزل أصلاً. أما المعلم فهو بالكاد يحصل على الأقلام ليكتب على السبورة، فكيف له أن يؤمِّن الوسائل اللازمة لتنفيذ تلك الطرق، لذلك غالباً ما تكون هذه الطرق شكلية تُتَّبع في حال حضور الموجه الاختصاصي فقط، وهذا يكلف المدرس أحياناً أياماً من التحضير والتجهيز، فكيف بكامل المنهاج؟.
علماً أن هذه المناهج بُنيت هي واختباراتها على أساس النظريات والطرائق المعممة حديثاً من وزارة التربية ومراكز تطوير المناهج.
فكيف يمكن أن يقدَّم المنهاج للطالب بحسب الطرق الحديثة ولم تتوفر شروطهُ من وقت مناسب للحصة ووسائل تعليمية وعدد مناسب للطلاب.. إلخ؟.

أعباء وعناء

من البدهي أنّ العنصر الفاعل في العملية التعليمية في الميدان هو المعلم، فكيف له أن يكون أداةً للتطوير في ظل العجز المادي الذي يعيقهُ عن استعادة قوة عمله ونشاطه؟
فمن المعلوم أن أجور المعلمين لا تتعدى الثلاثين ألف ليرة وسطياً، وهذهِ أجور لا تكفي لسدّ رمق من أنهك عقلهُ ووقتهُ في التعليم ومستلزماتهُ لمدة أسبوع فقط، ناهيك عما يعانيه المعلمون من أمراض مهنية مع تداعياتها وتكاليفها، فالمعلم عليهِ أعباء تختلف عن أعباء أي موظف ناحية الوقت والتفرغ والجهد. إذ يترتب عليه، بالإضافة إلى عملية التعليم المجهدة، تحضير الدروس وتصحيح الأوراق وإجراء الاختبارات والتقويمات، فكيف لمثل هذه الأجور أن تمكن المعلِّم من القيام بهذه المسؤوليات على الوجه الأتم في ظل هذه الظروف الاقتصادية وغلاء الأسعار والواقع المعيشي المتردي؟!
بمطلق الأحوال فإن العام الدراسي بدأ، وربما تكون لنا وقفة لاحقاً مع الجانب العملي لطرائق التعليم الحديثة على أرض الواقع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
929
آخر تعديل على الإثنين, 02 أيلول/سبتمبر 2019 13:17