العملية الامتحانية رعب وأشياء أخرى
سمر عجيب سمر عجيب

العملية الامتحانية رعب وأشياء أخرى

تنتهي نهاية الأسبوع الحالي امتحانات الشهادة الإعدادية، وستنتهي امتحانات الشهادة الثانوية مطلع الأسبوع القادم، بالمقابل فقد بدأت عمليات تصحيح الأوراق الامتحانية للمواد المقدمة من الطلاب للشهادتين في المراكز والأماكن المخصصة لذلك، وكل ذلك بحسب التعليمات الصادرة عن وزارة التربية ومديرياتها في المحافظات.

العملية الامتحانية، وما جرى ويجري على هامشها، كانت محور اهتمام الكادر التعليمي والتربوي لا شكّ، كما هي الحال على مستوى الطلاب وذويهم، وكل من هؤلاء ينظر إليها من زاويته وبحسب أولوياته، وقد سبق أن تمت تغطية الكثير من هموم هؤلاء عبر وسائل الإعلام وعبر صفحات التواصل الاجتماعي، التي استعرت خلال الفترة الماضية ولا زالت.

مفترق طرق مستقبلي

الطلاب المتقدمون للامتحانات هم الأكثر توتراً وضغطاً خلال فترة العملية الامتحانية بدون أدنى شك، خاصة، وأن مستقبل هؤلاء رهن بالنتائج النهائية لهذه العملية، سواء على مستوى القبول بالثانوية العامة من عدمها بحسب العلامات، بالنسبة لطلاب الشهادة الإعدادية، أو على مستوى القبول الجامعي بالنسبة لطلاب الشهادة الثانوية، بحسب العلامات ونتائج المفاضلة المرتبطة بتعليمات وزارة التعليم العالي وسياسات الاستيعاب الخاصة بها، فالعملية الامتحانية ونتائجها تعتبر مفترق طريق يحدد مستقبل هؤلاء الطلاب، وذلك ارتباطاً بالسياسات التعليمية المعمول بها، بما لها وما عليها، والتي جعلت من امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية وكأنها معركة، مع ما يصاحبها من رهبة ورعب.
الملاحظات الإضافية التي جرى الحديث عنها، بالإضافة إلى ظروف التوتر والضغط التي يعاني منها هؤلاء الطلاب، كانت مرتبطة بالمجريات داخل القاعات الامتحانية، خاصة في ظل النمط الذي ساد خلال هذه الامتحانات المتمثل بزيادة أعداد المراقبين داخل القاعات، بالإضافة إلى الجولات الميدانية على المراكز الامتحانية، وبأعداد كبيرة أحياناً، من قبل بعض مسؤولي مديريات التربية في المحافظات، أو الجولات ذات الطابع المركزي، تحت عنوان المتابعة.
لا شك أن الجولات تعتبر عاملاً إيجابياً ومساعداً على مستوى ضبط العملية الامتحانية، لكنها لم تكن كذلك بحسب البعض من الطلاب، وبحسب الكثير من مقاطع الفيديو والصور التي تم نشرها كتغطية لهذا النشاط، فقد انعكس جزء من ذلك على شكل المزيد من الضغط والتوتر على الطلاب، خاصة على مستوى استنفاذ جزء من الوقت الامتحاني بسببها، ناهيك عن بعض الممارسات الشاذة من قبل بعض المكلفين بعمليات المراقبة أحياناً.

معاناة المكلفين بالمراقبة والتصحيح

المُكلّفون بالمراقبة في المراكز الامتحانية كانت لهم شجون أخرى، خاصة من تم تكليفهم بالمراقبة في مركزيين امتحانيين للشهادتين، الإعدادية والثانوية، أما الأكثر شجناً من هؤلاء فقد كانوا كبار السن منهم، ممن لا تساعدهم سنهم ربما للوقوف طيلة فترة الامتحان بحسب التعليمات، أو حتى بعض المعلمات الحوامل في بعض الأحيان.
القضية الأخرى المرتبطة بمعاناة هؤلاء المُكلفين بعمليات المراقبة فهي ما يتكبدونه من معاناة في الكثير من الأحيان للوصول إلى المراكز الامتحانية، ناهيك عن النفقات الإضافية التي يتكبدونها كأجور مواصلات ذهاباً وإياباً، في مقابل تدني بدل التعويضات عن هذا التكليف بحسب التعليمات والقوانين.
حال المُكلفين بعمليات تصحيح الأوراق الامتحانية في المراكز المخصصة لذلك لا تقل من حيث العبء والمعاناة عن غيرهم ممن كُّلفِّوا بالمراقبة، وخاصة ناحية التعويضات، بما في ذلك التباين بهذه التعويضات بين مُكلف وآخر أحياناً، وذلك ارتباطاً بالمادة المصححة وعدد المُكلفين بتصحيحها، وأيضاً بحسب التعليمات المعمول بها، فهؤلاء أيضاً يعانون من مشكلة الوصول إلى مراكز التصحيح، ويتكبدون النفقات الإضافية كأجور للمواصلات.
أما المعاناة الأساسية لهؤلاء فقد تمثلت ببعض الأمكنة المخصصة كمراكز للتصحيح من حيث المساحة المتاحة وظروف التهوية فيها، خاصة في ظروف الحَرّ، حيث لا تتوفر في غالبيتها أجهزة تكييف، ناهيك عن الضوضاء التي لا بدَّ منها أحيانا بسبب النقاش بين المصححين حول سؤال ما بحسب سلم التصحيح المعتمد.

ذوو الطلاب من الناجحين سلفاً

الحديث عن ذوي الطلاب وهموهم له شأن آخر بهذا المجال، فغالبية هؤلاء تنطبق عليهم شروط الضغط والتوتر المصاحب للعملية الامتحانية لأبنائهم، بالإضافة إلى كونها مصدر قلق ورعب باعتبارها تشكل فارقاً مستقبلياً لهؤلاء الأبناء.
تكتظ الأمكنة خارج المراكز الامتحانية بذوي الطلاب المنتظرين على أحرِّ من الجمر خروج أبنائهم منها، للاطمئنان عليهم وعلى نتائجهم المتوقعة من الامتحانات، وخلال فترة الانتظار تراهم منتشرين يتبادلون الأحاديث فيما بينهم، وجل حديثهم يدور عن أبنائهم وقلقهم عليهم، والذي تزايد خلال سنوات الحرب والأزمة وظروفها وتداعياتها، وما بذلوه من جهد مع أبنائهم طيلة العام الدراسي، وما تكبدوه من نفقات إضافية لقاء الدروس الخاصة أو الدورات، التي أصبحت قدَراً لا مفرَّ منه في الكثير من الأحيان وخاصة لبعض المواد، في ظل واقع التردي الجاري على العملية التعليمية وظروفها، مع ما يعنيه ذلك من أعباء إضافية على ذوي لطلاب تضاف إلى أعباء الواقع الاقتصادي المعاشي الصعب، الذي يتم التعريج عليه خلال هذه الأحاديث من كل بدّ.
وربما بلا مبالغة، من المفترض أن يتم وضع سلالم علامات لذوي الطلاب أيضاً، فجهودهم مع أبنائهم مع ما يتكبدونهُ من إنفاق إضافي عليهم، بالإضافة إلى واقع المتابعة والمراقبة مع الانتظار والترقب، المترافق مع حال التوتر والقلق من النتائج بالمحصلة، يعتبر شكلاً ونموذجاً مكثفاً لفكرة الاستثمار بالأبناء، والتي تعتبر سلسلة غير منتهية بالنسبة للأهالي من دون شك.
وبمطلق الأحوال، إن هؤلاء يمكن اعتبارهم ناجحين، بغض النظر عن نتائج أبنائهم، وبغض النظر عن كل ما يمكن أن يُساق من حديث عن المبالغة بالاهتمام أو المبالغة بالقلق والرعب من العملية الامتحانية.

ملاحظات عامة

تبقى الملاحظات العامة الأخيرة المرتبطة بمجمل الفترة الامتحانية، حيث يتزايد الطلب على المواصلات في ساعات الذروة صباحاً وظهراً ومساءً، بالتوازي مع مواعيد الامتحانات ومواعيد التصحيح في المراكز المخصصة.
فإذا كان جزء من هذه المشكلة يبدو محلولاً نوعاً ما داخل المدن لتوفر البدائل، التكاسي، في حال عدم وجود السرافيس، فإن ذلك يشكل عامل ضغط إضافي في الأرياف القريبة أو البعيدة عن المدن، حيث لا تتوفر هذه البدائل في الكثير من الأحيان.
المشكلة الإضافية تتمثل بالازدحام خارج وبمحيط المراكز الامتحانية، سواء بسبب تزايد أعداد ذوي الطلاب الذين ينتشرون في محيط هذه المراكز، أو بسبب السيارات التي تنتظر خروج هؤلاء لإعادة نقلهم إلى بيوتهم.
أما المشكلة القديمة المستجدة، فتتمثل بقطع شبكة الإنترنت وشبكات الاتصال الخليوي، علماً أن هذا العام الامتحاني يعتبر أفضل من غيره على هذا المستوى، حيث تم الالتزام بالتعليمات الوزارية بهذا الشأن ولم تقطع الاتصالات طيلة الفترات الامتحانية ولكل المواد، ولعل ذلك ما يجب تعميمه وتطبيقه خلال السنوات القادمة خلال الفترات الامتحانية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
919
آخر تعديل على الإثنين, 24 حزيران/يونيو 2019 15:05