عفرين.. الجريمة والشركاء
منذ 18/3/2018، وبدء الاحتلال التركي، بمشاركة مجموعات مسلحة تابعة لها، لمدينة عفرين وقراها، تُمارس أبشع الجرائم بحق البشر والشجر والحجر في المنطقة، وعلى مرأى ومسمع العالم وإعلامه الموجه والزائف، ومنظمات ادعاء الإنسانية وحقوقها.
هذا الاحتلال مع ممارساته الإجرامية الكثيرة، كان لها الكثير من التداعيات والآثار السلبية على المنطقة، وأهلها والوافدين إليها والمهجرين منها، ومن ذلك على سبيل المثال:
جزء مهجر ومنهوب
أولاً: تهجر ما ينوف عن 300 ألف من سكان المنطقة، حيث يقيم الجزء الأكبر من هؤلاء في مناطق ريف حلب (الشهباء), وهؤلاء يعانون الأمرَّين، وخاصة سكان المخيمات, إذ يُمنعون من الدخول إلى الداخل السوري، وأيضاً يمنعون من العودة إلى بيوتهم في عفرين.
البيوت في المنطقة سُرقت ونُهبت من قبل عناصر المجموعات المسلحة, وقسم من تلك البيوت أسكنوا فيها عائلات مهجرة من بعض المناطق السورية بنتيجة الحرب, الأمر الذي يثير المخاوف لدى أهل عفرين من خطط تغيير ديمغرافي حقيقي في المنطقة بالرعاية التركية ووفقاً لمصالحها ضد أهلها الكرد السوريين، خاصة وأن تركيا لم تُخفِ عداءها وتخوُّفها من كثافة السوريين الأكراد على حدودها، بغض النظر عما تدعيه من مسوغات أو مبررات للتغطية على هذه الممارسات.
جزء محكوم بالإهانة والابتزاز
ثانياً: القسم المتبقي من السكان في مدينة عفرين وقراها يتعرضون للابتزاز اليومي ولأشكال الإهانة المتعددة من قبل المجموعات المسلحة ومن يأتمر بأمرتهم، وأيضاً للسلب والنهب والخطف والاعتقال والإتاوات الباهظة، بالإضافة إلى منعهم من التصرف بممتلكاتهم.
فقد مُنع السكان من نقل زيت الزيتون، المادة الرئيسة لمعيشة السكان كمصدر رزق وحياة، إلى الداخل السوري, وذلك كي يجبروهم على بيع إنتاجهم بأسعار بخسة للمجموعات المسلحة وأتباعهم، استغلالاً وترهيباً وتحت ضغط الحاجة، بالمقابل عمل هؤلاء المستغلون على نقل هذا الإنتاج إلى تركيا، ومن هناك صدروه إلى بعض دول العالم تحت أسماء مزورة.
قرى مهجورة قيد الإزالة
ثالثاً: هناك الكثير من القرى في المنطقة أُخليت تماماً من سكانها من قبل المجموعات لمسلحة المحمية والمدعومة تركياً، وأصبحت مهجورة, ويمنعون أهلها من العودة إليها، أو لزرع وحرث أراضيهم ورعاية مزروعاتهم باعتبارها مصدر رزقهم, بل يستولون على تلك الممتلكات ويتصرفون بها, حيث يجنون المحاصيل لأنفسهم, بالإضافة إلى الممارسات الإجرامية المتمثلة بقطع أشجار الزيتون والتعدي على المناطق الحراجية وإزالتها، عدا عن هدم البيوت وإزالتها نهائياً في بعض القرى، كما حدث مؤخراً في قرية جلبل (جلبرة) المهجورة قسراً، إذ قامت الجرافات بإزالة بيوت المواطنين المدنيين، وكذلك الوحدة الإرشادية، والمدرسة، وخزان المياه الذي كان يوزع المياه على منازل القرية, أي: الحرمان من كل مقومات الحياة فيها، كما تم البدء بإقامة أسيجة في مناطق عديدة, ويعتقد الأهالي: أنَّ بعض هذه الإجراءات مقترن ببناء مقرات عسكرية هناك.
الربط مع التركي وتحت رقابته
رابعاً: كما أزيلت أبراج اتصالات الشركات السورية (MTN وسيريتل)، وذلك لإجبار الناس على الاشتراك بخطوط الاتصالات التابعة للشركات التركية، وبالتالي منعهم من التواصل مع الداخل السوري، أو غيره من المناطق، إلّا عبر الخطوط التركية, وذلك كمسعى للقطع مع الوطن بداية، وربما لتشديد المراقبة على المكالمات والاتصالات ووضعها بشكل تام تحت الوصاية التركية، مع عدم تغييب العائد والمنفعة الاقتصادية المرتبطة بذلك، وكذلك يقومون بتمديد شبكة الكهرباء من تركيا لإيصالها إلى المنطقة، وذلك للقطع مع شبكة الكهرباء السورية أيضاً.
هذه الإجراءات وغيرها تعزز الشكوك والخشية عند الأهالي من خطط المحتل التركي ومساعيه اليائسة بضم هذه المنطقة السورية إلى تركيا، خاصة مع افتتاح الطريق البري إليها مباشرة من تركيا عبر معبر الحمام, ودخول البضائع التركية إلى الأسواق, حيث أصبحت المنطقة سوقاً محتكرة للبضائع التركية, بعد أن تقطعت الأوصال مع الداخل السوري.
الصمت الشريك بالجريمة
وأخيراً: يتساءل الناس عن سبب الصمت الرسمي الدولي المريب على جملة هذه الممارسات الإجرامية ومراميها وأهدافها على حسابهم، كرامةً ومعيشةً، وعلى حساب انتمائهم ووطنهم، كما على صمت المنظمات الدولية ومدعي حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام العالمي التي تدعي حيادها زوراً، حيث لا يمكن اعتبار هذا الصمت إلا شكلاً من أشكال الشراكة بالجرائم اليومية التي تلحق بهم، ناهيك طبعاً عن مسؤولية وشراكة مدَّعي المعارضة ومجموعاتها المسلحة بما آل إليه الحال في المنطقة.
هؤلاء الأهالي يريدون حلاً سريعاً ومستعجلاً لكارثتهم الإنسانية من أجل استمرارهم وبقائهم, وتمهيداً للوصول إلى الحل الشامل والجذري للأزمة الوطنية السورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 911