هل ستكون حلب القابضة أفضل من سابقتها بدمشق

هل ستكون حلب القابضة أفضل من سابقتها بدمشق

على خطى محافظة مدينة دمشق تأتي حلب ليعلن مجلس مدينتها عن إحداث «شركة قابضة» لإدارة أملاكها، بهدف «جذب الأموال» و«خلق فرص عمل» و«خلق بيئات استثمارية لإعادة الإعمار» و«تحسينها حضارياً»، لكن ما ملامح هذه الشركة إن اعتبرنا أن المقدمات التي بدأت في دمشق هي مقياس التحليل؟!.

الشركة تمت الموافقة على إحداثها في ختام أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس مدينة حلب، وذلك نهاية شهر آذار المنصرم، وأوضح رئيس مجلس المدينة في حينه، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام، أن: «موافقة المجلس على إحداث الشركة القابضة، سيشكل قفزة نوعية في إدارة أملاكه الكثيرة والصالحة لاجتذاب رؤوس أموال ضخمة لاستثمارها بشكل أمثل في مشاريع ضخمة، بما يوفر فرص العمل ويخلق بيئة استثمارية مواتية لإعادة إعمار حلب وتطوير وتحسين وجهها الحضاري».
بِلا مقدمات وملامح
يُشار إلى أن قرار الموافقة على إحداث الشركة، والإعلان عنه، لم يتم التمهيد له مسبقاً بأية معلومات، كما لم تتبعه أية تفصيلات لاحقاً، وجل ما رشح هو تصريح رئيس مجلس المدينة أعلاه، الذي بَيّن فيه أيضاً أن: «غاية الشركة، تأسيس شركات مساهمة بهدف الاستثمار اللائق لأملاك مجلس مدينة حلب والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطن إلى مستويات أعلى، ولفت إلى أن مجلس المدينة بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإحداث هذه الشركة».
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أنّ المرسوم 19 لعام 2015 الذي أجاز إنشاء شركات سورية قابضة بهدف إدارة واستثمار أملاك الوحدات الإدارية في المحافظات أو جزء منها، إن كانت منطقة أو ناحية أو دون ذلك، قد نصت المادة الأولى منه على ما يلي:
«يجوز إحداث شركة سورية قابضة مساهمة خاصة بناء على دراسات اجتماعية واقتصادية وتنظيمية تهدف إلى إدارة واستثمار أملاك الوحدة الإدارية أو جزء منها, وذلك بقرار من وزير الإدارة المحلية بناء على اقتراح مجلس المحافظة أو مجلس المدينة».
وهنا نتساءل عن الـ«دراسات اجتماعية واقتصادية وتنظيمية»، وفقاً لنص المادة أعلاه، التي بني عليها قرار الموافقة على إحداث الشركة القابضة من قبل مجلس المدينة، وهو ما يمكن اعتباره التمهيد المطلوب بالحد الأدنى وفقاً لنص المرسوم أعلاه، حيث لم ترشح أية معلومات حيال هذه الدراسات، ولا ماهية الأملاك التي سيتم إطلاق يد القابضة فيها، أو مواقعها.
ومن هذه النقطة نبدأ بالمقارنة بين القابضة الدمشقية والحلبية، فالأولى الدمشقية، وبغض النظر عن الموقف من إحداث قابضة أملاكها وما تلاها حتى الآن، وما تم تسجيله من ملاحظات عليها، كانت قد أحدثت هذه القابضة بعد أن بدأت بمشروع «ماروتا سيتي» وفقاً للمرسوم 66 في حينه، وذلك بحثاً عن المزيد من فرص التمويل والاستثمار بهذا المشروع، أي أن هناك بالحد الأدنى تلك الـ«دراسات اجتماعية واقتصادية وتنظيمية»، كمقدمة قانونية لإحداث الشركة وفقاً للمرسوم، على خلاف مدينة حلب وقابضتها، التي لم يحمل قرارها أية ملامح حتى الآن، وظهر وكأنه حالة استباقية لا نعلم تواليها!
نموذج ماثل ومصير مجهول
على المنوال نفسه واستباقاً على مآلات عمل الشركة القابضة المحدثة في حلب، نقارن مع قابضة دمشق ومآلات مشروعها المسمى «ماروتا سيتي»، وتمدده وتوسعه المسمى «باسيليا سيتي»، حيث تم الترويج والتسويق لهذه المشاريع، وتم استقطاب رؤوس الأموال وكبار التجار والسماسرة إلى المناطق المحدثة تنظيمياً لهذه الغاية بعد إفراغها من قاطنيها وأهلها والعاملين فيها، وبدأت عمليات البيع والشراء والمضاربة بالأسهم، وهو أمر يعتبر قانونياً، ورغم مرور سنوات تجاوزت المدد المحددة لإنجاز المشاريع بتسمياتها الجميلة أعلاه إلا أنها لم تنجز حتى الآن!
في المقابل، ما زال الأهالي بانتظار الوعد بالسكن البديل الذي لم يتم تأمينه حتى الآن، وأصحاب الملكيات الصغيرة من الأسهم أصبحوا خارجاً جرَّاء البيع والشراء والمضاربات، وارتفعت أسعار المنطقة عقارياً برغم أنها ما زالت مخططات وورقاً بورق.
وهنا نتساءل مع الحلبيين: ترى ما هي تلك المناطق المزمع تنظيمها وفقاً لمتطلبات القابضة واستقطاب المستثمرين في مدينة حلب بحسب الترويج والتسويق الاستباقي: «الاستثمار اللائق لأملاك مجلس مدينة حلب والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطن إلى مستويات أعلى»، وهل سيكون مصير أهالي وسكان هذه المناطق أفضل من مصير من سبقهم من الدمشقيين؟.
«ما متنا شفنا اللي مات»!
لا شكَّ أنَّ هناك الكثير من المناطق في مدينة حلب بحاجة للتنظيم والتأهيل، وهو بالأصل مطلب لأهالي هذه المناطق، ومن المفترض أنه حق لهم، وخاصة مناطق المخالفات والعشوائيات، حيث يعاني الأهالي هناك الأمرَين، من تردي الخدمات وسوء مواصفات السكن، وربما أصبح ذلك أكثر ضرورة وإلحاحاً حالياً، بعد أن نال الدمار البعض من هذه المناطق وبيوتها، لكن ذلك من المفترض ألّا يتعارض مع صيانة حقوق هؤلاء الأهالي وضمان مستقبلهم، وهو ما باتوا يخشون عليه بعد الإعلان عن القابضة في مدينتهم، وبعد أن رأوا ما حل بتجربة دمشق وتغوّل الاستثمار على حساب الحقوق والمستقبل، ولسان حال الحلبيين حيال ذلك يقول: «ما متنا شفنا اللي مات».

معلومات إضافية

العدد رقم:
910