ماحدا بيحقلو  يزاود ع الناس بالوطنية
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

ماحدا بيحقلو يزاود ع الناس بالوطنية

صار الحديث عن همومنا ومعاناتنا ومشاكلنا- اللي ما عاد بيّنت بدايتها من نهايتها- محفوفاً بالخوف والرهبة من كتر التصريحات والمقالات المدبجة اللي بتحمل مضمون التخوين لكل مين بينتقد جهة معينة أو بيشتكي من التراخي بالمسؤوليات وضياعها بالنتيجة، أو حتى إذا حكى عن الفساد والواسطة والمحسوبية اللي بتطلّع العين من فجاجتها، لك ولو كان من باب الفضفضة مو أكتر.

حتى صارت مضامين سلب المواطنة والوطنية والتخوين بالفترة الأخيرة على هاد الأساس كأنها فرصة تَكَسّب واستغلال متل غيرها من الفرص اللي بيتكاتر عليها الانتهازيون وبياعو المواقف والمتاجرين فيها.
يعني ما وقفت القصة عند تصريحات بعض المسؤولين اللي بيكونوا عم يحاولوا يردوا ع الانتقادات، لأ: صارت ع صفحات الجرايد وع بعض المواقع الإلكترونية، لك وحتى على بعض صفحات فيسبوك العامة كمان.
يعني كأنو المطلوب من الناس أنو تسكت ع وجعها، ونغض النظر عن اللي عم ينهبها ويستغلها، وتطنش ع اللي عم يتاجر فيها وبحقوقها ليل نهار وعلى عينك يا تاجر.. وإلّا فالويل والثبور وعظائم الأمور، التهم جاهزة عند هدول الأبواق اللي بتبدا باعتبار هدول الناس جهلة ومنساقين.. وبتنتهي باعتبارهم مو وطنيين ويمكن خونة ومرتبطين بقنوات خارجية كمان! هيك وبكل بساطة.. لك في أفظع من هيك قطش ولحش وانعدام مسؤولية وأخلاق كمان؟!
المشكلة أنو اللي عم يتنطح حتى يسكِّت الناس وبيستعمل كتير من العبارات الوطنية اللي بيزاود فيها عليهم، وكأنهم ناقصهم وطنية، بكون بشكل مباشر عم يقدم خدمة للفاسدين واللصوص والمستهترين بالبلد، وبالمقابل بيكون هو اللي عم يساعد الأدوات الخارجية حتى تركب موجة المزاودة تبعو وتردها عليه وعلينا وع البلد، ع مبدأ اللي ما بيشوف الشمس من الغربال أعمى، لأنو ما عاد في شي مخبا، غير أنو الوضع من سيئ لأسوأ ع كل المستويات وخاصة المعيشية والخدمية.
فالناس وقت بتحكي عن وجعها وبتفضفض وبتحاول تفصفص المشاكل لتفهم مين المسؤول عنها لتحملوا المسؤولية وتطالب بمحاسبتو ما بتكون غوغاء ولا دهماء، ولا هنن دونكيشوتات ومندسين فيسبوكيين همهم الاستعراض، متل ما انحكى عنهم ببعض وسائل الإعلام، لك هدول كتير عاديين وعفويين ويمكن أقل حقوقهم البقيانة هي أنهم يحكو شوي بعد كل اللي عاشوه وشافوه، ومع هيك في مين بدو يكبتهم ويمنعهم حتى من الحكي!.
وبلا طول سيرة وبدون مزاودات، الدفاع عن الوطن والوطنية بيبدا بأنو تتعزز مواقع المدافعين عنو عنجد، يعني الناس العاديين نفسهم بالنتيجة بغض النظر عن مواقعهم، لأن هدول هنن اللي حمو الوطن كل السنين الماضية، بالمقابل كانوا متحملين كل نتائج الحرب والأزمة ع كتافهم، حرب وجبهات وتشرد ونزوح وقلة وجوع و..، بالوقت اللي اغتنى غيرهم كتير وكبر ع حسابهم وع حساب معاناتهم وع حساب البلد، من سماسرة وتجار حرب وأزمة وفاسدين وغيرهم، ووقت بتتوجه السهام ع هدول بقصد الحد من استغلالهم ومحاسبتهم بيكون الموقف وطني مو خيانة، ووقت بيجي مين بدو يسكت الناس بيكون عملياً عم يحمي هدول، يعني هو اللي مشكوك بموقفو الوطني بالنتيجة..
ووقت بيصير الحكي عن تعزيز مواقع الناس المدافعين عن الوطن والوطنية فيمكن الخطوة الأهم بهاد الاتجاه هي أنو يتحسن الوضع المعيشي لهدول الناس وتتحسن خدماتهم وتنصان كراماتهم، وطبعاً هي من مهام الدولة اللي بمسؤولية الحكومة والمتنفذين، يعني الموضوع مرتبط بشكل مباشر بسياسات الحكومة نفسها، مشان هيك كمان المفروض يكون الانتقاد مشروع ع التقصير بهي المجالات، بدون حساسيات وتسجيل مواقف ومهاترات..
يعني كل الفذلكات تبع مساعي تسكيت الناس مو بمحلها ولا بتنزل لا بميزان ولا بقبان، والغرض منها ما ممكن ينفهم إلا أنو يستمر الوضع ع ما هو عليه من الفساد والنهب والسرقة واللامبالاة والفوضى..
وخيو من الآخر الناس بدها تحكي وتعبر عن أوجاعها وهمومها ومشاكلها، وبدها نوجه الإدانة لكل اللي باع واشترى فيها من جوا ومن برّا كل السنين الماضية ولسا بدو يكمل عليها بمعية أدواتو، بما فيهم اللي عم يحاولوا يسكتوها بالفترة الأخيرة.. واللي عجبو واللي عمرو ما يعجبو.. بكل الأحوال ما حدا بيحقلو ينزع الوطنية منها أو يزاود عليها فيها..

آخر تعديل على الإثنين, 18 شباط/فبراير 2019 13:04