الغوطة.. مشكلة نقص المعلمين لا تحل بالمبادرات الأهلية
أعيد افتتاح بعض المدارس في بلدات الغوطة الشرقية مع بدء العام الدراسي، وقد استقطبت هذه المدارس الكثير من الطلاب، وخاصة الحلقة الأولى والثانية، حيث كانت بالنسبة لهم ولذويهم فرصة من أجل استعادة بعض من أوجه الحياة التي فقدوها لأعوام، كما كانت عاملاً مساعداً على الاستقرار.
لكن الفرحة لم تكتمل مع الطلاب وذويهم، فقد واجهتهم مشكلة نقص المعلمين والمعلمات في بعض هذه المدارس، فعلى الرغم من مساعي الاستعانة بالمعلمين الوكلاء لتغطية النقص الحاصل من قبل الإدارات المدرسية، إلّا أن ذلك لم يكن كافياً، خاصة وأنّ أجور هؤلاء تعتبر هزيلة وغير مشجعة، حيث لا تتجاوز مبلغ 19 ألف ليرة شهرياً، وهو بالكاد يغطي تكاليف المواصلات، ما أدى لإحجام الكثير من الوكلاء عن الالتزام بالتكليف.
مشكلة ومبادرة أهلية
أمام هذه المشكلة التي تعجز عن حلها إدارات المدارس، وخاصة على مستوى الأجور غير المرضية والمشجعة، والمحكومة قانوناً، وأمام ضرورة استمرار العملية التعليمية في بعض المدارس، حرصاً على مصلحة التلاميذ ومستقبلهم، بادر ذوو بعض الطلاب بتقديم محفزات تشجيعية لبعض المعلمات الوكيلات في إحدى بلدات الغوطة، حيث اتفقوا مجتمعين على تحمل تكاليف المواصلات وذلك من خلال تأمين واسطة نقل تقل هؤلاء المعلمات إلى مدارسهم، بحيث لم يعد أمر هذه التكلفة عائقاً أمامهن، بالإضافة للتخفيف عنهن مغبات التعب والمشقة على الطرقات، مع الحفاظ على عامل الزمن المرتبط بالالتزام بمواعيد الدوام الصباحي، والانصراف المسائي، وقد كان لهذه المبادرة أصداء إيجابية، خاصة وأنها حلّت جزءاً من مشكلة كبيرة وعميقة، ولو بشكل جزئي ومحدود، لكن حصادها على مستوى مصلحة الطلاب واستكمال تعليمهم في مدارس هذه البلدة لا يمكن تقزيمها بحال من الأحوال.
مشاكل عميقة وواسعة دون حلول
مشكلة نقص المعلمين والمعلمات معممة على غالبية مدارس بلدات الغوطة الشرقية، بل وغيرها من مدارس البلدات والمدن أيضاً، إلّا أن الحل لجزء من هذه المشكلة عن طريق المبادرات الأهلية يبقى محدوداً ومنتقصاً، برغم أهميته وضرورة تشجيعه، فالمشكلة أوسع من أن تكون محصورة في بلدة محددة، وأعمق من أن تكون مقتصرة على الأجور الهزيلة.
وعلى الرغم من معرفة مديريات التربية بهذه المشكلة، وعلى الرغم من أنّ وزارة التربية نفسها تدرك جملة المشاكل المرتبطة بالأجور والتعويضات وغيرها الكثير الكثير من المشاكل العميقة الأخرى، إلا أن واقع المشاكل المرتبطة بالعملية التعليمية ما زال قائماً دون حلول شافية حتى الآن، بالرغم من كثرة الوعود، وبالرغم من كل التهليل حول قضية تطوير المناهج على سبيل المثال لا الحصر، وكأنها بوابة الحلول لجميع المشاكل الأخرى.
والسؤال المشروع على ألسنة ذوي الطلاب، وربما الإدارات والمعلمين أيضاً: إلى متى هذا التعامي عن إيجاد الحلول الشافية؟.
وإلى متى سيبقى مستقبل الطلاب والتلاميذ رهناً بهذه الحلول المنتظرة؟