المدينة العمالية بعدرا وهموم المواصلات
المدينة العمالية بعدرا وعلى الرغم من مرور سنين على إعادة الاستقرار إليها، وعلى الرغم من استئناف المرور على طريق أوتوستراد حرستا بعد إعادة تأهيله، إلا أن واقعها لم يتغير على مستوى المواصلات، حيث تزايدت معاناة الأهالي من هذه المشكلة بدلاً من أن تذلل وتحل.
واقع الحال يقول: إن معدلات العودة للسكن في المدينة تزايدت خلال السنوات الماضية، لكن المعيق الحقيقي على هذا المستوى من أجل استعادة المدينة لسكانها يتمثل بعدم استقرار المواصلات وعودتها كما كانت سابقاً.
مقدمات العودة والاستقطاب مستكملة
مقدمات عودة الأهالي للمدينة أصبحت شبه مستكملة، فالخدمات العامة في المدينة تعتبر جيدة، حيث أزيلت الأنقاض وفتحت الطرقات، وواقع الكهرباء والمياه يعتبر جيداً نسبياً، بالإضافة إلى افتتاح الكثير من المحال التجارية متعددة الاختصاصات والمهام الخدمية للمواطنين، حيث تتوفر في المدينة غالبية المواد والمستلزمات الضرورية والحياتية اليومية، وبأسعار تعتبر مقبولة ومتقاربة مع مثيلاتها في أسواق دمشق، بالإضافة إلى افتتاح المدارس ووجود الصيدليات والأطباء، طبعاً مع عودة عمل البلدية وقسم الشرطة، وغيرها من الجهات العامة الأخرى. ومع ذلك ما زالت المدينة تفتقر لعامل مهم من عوامل الاستقطاب السكاني يتمثل بالمواصلات، حيث ما زالت تشكل عائقاً على هذا المستوى، ليس بسبب تكلفتها المرتفعة والمرهقة على المواطنين فقط، بل بسبب قلتها وسوئها.
وبهذا الصدد ربما لا بد من الإشارة إلى أهمية إعادة النظر بالإجراءات الأمنية المتعلقة بالمدينة، والاحتياطات التي مازالت سائدة على هذا المستوى، مثل: وضع البطاقة الشخصية على مدخل المدينة عند الدخول، واستلامها عند الخروج، وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الجانب رغم أهميته طبعاً، والتي أصبح من الضروري التخفيف منها قدر الإمكان، فهذا الإجراء أيضاً يعتبر معيقاً بأحد جوانبه على مستوى زيادة الاستقطاب السكاني للمدينة.
هروب من خطوط النقل
هناك عدد لا بأس به من السرافيس العاملة على خط المدينة، بالإضافة إلى النقل الداخلي الذي يعمل سفرتين صباحاً ومساءً، وعلى الرغم من ذلك هناك مشكلة في المواصلات، والسبب في ذلك هو أن بعض السرافيس تترك العمل على خط النقل الخاص بالمدينة، ولخدمة سكانها من وإلى دمشق، وتهرب منه لتعمل على خط نقل العاملين من وإلى المدينة الصناعية والمعامل المحيطة بالمدينة، باعتبار أن العمل على هذه الخطوط أكثر ربحاً بالنسبة لأصحابها.
فالمدينة ما زالت تعتبر معزولة عن العالم الخارجي اعتباراً من ساعات ما بعد الظهر والمساء، وذلك بسبب توقف عمل السرافيس خلال هذه الساعات، لتزيد هذه الحالة سوءاً خلال ساعات النهار أيضاً، وخاصة خلال ساعات الذروة، بسبب تفرغ هذه السرافيس للعمل على خطوط مختلفة ومخالفة أصلاً، مع العلم بأنها تأخذ مخصصاتها من المازوت بغاية استمرار عملها على خطها الأساسي، إلّا أن ذلك لا يتم، بل زاد واستفحل، ومن المتوقع أن يزيد أكثر من ذلك مستقبلاً بالتوازي مع عودة النشاط إلى المدينة الصناعية وتزايده.
الحلول مطلوبة
لا شك أن تخديم المدينة الصناعية والعاملين فيها يعتبر هاماً، لكن بالمقابل لا يجب أن يكون ذلك على حساب سكان المدينة وتخديمهم، وبالتالي من المفروض أن يتم حل هذه المشكلة بالتوازي وبما يحقق مصلحة الجميع.
ولعل ذلك ممكن من خلال استقطاب أعداد إضافية من السرافيس العاملة على خط المدينة، وتخصيص المدينة الصناعية بخط سير خاص بها، باعتبار أن أعداداً لا بأس بها من العاملين في هذه المدينة هم من أبناء وسكان المدينة العمالية.
بالإضافة إلى ذلك المطلوب تخصيص المدينة بسفرات إضافية من قبل النقل الداخلي، ليس من أجل حل مشكلة المواصلات فقط، بل من أجل تخفيض كلفة النقل على المواطنين، فأجور النقل بالسرافيس والبالغة 125 ليرة تعتبر مرتفعة ومرهقة عليهم، خاصة بحال اضطرار أكثر من فرد من أفراد الأسرة للانتقال اليومي من وإلى المدينة، وهؤلاء يعتبرون كثراً، وهم بطور التزايد أكثر خلال المرحلة المقبلة، من عاملين وموظفين وطلاب مدارس وجامعات.