بلدة مديرا صغيرة ومنسية
بلدة مديرا، القريبة من حرستا والتابعة لمنطقة دوما، لا تختلف عن غيرها من بلدات الغوطة الشرقية، الصغيرة أو الكبيرة، من حيث أوجه المعاناة العديدة والمتشابكة، إلا بكونها منسية ومهملة أكثر.
هذه البلدة الصغيرة تعرضت كما غيرها للكثير من الدمار بنتيجة المعارك خلال سنوات الحرب، حيث تعتبر نسبة الدمار فيها مرتفعة على الرغم من صغرها، ومع ذلك فقد عاد بعض أهليها إليها، ليشاركوا من استمر في البقاء بها طيلة سني الحرب أوجه المعاناة.
لا كهرباء ولا ماء
على مستوى نقص الخدمات العامة حدث بلا حرج، حيث لا كهرباء إطلاقاً في البلدة، على الرغم من عامل الزمن المضني المرتبط بالوعود على هذا المستوى، والأهالي لا يدرون ما هو سبب تأخير وصول الكهرباء إلى بلدتهم، مع العلم أنها وصلت إلى بعض البلدات المجاورة، برغم الملاحظات على هذه الخدمة من حيث ساعات القطع والوصل والأعطال وغيرها.
كذلك هو الحال على مستوى التزود بالمياه عبر الشبكة الرسمية، حيث لم يتم ضخ المياه بهذه الشبكة حتى الآن أيضاً برغم الكثير من الوعود، ويعتمد الأهالي على بعض الآبار الموجودة، القديم منها أو الحديث، فمنها ما زال يعمل بالكباسات اليدوية القديمة، وبعضها يعمل بالغطاسات، ويتم نقل المياه من هذه المناهل المحدودة بالبيدونات من أجل تأمين الاحتياجات اليومية من المياه لسكان البلدة، وهي لا شك معاناة يومية كبيرة بالنسبة لهؤلاء.
مشاكل أخرى لا تقل أهمية
المحروقات، المازوت والغاز، غير متوفرة إلا في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جداً واحتكارية، كذلك هي الاحتياجات اليومية، وخاصة الأغذية والخبز، والتي تباع بأسعار مرتفعة هي الأخرى بذريعة صعوبات النقل والتنقل، وذرائع المبالغ الإضافية التي يتم دفعها على بعض الحواجز، مما يشكل عامل ضغط كبير على المستوى المعيشي، يضاف إلى ما هو سائد أصلاً من تدهور معيشي.
الردميات وبقايا الدمار ما زالت منتشرة في الشوارع والحارات، مما يشكل عائقاً أمام الحركة والتنقل داخل البلدة، سواء للمارة أو للسيارات والوسائط الأخرى، مع العلم أنه لا تتوفر وسائط نقل مخصصة للبلدة، مما يضطر الأهالي للتنقل سيراً على الأقدام لمسافات طويلة من أجل الوصول لأقرب نقطة تمر منها وسائط النقل.
عمليات الترميم الضرورية لبعض البيوت المدمرة جزئياً تواجه الكثير من الصعوبات والمعيقات، اعتباراً من صعوبات ادخال مواد ومستلزمات عمليات الترميم وارتفاع أسعارها، وليس آخراً بعدم توفر المبالغ الضرورية الكافية لتغطية الكلف المرتفعة في ظل الواقع الاقتصادي المعيشي السيئ، واللجوء بالمحصلة إلى عمليات ترقيعية تحتاج إلى الصيانة بين الحين والآخر، وهي كلف إضافية تضاف إلى الكلف الأصلية.
توقف الإنتاج الزراعي
البلدة الصغيرة تعتبر بلدة زراعية حالها كحال الكثير من بلدات الغوطة، واعتماد أهلها بجزءٍ كبيرٍ منه مرتبط بالإنتاج الزراعي ومواسمه في الأراضي الزراعية المحيطة بها والتابعة لها والمملوكة من قبلهم، حيث يعتبر العمل الزراعي واحداً من مصادر الدخل الرئيسية في البلدة، كما يوفر بعض فرص العمل المرتبطة بهذا الإنتاج، نباتياً أو حيوانياً، لكن ما باليد حيلة بالنسبة لهؤلاء في الوقت الراهن من أجل استعادة نشاطهم وإنتاجهم الزراعي والحيواني كما سبق، وخاصة بالنسبة لارتفاع تكاليف هذا الإنتاج، بالإضافة إلى مشكلة الري وتوفر المياه وارتباط ذلك بالمحروقات أيضاً.
فالكثير من الأراضي الزراعية أصبحت خارجة عن الخدمة، كما خسر الأهالي رؤوس قطعانهم من الأغنام والأبقار، ومن الصعب عليهم ترميم هذه الخسائر وذلك لارتفاع أسعارها وتكاليفها، ما يعني بالمحصلة توقف عجلة الإنتاج الزراعي في البلدة، وبالتالي خسارة جزء هام من مصدر الدخل بالنسبة للأهالي.
وبحسب الأهالي كل ذلك يتم تتويجه بعدم وجود مجلس بلدي أو مرجعية رسمية للجوء إليها من أجل حلحلة الكثير من القضايا الخدمية والحياتية اليومية العالقة والمعلقة، وهؤلاء يقولون: ربما بلدتنا صغيرة وعددنا فيها بضعة آلاف فقط، لكن ذلك لا يعني أن يتم إهمالنا مع مطالبنا بهذا الشكل، وكأننا منسيون من الجهات الرسمية المسؤولة!