درعا.. ضعف عوامل الاستقرار

درعا.. ضعف عوامل الاستقرار

تزايد الوضع الخدمي سوءاً في بلدات محافظة درعا بشكل عام، حيث تفاقمت أزمات الغاز والمازوت والكهرباء والخبز وغيرها، الأمر الذي انعكس مزيداً من المعاناة على حساب المواطنين، ومزيداً من الاستغلال لحاجاتهم من قبل تجار الأزمات والفاسدين.

الأشد سوءاً هو: التهرب من حل هذه المشاكل المتراكبة عبر الادعاء بأن تفاقم هذه الأزمات له صبغة عامة لا تقتصر على محافظة درعا فقط، وكأنّ التعميم بهذا الشكل ينفي المسؤولية المفترضة بعهدة أولي الأمر عن هذه الملفات الخدمية، سواء على المستوى التنفيذي بما يخص مهام كل جهة، أو على مستوى الرقابة والمتابعة والمحاسبة!.
ليضاف إلى ذلك كله بعض المشاكل المرتبطة بمستويات الأمان ومعدلات الاستقرار في المحافظة.
المحروقات متوفرة في السوق السوداء!
مشكلة تأمين مازوت التدفئة مستمرة بتفاقمها، فعلى سبيل المثال: تم البدء بتسليم 100 ليتر مازوت كجزء من الكمية المخصصة لكل أسرة، ولم تُستكمل عمليات التسليم لهذه الكمية حتى تاريخه في الكثير من البلدات، علماً أنه من المفترض أن يكون قد تم البدء بتسليم الدفعة الثانية من الكمية المخصصة مطلع العام.
في ظل البرد والحاجة للدفء فإن ذلك يعني اللجوء إلى السوق السوداء من أجل تأمين تلك المادة اضطراراً، وطبعاً بالسعر الاحتكاري الذي يفرضه تجار الأزمة، حيث يختلف هذا السعر من بلدة إلى أخرى، وبحسب «شطارة» تجار السوق السوداء استغلالاً للحاجة.
ما يجري على مستوى تأمين الاحتياجات من مادة مازوت التدفئة ينطبق كذلك الأمر على تأمين مادة الغاز المنزلي، حيث تفاقمت أزمة الغاز في المحافظة أيضاً بشكل كبير مؤخراً، طبعاً رافق ذلك جملة من التبريرات مع جملة من الوعود بالحلول.
والملفت، أن السوق السوداء للمحروقات منتعش وعلى أفضل ما يرام، ولا يوجد به نقص بالكميات طالما يتم دفع المعلوم، وعلى أعين أولي الأمر!.
أما السؤال عن كيف تتوفر هذه المواد في السوق السوداء ولا تتوفر في مراكز التوزيع الحكومي النظامية، علماً بأنها حكومية المصدر والتوزيع افتراضاً، فهذا ما لم تُتعب الجهات الرسمية نفسها بالإجابة عنه، والمحاسبة عليه؟! والنتيجة هي مزيد من الاستغلال للمواطنين، وعلى حساب معيشتهم ومتطلبات حياتهم الضرورية الأخرى.
وعود الوزير لم تُبصر النور
مشكلة التزود بالطاقة الكهربائية أصابها أيضاً المزيد من التراجع، بعد أن استبشر المواطنون خيراً بالتحسن على الشبكة ومحطة في الشيخ مسكين، سواء من خلال عمليات الصيانة وإعادة التأهيل التي جرت وتم الإعلان عنها، أو من خلال التحسن النسبي على التزود بالطاقة الذي لمسه المواطنون لفترة محدودة ما لبثت أن انتكست نحو التراجع مع بدء فصل الشتاء، حيث لا تتجاوز ساعات الوصل في بعض البلدات عن ساعتين نهاراً وساعتين ليلاً، مثل: داعل وبعض البلدات الأخرى، ومع ذلك يتخلل ساعات الوصل فترات انقطاع، وفي بعض البلدات تكاد لا تصل إليها الطاقة الكهربائية نهائياً، حيث تتفاوت ساعات الوصل والقطع بين البلدات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأهالي تقدموا بالكثير من المطالب من أجل معالجة سوء الخدمة وعدالة التوزيع، لكن دون جدوى في ظل الكثير من الذرائع والحجج المقدمة، علماً بأن وزير الكهرباء قام بزيارة إلى محطة الشيخ مسكين منذ فترة قريبة، وقد وعد خيراً على مستوى تحسين تزويد المحافظة بالطاقة الكهربائية، إلّا أن الوضع لم يتحسن حتى تاريخه، والوعود الوزارية لم تبصر النور.
رغيف الخبز
مشكلة تأمين رغيف الخبز ما زالت قائمة، فالازدحام على مخبز داعل مثلاً مستمر ليلاً ونهاراً، وطيلة ساعات العمل المرتبطة بكم الانتاج وفقاً للمخصصات من الدقيق المُسلم حسب ما هو مفترض، والمرتبطة بجانب آخر بالكميات المسلمة للمعتمدين من الإنتاج اليومي لبيعها في الأحياء والبلدات الأخرى، مع عدم إغفال جوانب الاستغلال لهذه المادة الحياتية اليومية ناحية المواصفة والسعر طبعاً، والتي يدفع ضريبتها المواطن أولاً وأخيراً.
الأهم، أن هذه المشكلة يتفرع عنها هاجس إضافي يتمثل بالخشية من شدة الازدحام بحد ذاتها أمام المخبز طيلة ساعات عمله، خاصة في ظل عدم استتباب الوضع الأمني بشكل نهائي حتى الآن.
عوامل الأمان والاستقرار
بعيداً عن الخوض بتفاصيل عوامل الاستقرار المرتبطة بالجوانب الاقتصادية الاجتماعية والخدمية والمعيشية وغيرها الكثير، والتي تحتاج للكثير الكثير من الجهود والبرامج المرتبطة بالسياسات العامة بما عليها من ملاحظات كثيرة هي الأخرى، ما زالت المحافظة تعاني من تدني مستويات الأمان التي تعتبر من أهم عوامل الاستقرار، وما يترتب على ذلك من خشية لدى المواطنين على أمنهم الشخصي والأمان على أفراد أسرهم، فبعض الحوادث ذات الطابع الجرمي باستخدام الأسلحة، والتي يذهب ضحيتها بعض المواطنين، تتكرر بين الحين والآخر ويتم تداولها وانتشار أخبارها بين الناس، بالإضافة إلى بعض الحوادث جراء انفجار بعض الألغام من مخلفات المجموعات المسلحة في بعض الأراضي الزراعية.
وبغض النظر عما يقال عن هذه الحوادث وتفاصيلها، وما تقوم به الجهات الرسمية من متابعات لها للقبض على المسؤولين عنها، إلّا أن المؤسف أنه وحتى تاريخه لم يتم العمل الجاد من أجل استكمال عمليات سحب الأسلحة والتفتيش عنها وحصرها بأيدي الجهات الرسمية المخولة بذلك فقط، حيث ما زالت بعض الأسلحة منفلتة هنا وهناك، ما يعني خروجها عن ضوابط الاستعمال والهروب من المحاسبة عليها، بدليل الحوادث المسجلة حتى الآن، الأمر الذي ينعكس سلباً على معدلات الأمان ومستويات الاستقرار بالمحافظة بشكل عام.
أخيراً، يمكن القول: إن جملة النقاط المثارة أعلاه كمشاكل وأزمات، منفردة ومجتمعة، مع بقية عوامل الاستقرار الكثيرة الأخرى، لا بد لها من حلول عاجلة، وكل تأخير في ذلك يمكن اعتباره إعاقة من الناحية العملية لاستكمال عوامل الاستقرار في المحافظة كي تستعيد عافيتها اجتماعياً واقتصادياً.