شركاء الشقاء في المخيمات
أتى موسم البرد والشتاء ليحيل حياة المقيمين في المخيمات إلى مزيد من البؤس فوق بؤسهم وشقائهم، حيث جرفت سيول الأمطار خيام الكثير من هؤلاء، وأغرقت بعضهم، وأتلفت مقتنياتهم البسيطة والمحدودة.
كثيرة هي المخيمات التي يُقيم فيها السوريون ممن شردتهم الحرب والأزمة، فهي ممتدة على طول الحدود الشمالية، وفي منطقة الجزيرة، وعلى الحدود الأردنية، وفي الداخل اللبناني، وفيها عشرات الآلاف من الأسر التي تهجرت من مدنها وقراها وبيوتها خلال السنوات الماضية من عمر الحرب والأزمة.
معاناة مشتركة
هؤلاء بالإضافة إلى ما يعانونه من مغبات التشرد، ومن نقص الخدمات ومقومات الحياة في مخيماتهم، يعانون كل عام معاناة إضافية خلال فصل الشتاء، من مغبات البرد وأمراضه، ومن العواصف والثلوج والأمطار والسيول ومخاطرها على سلامتهم وحياتهم، ولا فرق بينهم على مستوى درجة البؤس والشقاء، فجميعهم سواء أينما كان موقع مخيمهم، وتحت أية وصاية أو رعاية كانوا.
كما لا يمكن بحال من الأحوال التمكن من نقل معاناة هؤلاء اليومية خلال موسم البرد والشتاء تحديداً، فعلى الرغم من توارد بعض الصور، أو مقاطع الفيديو التي تصور هذا البؤس، إلّا أن الواقع أشد بؤساً وألماً على هؤلاء، حيث العجز عن الوقوف بوجه الأمطار أو بوجه تسرب المياه إلى داخل الخيام، أو غرقها وجرفها بسبب شدة السيول، كما هي حال العجز عن تحمل البرد والصقيع في ظل عدم توفر ما يقي هؤلاء من درجات الحرارة المنخفضة، فلا كهرباء ولا وسائل تدفئة دائمة يمكن الاعتماد عليها، ناهيك عن نقص الخدمات الصحية، وطبعاً الأكثر تعرضاً للخطر جراء جملة العوامل المنغصة للحياة، هم الأطفال دائماً وأبداً، وكبار السن، وخاصة المرضى بأمراض مزمنة منهم.
ملف مستنفذ
هذا الواقع البائس والمستمر منذ سنوات على هؤلاء، يزداد ضراوة عليهم، خاصة بعد أن فقد ملفهم الزخم الاستثماري به، سياسياً وأمنياً وإنسانياً، وعلى حسابهم، على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، سواء من قبل الدول أو من قبل المنظمات التي تدعي الانسانية، أو عبر بعض وسائل الإعلام التي استنفذتهم خلال السنوات الماضية، وغيبتهم بعد ذلك، ليتم تكحيل ذلك كله بتخفيض الإعانات والمساعدات المخصصة لهم، ناهيك عمّا يتم نهبه منها باسمهم، وعلى حساب ضروراتهم وحاجاتهم.
والنتيجة هي: أن عوامل «الإنسانية» التي طَنبّت بها آذاننا وسائل الإعلام وبعض الدول طيلة السنوات الماضية باسم هؤلاء السوريين المشردين في الخيام، قد استنفذت نفسها بالنسبة إليهم، بحيث أصبحت معاناة هؤلاء طي التكتم والتعتيم والتجاهل، وفوق كل ذلك يضعون أمامهم الكثير من الصعوبات والعراقيل منعاً من عودتهم، بل وحتى من تحركهم خارج خيامهم في الكثير من الأحيان!.