عين ترما بانتظار استئناف حياتها
بلدة عين ترما إحدى بلدات الغوطة الشرقية، والتي عانت كثيراً خلال سنوات الحرب، ما تزال عودة الحياة إليها بشكلٍ كاملٍ معلقة إلى أجلٍ غير مسمى ولأسباب غير معروفة.
فحتى الآن، ورغم عودة المواصلات إلى المدينة، لا يسمح بالدخول إلى البلدة إلا لِمن يحمل موافقات إقامة مع أسرته في الداخل، عدا عن صعوبات التفتيش والتفييش على الحواجز.
بنى تحتية وخدمات غير مؤهلة
الأهالي ما زالوا بانتظار استكمال فتح كامل الطرقات في البلدة، وعند تنقلك داخل البلدة تلاحظ مشاهد الدمار الهائلة والأبنية المنهارة والركام الذي مازال على الطرقات، وعلى جوانب الأبنية، ناهيك عن الحفر التي تملأ الشوارع، والتي تتحول في الشتاء إلى بركٍ طينية تعيق الحركة، سواء للمارة أو لوسائط النقل.
الخدمات في البلدة ما زالت دون المستوى المطلوب، فالكهرباء لم تصل بعد إلى كامل البلدة، بل إلى بعض أحيائها فقط، والمياه كذلك الأمر، حيث يتم تعبئة خزانات مياه الشرب من قبل البلدية، ولم تفتح إلا الطرق الرئيسة فقط، حيث لم تُستكمل عمليات إزالة الركام والردميات من بقية الشوارع الفرعية والحارات، من قبل البلدية والمحافظة، وذلك بسبب عدم توفر السيولة الكافية لذلك، فما رصد من ميزانية للبلدية والبالغ 30 مليون ليرة لا تكفي للقيام بهذه المهام كلها، بحسب بعض الأهالي، ما يعني المزيد من الانتظار على مستوى إعادة تأهيل البنى التحتية في البلدة كافة، كمقدمة لا بد منها للاستقرار الأهلي المطلوب.
عدا عن القمامة التي تملأ الطرقات وجوانبها، فالبلدية لا تقوم بتنظيف الطرقات أو تفريغ حاوياتها بشكل منتظم، والنتيجة أن شوارع المدينة وحاراتها أصبحت تعج بالقوارض والحشرات.
السوق داخل البلدة عاد للعمل وكل شيء متوفر نسبياً، من خضار وفواكه ولحوم، فمحلات تجارية عديدة عادت وفتحت أبوابها، لكن المواطنين ليس لديهم الدخل الكافي لتأمين احتياجاتهم وضروراتهم الحياتية اليومية كافة، لذلك فليس من المستغرب أن تصادف بعض النساء والأطفال على مفارق الطرقات يعرضون على المارة شراء قطعة بسكويت، أو علبة محارم، كمصدرٍ هامشي للرزق، بدلاً من التسول في ظل الوضع المعاشي المتردي.
كل هذا الوضع مع عدم فتح الطرقات بشكل كامل يعرقل عودة السكان إلى منازلهم، حيث لم يعد إلى البلدة سوى شديدي الفقر الذين أرهقهم النزوح وفضلوا العودة والسكن في منازلهم، ولو جزء منها مدمر، فهذا أرحم لهم من الإيجارات.
النشاط الاقتصادي متوقف
ما سبق لا يعرقل عودة الأهالي فقط، بل يُعيق استعادة النشاط الاقتصادي إلى المدينة، التي كانت تحوي الآلاف من المعامل والورشات الحرفية الصغيرة، وتوفر فرص العمل للكثير من أبناء البلدة. فعدم وجود الكهرباء يعتبر عاملاً أساساً في إعاقة عودة الحياة الاقتصادية إلى البلدة، بالإضافة إلى أن عدم توفر المياه أدى إلى توقف عمل المزارعين عن زراعة أرضهم في منطقة وادي عين ترما، مع العلم أن هذا هو وقت تهيئة الأراضي للزراعة، وهذا ما جعل بعض الأهالي هناك يعيشون على الإعانات بسبب البطالة التي يعانونها.
ناهيك عن ضرورات ترميم وإعادة تأهيل البيوت والمباني المتضررة جزئياً أو كلياً في البلدة، وصعوبات عمليات الترميم بالنسبة للأهالي، وخاصة على مستوى التكاليف المرتفعة والمرهقة، بسبب ارتفاعات الأسعار غير المتناسبة مع مستويات الدخول، ناهيك عن عوامل الاستغلال المضافة على هذا الملف.
فعودة الحياة للبلدة، واستعادة نشاطها الاقتصادي، يتطلب استكمال إعادة تأهيل البنى التحتية فيها والخدمات إليها، وخاصة الطرقات والكهرباء والمياه، مع تقديم جميع التسهيلات اللازمة بما يخص عمليات الترميم، بما في ذلك التعويضات العادلة عن الأضرار.
فهل ستبقى ذريعة التمويل وعدم توفر السيولة، وغيرها من الذرائع الأخرى، معيقاً أمام استعادة هذا النشاط، وعودة الأهالي؟