عليهم الاقتراح وعلينا الدفع

عليهم الاقتراح وعلينا الدفع

بشرى غير سارة للمواطنين، زفها عضو المكتب التنفيذي للنقل في محافظة ريف دمشق، مضمونها وجود «اقتراح بتعديل تعرفة بعض خطوط السرافيس»، وذلك حسب ما نقل عن لسانه عبر إحدى الصحف المحلية نهاية الشهر الماضي،
مالبث أن نفاها بعد يومين.

المقصود بالتعديل، بغض النظر عن التأكيد والنفي، هو زيادة التعرفة المعتمدة للسرافيس العاملة على خطوط النقل بين مدينة دمشق وريفها. وقد وضح عضو لمكتب التنفيذي بأن: «التعرفة السعرية تابعة للتموين وليس للمحافظة، وأن هناك معايير تُحدد التعرفة كالمسافة والمحروقات وغيرها».
تبرير مسبق
الواضح، ربما، أن قرار زيادة التعرفة أصبح قيد الدراسة، خاصة مع التبريرات المساقة والسابقة له، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معايير تحديد التعرفة المتعلقة بالمسافة والمحروقات لم يطرأ عليها أي تغيير مؤخراً.
وبغض النظر عن محاولة التهرب من مسؤولية قرار زيادة التعرفة، التي تم تجييرها إلى التموين، فقد كان اللافت هو التبرير المساق لهذه الزيادة على لسان عضو المكتب التنفيذي، والتبرير لهروب السرافيس من العمل على بعض الخطوط، حيث صرح بأن: «التعرفة القليلة هي سبب هروب السرافيس للعمل على خطوط أخرى من دون موافقة، أو وراء تقديم البعض منها طلبات فرز لخطوط أخرى».
بجميع الأحوال فإن جيب المواطن تبدو وحدها المسؤولة بالنتيجة، سواء كان ذلك على مستوى تهرب السرافيس من العمل على بعض الخطوط، أو على مستوى المزيد من استنزافها عبر زيادة تعرفة النقل بالسرافيس.
المزيد من التردي قادم
المخيف أكثر من كل ذلك بالنسبة للمواطنين، هو أن التعديل المرتقب على التعرفة، ربما لن يقف عند حدود بعض الخطوط، فمجرد إقرار الزيادة على أحدها أو بعضها وفقاً للمعايير المدروسة، فإن ذلك من الممكن تعميمه على بقية الخطوط، فهذا ما درجت عليه العادة بمثل هذه الحالات، وطبعاً جيب المواطنين ستكون هي الضحية.
المشكلة بالنسبة للمواطنين أن المعايير الرسمية المرتبطة بالتكلفة والتسعير، لا يوجد مثيلها على مستوى دخلهم واحتياجاتهم وضروراتهم ومعيشتهم، وخاصة محدودي الدخل ومفقري الحال والطلاب، فتكلفة المواصلات الشهرية بالنسبة لهؤلاء سلفاً تعتبر كبيرة بالمقارنة مع دخولهم الهزيلة، أو المعدومة، فكيف الحال إذا ما ارتفعت هذه التكلفة عليهم.
على سبيل المثال: إن زيادة التعرفة بمقدار 5 ليرات فقط، والتي قد تعتبر هزيلة في حسابات البعض من الرسميين على ما يبدو، فهذا يعني على مستوى أسرة مكونة من 5 أفراد مضطرين للتنقل يومياً ذهاباً وإياباً بوسيلة نقل واحدة، أن التكلفة الشهرية التي سيتكبدونها هي 1200 ليرة، وبحال الاضطرار للتنقل بوسيلتي نقل يومياً، وهي الحالة الأغلب، فإن المبلغ يتضاعف ليصبح 2400 ليرة بالحد الأدنى، وذلك إضافة للتكاليف السابقة على النقل، وهذا المبلغ من كل بد يعتبر كبيراً بالمقارنة مع معدلات الأجور الهزيلة والمجمدة، وسيكون بالنتيجة على حساب ضرورات حياتية ومعيشية أخرى، أي: مزيداً من التردي والعوز.