دير الزور.. طرقات طينية وخدمات متوقفة
سبع سنوات ونيّف من الحرب، وثلاث سنوات من الحصار، توقفت فيها ساعة الزمن، وبدأت تعود إلى الوراء، وما رافق ذلك من خراب ودمار.. ذلك كله قضى على البنية التحية في أحياء دير الزور من كهرباء وماء وهاتف وصرف صحي، وشوارع، وشمل ذلك حتى الحيين اللذين بقيا تحت سيطرة الدولة، وهما حيي الجورة والقصور.
ورغم تفاؤل المواطنين بعد استعادة سيطرة الدولة على المدينة، بأن الحكومة ستقوم بإعادة البنية التحتية الخدمية، إلاّ أن هذا التفاؤل بدأ يتراجع شيئاً فشيئاً..
تراجع التفاؤل كاد يصل إلى اليأس، نتيجة البطء المتعمد، ونتيجة استمرار وتوسع النهب والفساد، بحجة إعادة الإعمار. والحقيقة أن الإيجابية الوحيدة هي عودة الكهرباء إلى الحيين المذكورين بجهود عمال الكهرباء وتضحياتهم.. أما بقية الخدمات فلا زالت أغلبها على حالها.
الطرقات الطينية
قبل هطول الأمطار، كانت الشوارع والطرقات الرئيسة عبارة عن طرقات ترابية، تعصف فيها الرياح بالغبار ومليئة بالحفر نتيجة القذائف وعدم صيانتها وإعادة تأهيلها، أما الطرقات الفرعية فما تزال مغلقة نتيجة تراكم أنقاض المباني المنهارة والحواجز الترابية التي وضعها المسلحون، وهي تعيق عودة المواطنين إلى بيوتهم، حتى ولو كانت مدمرة.
وبعد بدء فصل الشتاء وهطول الأمطار تحولت هذه الطرقات إلى طين وغدران وحفر مليئة بالماء، ومستنقعات، تحوي ما هبّ ودبّ من الحشرات والجرذان، وسبباً في انتشار الأمراض والأوبئة، وتعيق حركة المواطنين، ويتساءل المواطنون: أين دور مجلس المدينة ومهماته؟ وأين دور دائرة الخدمات الفنية وعملها؟
البنية التحتية مترابطة
لا شكّ أن وضع الطرقات ضروري ومهم، لكن لا يمكن إعادة تأهيل الطرقات وتعبيدها وتزفيتها، إذا لم تنجز الخدمات التحتية الأخرى من شبكات صرفٍ صحي ومياه وهاتف قبل ذلك، وهذا ما أكدته الشركة العامة للطرق والجسور، والخطورة ليس بالطرقات الطينية فقط، بل بعدم وجود شبكات صرف صحي مؤهلة، مما جعل هذه الطرقات مستنقعات ومرتعاً للأمراض ومصدراً للجراثيم والحشرات والروائح الكريهة، ويضاف إلى ذلك تراكم القمامة في الشوارع كلها، ويرافق ذلك عدم وجود خدمات صحية حتى لمعالجة المرضى والمصابين جراء ذلك!
أما الشركة العامة للطرق والجسور، فتؤكد أنها لا يمكن أن تقوم بتعبيد الطرقات دون إنجاز شبكات الصرف الصحي والمياه والهاتف.
كما يتساءل المواطنون: ألم ير الوفد الوزاري الذي زار دير الزور مؤخراً الواقع الخدمي المترهل الذي يعاني منه أهالي دير الزور؟ وأين ذهبت الأموال التي رصدت سابقاً لهذه الغاية؟ فما أنجز ليس كما يصرح به الوزراء والمسؤولون عبر وسائل الإعلام سواء أثناء الزيارات أو غيرها، وآخرها ما صرح به محافظ دير الزور الأسبوع الفائت على قناة الإخبارية الرسمية، بأن حجم الدمار في دير الزور حوالي 80% «بينما سبق لوزير الإعلام أن صرح أن حجم الدمار حوالي 5%» وأنه أنجزت الأعمال التي كانت مقررة بالكامل، وأن الكهرباء وصلت إلى أحياء المدينة كافة، بينما هي في واقع الحال لم تصل إلاّ إلى حيي الجورة والقصور ومحيطهما، وإلى حي هرابش المجاور للمطار فقط.
إن كنت تدري أو لا تدري!
تباين التصريحات الرسمية من طرف، وتناقضها مع الواقع من طرف آخر، في ظل استمرار حال التردي والترهل على مستوى الخدمات والبنى التحتية في المدينة، أتاح التساؤل المشروع من قبل المواطنين عمن يدري حقيقة واقعهم ومعاناتهم من المسؤولين ومن لا يدري من هؤلاء؟
وبكلتا الحالتين فإن النتيجة سيّان من حيث السوء بالنسبة للمواطنين، خاصة مع أنماط كيل المديح والبهرجة الإعلامية على نتائج الأعمال الخلبية!
ولعل الأسوأ من ذلك هو قلة المتابعة والرقابة، أما المصيبة فهي انعدام المحاسبة على التقصير واللامبالاة والفساد.