سهل حوران.. منغصات أمنية ومعيشية
أهالي مدن وقرى وبلدات سهل حوران أصبحوا مرتاحين بنتيجة استعادة الاستقرار النسبي إلى بلداتهم، على إثر استعادة سيطرة الدولة عليها وخروج المجموعات المسلحة منها، ومن جملة الإجراءات الرسمية المرافقة لذلك، إلّا أنّ ذلك لم يُستكمل كما هو مطلوب وخاصة على مستوى عوامل الأمن والأمان.
فعلى الرغم من مساعي توفير عوامل الأمان العامة، إلّا أن ذلك لم ينف استمرار مبررات الخشية لدى الأهالي، والمرتبطة بوجود بعض الألغام والمتفجرات من مخلفات المعارك والمجموعات المسلحة، وخاصة في الأراضي الزراعية الواسعة المحيطة بهذه البلدات وبداخلها، مع ما يعنيه ذلك من عوامل القلق الدائم والمستمر على الحياة.
ضحايا وإصابات
ما يعزز حال القلق والخوف هو ما يتم تسجيله من إصابات بين الحين والآخر جراء انفجار الألغام، بما في ذلك من ضحايا بين المدنيين من عمال زراعيين وفلاحين.
فقد توفي مؤخراً ثلاثة شبان من العمال الزراعيين في بلدة داعل، وقد سبق ذلك تسجيل حالة وفاة لشاب بنفس البلدة أيضاً، بالإضافة إلى بعض الإصابات الأخرى، وذلك بنتيجة تفجّر الألغام المزروعة في الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدة، وكذلك تم تسجيل العديد من الإصابات في بعض البلدات والقرى الأخرى في سهل حوران، وذلك أثناء القيام ببعض الأعمال في الأراضي الزراعية تمهيداً لإعادة تأهيلها واستثمارها.
الإنتاج الزراعي عامل استقرار ومصدر رزق
إن استعادة الاستقرار في المنطقة ترتبط باستعادة الإنتاج الزراعي فيها، باعتباره المصدر الأساس للرزق بالنسبة للغالبية العظمى من أهالي سهل حوران، وذلك يرتبط بشكل مباشر بالعودة إلى الأرض وإعادة تأهيلها ورعايتها وزراعتها، لكن المثير للخوف بالنسبة لهؤلاء هو وجود هذه المخلفات القابلة للانفجار في أراضيهم الزراعية، مع ما يعنيه ذلك من انعكاس سلبي على أمنهم الشخصي، بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية الأخرى على مستوى مصدر الرزق الوحيد وارتباطه بالمستوى المعيشي لأسرهم، ناهيك عن السلبيات العامة التي يتم حصادها على المستوى الاقتصادي العام، باعتبار أن جزءاً هاماً من الإنتاج الزراعي في المنطقة يعتبر ذا طبيعة إستراتيجية، كالقمح على سبيل المثال.
مهمة عسكرية وأمنية ملحة
بعض الأهالي، وبنتيجة عدم التعامل مع المخلفات القابلة للانفجار في الأراضي الزراعية بشكل رسمي حتى الآن، استعانوا ببعض الخبرات المحلية للقيام بعملية التقصي والتمشيط لأراضيهم بحثاً عن الألغام المتروكة فيها، لكن ذلك لم ولن يكون كافياً، ناهيك عن ضعف الكفاءة، باعتبار أن هذه الخبرات تعتبر محدودة، كما تفتقر للمعدات والتجهيزات الفنية اللازمة لمثل هذه العمليات، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية التي تحتاج لعمليات المسح والتمشيط المنظم، ما يعني ضرورة إيلاء هذا الأمر الأهمية اللازمة والكافية من قبل الجهات العسكرية والأمنية المختصة بهذا المجال للقيام بهذه المهمة الملحة، منعاً من تسجيل المزيد من الحوادث المؤسفة بين المواطنين، وبما يحقق عوامل الأمان الكفيلة بمعاودة الأراضي الزراعية من قبل الفلاحين لإعادة تأهيلها ولزراعتها مجدداً، بما يؤمن لهؤلاء مصدر الرزق الآمن، وبما يعيد عجلة الإنتاج الزراعي والحيواني إلى منطقة سهل حوران ككل، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية ذلك على الواقع الاقتصادي الوطني بالنتيجة.
مطلب مسجل
خلال اجتماع جرى مطلع الأسبوع الماضي، بحضور بعض الجهات الأمنية والعسكرية، مع بعض المسؤولين عن الجهات العامة، وبعض الوجهاء والفعاليات الأهلية والجماهيرية في المنطقة، عرض الأهالي مشكلتهم المؤرقة المرتبطة بواقع وجود ألغام ومتفجرات في أراضيهم الزراعية، ومخاوفهم المشروعة على حياتهم وأمنهم واستقرارهم المرتبط بالإنتاج الزراعي، مع مطلبهم المتمثل بضرورة معالجة هذه المخلفات القابلة للانفجار من قبل الجهات الرسمية المختصة وبمسؤوليتها، تمشيطاً وتطهيراً لهذه الأراضي من هذه المخلفات الخطرة باعتبارها قضية أمنية عامة.
فضرورات العيش والاستقرار بالنسبة للأهالي مرتبطة بالإنتاج الزراعي، وفي حال عدم معالجة هذا الملف الخطير عن طريق الجهات الرسمية المختصة فإن ذلك يعني المزيد من الضحايا والمصابين.