شباب الجولان في قلب المواجهة مع الكيان
أصدر «الحراك الشبابي» في الجولان السوري المحتل، بياناً للرأي العام بتاريخ 6/10/2018، متضمناً رفض «الانتخابات» المزمعة «إسرائيلياً» للمجالس المحلية في قرى الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، داعياً للمشاركة الفعالة في الخطوات العملية المزمع إقامتها، اعتباراً من خِيم الاعتصامات، وانتهاءً بإعلان يوم «الانتخابات» يوم إضراب عام.
التحرك الشبابي الأخير أتى متزامناً مع جملةٍ من المواقف الشعبية والأهلية الرافضة لمهزلة «الانتخابات» التي يسعى الاحتلال لفرضها على الجولانيين منذ إعلانه عنها مطلع تموز 2017.
رفض شعبي وشبابي
لقد قررت سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» مطلع تموز 2017 أن تفرض ما سمته «انتخابات للمجالس المحلية» في قرى الجولان السوري المحتل، على أن يتم ذلك نهاية شهر تشرين الأول 2018، حيث واجه أهلنا في الجولان هذا القرار في حينه بالرفض جملةً وتفصيلاً، معتبرين: «كل من يقبل من الأهالي التعاطي مع هذا القرار سيكون خارجاً عن اجماعنا الوطني ويمسّ بالثوابت الوطنية الموروثة، ويشكل طعناً لكرامة هذا المجتمع في الصميم، ويقع تحت طائلة الحرم الديني والاجتماعي».
ومع اقتراب موعد فرض الانتخابات «إسرائيلياً» أواخر الشهر الحالي، تداعى مجدداً أهلنا في الجولان المحتل مؤكدين رفضهم المشاركة بهذه المهزلة، مُصرّين على التمسك بسوريتهم، رافضين أي مسعى تطبيعي مع الكيان المحتل، أو أية محاولات غايتها منح الشرعية لهذا الاحتلال ومؤسساته، ويعتبر بيان «الحراك الشبابي» وخطواته العملية المزمعة، جزءاً من الحراك الشعبي العام، وذلك لما يمثله الشباب من حجم ووزن وأفق ومستقبل، خاصة وقد توقف البيان عند الدلالات والتداعيات بالغة الخطورة التي تنطوي عليها هذه الانتخابات، معدداً الكثير من الأسباب الداعية لهذا الرفض، اعتباراً من كون «الإسرائيلي» كدولة احتلال هو العدو الحقيقي، مروراً بعدم الانجرار خلف مساعي زرع الشقاق بين أبناء المجتمع الجولاني، والتركيز على دور الشباب والتنبيه من مساعي الاستقطاب «الإسرائيلي» لهم، وصولاً للتأكيد على الانتماء الوطني السوري وللهوية الوطنية بمكوناتها التاريخية والثقافية الموروثة، وليس انتهاءً بتعرية الزيف والتضليل الدعائي من قبل قوات الاحتلال لعمليات «الانتخاب» بغاية منح سلطاتها الشرعية.
مساعٍ بائسة ومواجهة
من المعروف أن قوات الاحتلال «الإسرائيلي» تقوم بإدارة الخدمات والشؤون الأخرى لقرى الجولان المحتل من خلال ما يسمى «مجالس محلية» معينة تعييناً من قبلها، وهي محصورة بعدد محدود ممن خرج عن الإجماع الوطني ورضي أن يحمل «الجنسية الإسرائيلية»، وتأتي لعبة الانتخابات المزمعة لتضفي الشرعية على هذه المجالس، حيث لا يُقبل بالترشح إلّا القلة من هذه المجموعة المعدودة الخارجة عن الإجماع الوطني.
وتأتي مساعي الكيان المحتل في فرض هذا النمط من «الانتخابات» كمحاولة بائسة لشرعنة عمل مؤسساته داخل الجولان السوري المحتل، فقد صدر قرار الاحتلال «الإسرائيلي» أعلاه على أرضية الاستغلال لظروف الحرب والأزمة التي تعصف بسورية، وتداعياتها على الجولان المحتل، عسى يتم التمكن من فرض المزيد من سياسات التطبيع والتهويد وابتلاع الحقوق، كي يبرر ويسوغ ضم الجولان السوري لسلطته الاحتلالية من خلال هذه الأنماط التي يتوقع أن تمنح مؤسساته بعض الشرعية على المستوى المحلي، لِيسوّقها عِبر المنابر الدولية لتبارك له الضم والاحتلال، الأمر الذي جُوبِهَ بقرار شعبي، وطني واجتماعي، رافضاً التعاطي أو المشاركة في أية إجراءات تكون نتيجتها كسر الحالة الوطنية الجامعة، أو أية مساعٍ يائسة لتطويع الأهالي في الجولان، وصولاً لقبول أي شكل من أشكال «المواطنة الإسرائيلية» التي يسعى الاحتلال لتمريرها وفرضها على الجولانيين منذ عقود دون جدوى.
المواجهة المستمرة رغم الأزمة
للتذكير، فقد أصدر أهلنا في الجولان المحتل بياناً بتاريخ 11/7/2017 باسم «جماهير الجولان السوري المحتل»، وذلك على إثر إعلان الكيان المحتل قراره بإجراء «عملية انتخابية للمجالس المحلية» وقد ورد فيه: «.. فبعد التداول والنقاش، واستناداً إلى إرثنا الوطني الناصع، آخذين بعين الاعتبار سِلْمنا الأهلي وثوابتنا الوطنية، وتمسكاً منا بالهوية السورية للجولان أرضاً وشعباً، ووعياً منا لأبعاد هذا القرار الذي يرمي إلى إضفاء الشرعية على مؤسسات غير شرعية أصلاً تمثل سلطة الاحتلال.. نرفض قرار «وزير الداخلية الإسرائيلي» والقاضي بإجراء انتخابات للسلطات المحلية في قرانا الأربع، ولا نقبل التعاطي مع هذا القرار مُطلقاً، شكلاً ومضموناً.. نعتبر هذا القرار محاولة لزرع الفتنة وتفتيت المجتمع وإشغاله بنزاعات داخلية ليُسهل على سلطة الاحتلال تمرير مشاريعها التهويدية.. نؤكد على أهمية التمسك بالوحدة الوطنية لأبناء الجولان كافة، وعلى اختلاف آرائهم السياسية، وذلك من أجل مواجهة مخططات الاحتلال التي كثُرت في الآونة الأخيرة، والرامية إلى قنص هويتنا السورية، مستغلة الأوضاع المأساوية والمؤسفة التي يمر بها وطننا الغالي.. وفي هذا السياق نؤكد أن وحدتنا الوطنية هي الضامن الوحيد للحفاظ على منجزات هذا المجتمع وهويته السورية.. كل من يقبل التعاطي مع هذا القرار سيكون خارجاً على إجماعنا الوطني ويمس بالثوابت الوطنية الموروثة، ويشكل طعناً لكرامة هذا المجتمع في الصميم، ويقع تحت طائلة الحرم الديني والاجتماعي».
تاريخ من الفشل بوجه التحدي
واقع الحال يقول: إن الكيان «الإسرائيلي» الغاصب يتلقى الهزيمة تلو الأخرى والفشل تلو الفشل، وخاصة ما يتعلق بسياساته المتبعة تجاه الجولان السوري المحتل وأهله الصامدين بالمواجهة والتحدي، فمنذ عام 1967 وهو يتلقى الهزائم على المستوى الشعبي، وصولاً لصدمته الكبرى بعام 1981 على إثر إعلانه ما سمي بـ«قانون ضم الجولان» والمواجهة الشعبية الشاملة بما عرف بالإضراب الكبير في حينه، وما تمخّض عنه لاحقاً من إعلان الوثيقة الوطنية للمواطنين السوريين في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، والتي أكدت على تمسك أهلنا في الجولان المحتل بجملة من الثوابت الوطنية منها:
هضبة الجولان المحتلة هي جزء لا يتجزأ من سورية العربية.
الجنسية العربية السورية صفة حقيقية ملازمة لنا لا تزول. وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
أراضينا هي ملكية مقدسة لأبناء مجتمعنا. وكل مواطن تسوّل له نفسه أن يبيع أو يتنازل أو يتخلّى عن شبر منها للمحتلين «الإسرائيليين» يقترف جريمة كبرى بحق مجتمعنا، وخيانة وطنية لا تغتفر.
لا نعترف بشرعية المجالس المحلية والمذهبية، لكونها عُيّنت من قبل الحكم العسكري «الإسرائيلي» وتتلقى تعليماتها منه، ورؤساء وأعضاء هذه المجالس لا يمثلوننا بأية حال من الأحوال.
كل مواطن من هضبة الجولان السورية المحتلة تُسول له نفسه استبدال جنسيته بالجنسية «الإسرائيلية»، يسيء إلى كرامتنا العامة وإلى شرفنا الوطني وإلى انتمائنا القومي وديننا وتقاليدنا، ويعتبر خائناً لبلادنا.
الفعاليات والنشاطات والاعتصامات الأهلية والشبابية دخلت حيز التنفيذ في جولاننا السوري المحتل، وهي ما زالت مستمرة حتى الآن، وصولاً إلى اليوم الموعود المقترن بإعلان الإضراب الشعبي العام نهاية الشهر الحالي، لتسجيل المزيد من الفشل والهزائم لسياسات الاحتلال، ماضية نحو المزيد من التحدي من أجل استعادة الأرض والحقوق المشروعة.
وإن غداً لناظره قريب.