أطفال معاقون طيَّ النسيان.. اليونيسيف: «سبع سنوات من الحرب لم تكسر عزيمة أطفال سورية»
أعد مكتب «اليونيسف» الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقريراً في شهر آذار 2018 بعنوان: «سبع سنوات من الحرب في سورية.. الأطفال ذوو الإعاقات- مستقبل أكثر تمكيناً.. أضرار الحرب في سورية التي لا يمكن إصلاحها مقابل عزيمة الأطفال التي لا تتزعزع»، وقد تم توفيره عبر موقع منظمة «اليونيسيف» بتاريخ 26/9/2018.
وقد خُتم التقرير بنداءٍ من أجل الأطفال ورد فيه: «الأطفال ذوو الإعاقة المتأثرون بالنزاع في سورية هم الأكثر هشاشة من بين الفئات الهشة، وتتطلب ظروفهم العلاج والخدمات المتخصصة. تختلف احتياجاتهم كأطفال عن احتياجات البالغين بما أن أجسادهم وقدراتهم تتغير، فالعناية بهم يجب أن تتغير أيضاً».
الأطفال ذوو الإعاقة هم الأكثر هشاشة
التقرير توقف عند أعداد الإصابات التي تم رصدها بين الأطفال، وقد ورد فيه: «لقد أصيب أكثر من 360 طفلاً بجروح في عام 2017، بعضهم أصيب بضرر لا يمكن إصلاحه وبإعاقات لمدى الحياة، هذا العدد هو ما تمكنت الأمم المتحدة من التحقق منه ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير».
كما رصد التقرير حال الصعوبات في الحصول على الخدمات للمعاقين من الأطفال في ظل الهشاشة التي يعاني منها السوريون عموماً، حيث ورد في التقرير: «من بين الفئات الهشة فإن الأطفال ذوي الإعاقة هم الأكثر هشاشة، في حالات الطوارئ تصبح حاجات هؤلاء الأطفال عرضة لخطر النسيان مع استمرار الحرب.. تزداد هذه الحالة الهشة سواء عند وفاة أولياء الأمور أو تفرق الشمل. مع ما للحرب من آثارٍ على النسيج الاجتماعي تزداد مخاطر تعرض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف والوصم بالعار، ويواجه هؤلاء الأطفال صعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية بما فيها الصحة والتعليم، وغالباً ما تفتقر عائلاتهم إلى الوسائل أو القدرة على تزويدهم بالرعاية المتخصصة، أو المعدات التي يحتاجون إليها.. علاوة على ذلك فإن وضع الخدمات الشاملة للأطفال المعوّقين في البلدان المضيفة للاجئين هي في حدها الأدنى».
1,5 مليون شخص يعيشون مع إعاقات دائمة
أورد التقرير بعض الأرقام الصادمة، سواء على مستوى أعداد المعاقين من الأطفال، أو أعداد المعرضين لمخاطر الألغام الأرضية غير المتفجرة، وقد ورد في التقرير: «يقدر عدد الأطفال المعرضين لمخاطر المتفجرات والتي تشمل الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة المصنعة بشكل مرتجل داخل سورية إلى 3,3 مليون طفل، هناك الآن أكثر من 1,5 مليون شخص يعيشون مع إعاقات دائمة لأسباب تتعلق بالحرب، منهم 86 ألف شخص أدّت إصابتهم إلى بتر أعضائهم، هذا وقد أدى عدم الحصول على الرعاية الطبية والنفسية المناسبة إلى إطالة زمن الإصابات المعيقة بين الأطفال أو تدهور وضعها ما تقدر نسبته بـ 80% من إصابات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن ثبت أنها حدثت كنتيجة مباشرة للحرب».
موارد شحيحة وظواهر سلبية
ورد في التقرير حول واقع الخدمات والعبء الكبير على العائلات التي لديها أطفال معوقون ما يلي: «نزح ما يقرب من 5,5 مليون طفل داخل سورية أو إلى بلدان مجاورة، وتستضيف البلدان المجاورة والتي تعاني بحد ذاتها الهشاشة بسبب عدم الاستقرار والركود الاقتصادي أكثر من 90% من مجموع اللاجئين القادمين من سورية. أضاف تدفق اللاجئين ضغوطاً هائلة على مواقع تقديم الخدمات مما يشكل تحدياً أمام حصول اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة على الخدمات الأساسية، أما العائلات التي لديها أطفال معوقون فإن العبء بالنسبة لها يكون مضاعفاً».
كما رصد التقرير بعض الظواهر السلبية المرتبطة باستنزاف موارد السوريين، حيث ورد فيه: «أدت سبع سنوات الحرب إلى استنفاذ واستنزاف موارد العائلات داخل سورية وفي البلدان المجاورة، ووصلت شُحة هذه الموارد إلى وضع خطير يدفع العائلات لأن تتخذ تدابير قصوى لمجرد البقاء على قيد الحياة، شهدت ظواهر مثل: زواج الأطفال وتجنيد الأطفال وعمالة الأطفال ارتفاعاً ملحوظاً».
عزيمة وطموح بلا الحدود
لم يغفل التقرير عزيمة الأطفال السوريين من أجل استعادة طفولتهم وكرامتهم وأحلامهم، حيث ورد فيه ما يلي: «الأضرار المدمرة التي خلفتها سبع سنوات من الحرب لم تكسر عزيمة أطفال سورية. رغم المعاناة بسبب الإصابات والإعاقة لمدى الحياة، التشريد فإن طموحهم لا يعرف الحدود. عندما يتم توفير الدعم الذي يحتاجه هؤلاء الأطفال وعائلاتهم، فإننا نجدهم قد تغلبوا على إعاقاتهم في سبيل تحقيق أهدافهم. حقق الأطفال في خضم فظائع هذه الحرب ما هو فوق العادي لاستعادة بعضٍ من طفولتهم وكرامتهم وأحلامهم».
اليونيسيف تطالب
«اليونيسيف» التي عززت تقريرها بشهادات مسجلة من قبل بعض الأطفال السوريين الذين أصيبوا بإعاقات بنتيجة الحرب، راصدة واقع محنتهم وأوضاعهم وآمالهم وعزيمتهم وطموحهم، ختمت تقريرها بمطالبة «أطراف النزاع والمجتمع الدولي» باتخاذ بعض الإجراءات من أجل الأطفال، يمكن تلخيصها بالتالي:
تقديم الدعم المنقذ للحياة وخدمات إعادة التأهيل طويلة الأجل للأطفال السوريين، داخلاً وخارجاً.
تحسين الحصول على الخدمات الأساسية الشاملة، بما في ذلك الصحة والتغذية والتعليم وحماية الطفل.
تعزيز قدرة العائلات على مواجهة تبعات الحرب، فالمساعدة المالية للعائلات هي أمر حاسم لدعم الأطفال ذوو الإعاقة.
توفير التمويل المرن وغير المقيد ولعدة سنوات لتلبية احتياجات الأطفال، بمن فيهم ذوي الإعاقة وعائلاتهم.
دعم جهود الإعمار والتعافي من خلال إعطاء الأولوية لاحتياجات الأطفال، بمن فيهم الأطفال ذوي الإعاقة، فهناك ما هو أبعد من البناء والحجر.
وضع حد للانتهاكات الخطيرة ضد الأطفال، بما في ذلك القتل والتشويه والتجنيد.
إنهاء الحرب من خلال حلّ سياسي.