الجامعيون نحو مزيد من الضغوط والفرز الطبقي
مالك أحمد مالك أحمد

الجامعيون نحو مزيد من الضغوط والفرز الطبقي

مرة جديدة يفاجأ طلاب الجامعات، ويستشعرون بالمزيد من عوامل الاستهداف لواقعهم ومستقبلهم، وهذه المرة من خلال الحديث عن نسب الدوام الملزمة، وما قد يترتب عليها من إمكانية الحرمان من التقدم للامتحانات.

 

فقد تناقل الطلاب الجامعيون تصريح نائب رئيس جامعة دمشق للشؤون الإدارية مطلع الشهر الحالي عبر إحدى الصحف المحلية، حيث قال: «الطلاب ملزمون بالحضور والدوام في الكليات فيما يخص المحاضرات النظرية بنسبة 80 بالمئة، وذلك محدد ضمن قانون تنظيم الجامعات، مضيفاً أنه يحق لأستاذ المقرر حرمان الطلاب من التقدم للامتحان».
عامل ضغط إضافي
مضمون التصريح أعلاه اعتبره بعض الطلاب عاملاً سلبياً على مستقبلهم، وخاصة طلاب الكليات النظرية، حيث لم يتم استثناؤم من مضمونه، بل شملهم ذلك المضمون.
فقد نُقل عن نائب رئيس جامعة دمشق أيضاً أنه قال: «لمجلس الكلية النظر بتخفيض النسبة وذلك حسب عدد الطلاب، ولا سيما وأن هناك كليات نظرية عدد الطلاب فيها كبير جداً، الأمر الذي يعيق إجراء أعمال تفقد في كل محاضرة درسية».
حيث فسر الطلاب ذلك على أنه عامل ضغط إضافي عليهم، فعلى الرغم من الاعتراف بأن عدد طلاب الكليات النظرية مرتفع ويشكل إعاقة لأعمال التفقد في المحاضرات، إلّا أن ذلك ارتبط بتخفيض النسبة الملزمة للحضور ولم يلغها، مع ما يترتب على ذلك من إمكانية الحرمان من التقدم لامتحانات بعض المواد بناء عليه، وذلك بحسب ما تم افتراضه من حق يمتلكه أستاذ المقرر.
المزيد من تعزيز الفرز الطبقي
عامل الضغط الجديد الذي استشعره الطلاب من خلال مضمون التصريح أعلاه، كان وقعه أسوأ بكثير على الطلاب غير المتفرغين للدراسة، والذين اضطرتهم الظروف الاقتصادية للعمل من أجل إعالة أنفسهم أو أسرهم، خاصة في ظل الواقع المعاشي المتردي والقاسي، وهذه الشريحة تمثل الغالبية من الطلاب وخاصة في الكليات النظرية، حيث من الممكن أن يتعرض هؤلاء للحرمان من التقدم للامتحانات وفقاً لنسب الدوام الملزمة التي يرتئيها مجلس كل كلية، والحق الممنوح لأستاذ المقرر بمقابلها من حيث فرض الحرمان على البعض ممن لا يحققون نسب الحضور المطلوبة، ما يعني المزيد من الفرز الطبقي بين الطلاب، والمزيد من المحاباة لشريحة الأغنياء على الفقراء منهم، بذريعة تنفيذ وتطبيق ما ينص عليه قانون تنظيم الجامعات، والنتيجة المتوقعة جراء تطبيق هذا المضمون هي: أن فقراء الحال من الطلاب سوف يتم استنزافهم واستنفاذهم تباعاً من إمكانية الاستمرار بالتعلم واستكمال المرحلة الجامعية وإنهائها وصولاً للتخرج.
البعض من هؤلاء الطلاب المفقرين عبروا صراحة عن تذمرهم من هذا الاستهداف الطبقي الذي يطالهم أولاً بأول، من خلال ما يصدر من تعليمات وقرارات وتوجيهات تدفع بهم خارج العملية التعليمية ونحو المزيد من الفقر والتهميش، بل والمزيد من تحطيم الآمال والطموحات المشروعة، خاصة وأنهم لا يختلفون عن غيرهم من الطلاب ذوي الحظوة من المرفهين، لا من حيث الإمكانات العلمية والمعرفية، ولا من حيث العزيمة والتصميم والإمكانات الذاتية، وجُل الاختلاف يتمثل بالظروف الاقتصادية التمييزية، بما لها وما عليها، وبما للحكومة نفسها من مسؤولية حيالها، وخاصة عبر سياساتها المحابية للأغنياء على حساب الفقراء في كل المجالات وبكل القطاعات، بما في ذلك التعليم في المرحلة الجامعية.