مكدوس ووجع راس

مكدوس ووجع راس

لم تنس أم أحمد موعد موسم مونة المكدوس، الذي آن أوانه في هذه الفترة من العام، برغم أنها لم تقم بالتمّون بهذه المادة الغذائية المحببة بالنسبة لها ولأفراد عائلتها، منذ عدة أعوام بسبب ارتفاع سعر مكوناتها، وكل عام تعاود حساباتها عسى ولعل تستطيع أن تقوم بهذه المهمة، لكن على ما يبدو أن هذا العام لن يكون بأحسن مما سبقه.

 

مع اقتراب موعد التمّون بدأت أسعار مكونات هذه المادة الغذائية بالارتفاع، حيث وصل سعر كيلو الباذنجان إلى 200 ليرة، وكيلو الفليفلة الحمراء إلى 250 ليرة، وكيلو الجوز يتراوح بين 5000- 7000 ليرة، وكيلو الزيت البلدي بحدود 2000 ليرة، أما النباتي فهو بحدود 800 ليرة، وهي المكونات الرئيسة لصناعة مونة المكدوس.
بالحسابات السريعة لأم أحمد قالت: إن مونة المكدوس التي تحتاجها لأسرتها بالحدود الدنيا قد تكلفها بحدود 25000 ليرة، وذلك لكمية 20 كغ باذنجان، وبحال قررت التوفير بكمية الجوز أو استبداله بالفستق فإن التكلفة تصبح بحدود 22000 ليرة، أي: أن تكلفة كل كيلو تتجاوز الـ 1000 ليرة، والمكدوسة الواحدة أكثر من 100 ليرة، وبحسابات الربح والخسارة في الوجبة الواحدة تبين معها بأن هذه المونة يجب التخلي عنها بشكل نهائي من الآن فصاعداً، خاتمة حديثها الحسابي بعبارة: «بلا مكدوس وبلا وجعة هالراس».
هذه هي حال الواقع الاستهلاكي الأسري على المستوى الغذائي الذي يتم تقليص مكوناته ومفرداته عاماً بعد آخر، وشهراً تلو الشهر ويوماً بيوم، وذلك نتيجة استمرار تدهور الواقع المعيشي المرتبط بشكل أساسي بمعدلات الأجور الشهرية المنخفضة والثابتة، مقابل معدلات الأسعار المنفلتة من عقالها والماضية نحو الارتفاع بشكل مستمر، على مرأى ومسمع أولي الأمر من الحكومة وبمباركة منهم.
وبعد ذلك كله، هناك من يأكل ما لذّ وطاب معتقداً أنه متاح لغيره، باعتبار لا يوجد فقر وجوع، بينما واقع الحال يقول: إن هناك أُسراً أصبحت تعيش على الخبز والزيت والزعتر فقط، إن أتيح لها ترف الزيت أصلاً!