ستالين سليمان ستالين سليمان

السكن الجامعي مشاكل بالجملة

يوجد في دمشق عدد كبير من الجامعات والمعاهد بمختلف الكليات والاختصاصات، بحكم أنها العاصمة، ومن أكبر المحافظات في سورية من حيث تعداد السكان، الأمر الذي يستدعي توافد مئات الآلاف من الطلاب القادمين من المحافظات الأخرى.

ونتيجة التضخم السكاني الهائل الذي تشهده دمشق قبل وأثناء الأزمة، فإن هؤلاء الطلاب كانوا وما زالوا يواجهون الكثير من الصعوبات في تأمين مكانٍ للسكن أثناء فترة دراستهم، وخصوصاً في ظل هذه الأزمة وظهور الكثير من تجار الحروب والأزمات، بعد أن قاموا برفع أسعار المنازل (مبيعاً وإيجاراً) ليكون المنزل، أو حتى الغرفة المشتركة، أشبه بالحلم بالنسبة للطالب.
سكن جامعي مستكمل الخدمات
من المعلوم أنه تم إنشاء مجمعات سكنية باسم (السكن الجامعي) سابقاً، وهي مستكملة الخدمات افتراضاً، لقاء رسم رمزي يتناسب مع إمكانات الطلاب الوافدين من المحافظات الأخرى، من أجل الحد من ظاهرة استغلالهم، وبما يؤمن لهم الاستقرار والهدوء كي يتفرغوا لدراستهم.
السكن الجامعي حالياً، وبدلاً من أن يُعطي بريقاً من الأمل، ويبعث التفاؤل في نفوس الطلاب، على أمل حل مشكلة إقامتهم خلال مرحلة الدراسة، إلا أنه كمن انتقل(من تحت الدلف لتحت المزراب)، فسرعان ما يتم تحطيم هذه الآمال عند دخولهم إليه، لأنهم يتخيلون بأنهم قد تخلصوا من واقع مؤلم ليصدموا بواقع أشد ألماً تحت هذا السقف، الذي ظنوا بأنه قد آواهم من العراء.
غرف وخدمات (VIP)
يتم توزيع الطلاب على الغرف بمبدأ (الدور)، وبمفهوم (الدور) تكون الأولوية للموجود في بداية هذا الدور افتراضاً، ولكن في تأمين الغرف يقول واقع الحال: إن الأخير يسبق الأول، والعاشر يسبق الخامس وهكذا دواليك، حيث أنه مع بدء عملية فرز الطلاب، تبدأ المفاهيم الأخرى المتعارف عليها بالظهور، الوساطات، والمحسوبيات، والرشوة، على مبدأ (معك قرش بتسوى قرش).
فأصحاب (الظهر المسنود) ومن يملكون المال، يكون لهم الأولوية والأحقية في تأمين الغرف لهم، الأمر الذي يفتح أبواباً على أمور أخرى، وأهمها: تأمين الغرف لبعض الطلاب الذين لا يحق لهم السكن حسب التعليمات، مثل: طلاب الثانويات، بالإضافة إلى استثناءات وتجاوزات أخرى للبعض.
من جهة أخرى، يتم توزيع الطلاب على الغرف بشكل غير عادل وغير منطقي، ففي بعض الغرف التي تكون من صنف (VIP) يكون فيها طالبان أو ثلاثة طلاب على الأكثر، مع تأمين خدمة ( خمس نجوم) مثل: التبريد والتكييف وغير ذلك من الخدمات، بينما الغرف الأخرى شبه المهمشة يكون فيها ما لا يقل عن 12 طالباً أو طالبة أحياناً مع نقص كبير في الخدمات.
جَرَب و»فُسفس»
بعد عناء طويل للحصول على هذا السكن (الملكي) يجد الطالب، أن (يوتوبيا) المدينة الجامعية التي كان يحلم بها ليست إلا مدينة أشبه ما تكون بمآوى العصر الحجري حسب الواقع.
حيث يفتقر هذا السكن إلى أدنى مقومات الحياة والعيش، وأهمها: (النظافة)، تلك المفردة التي لم يلمسها الطلاب، حيث أن أمراضاً كثيرة قد انتشرت بسبب انعدام النظافة بشكل شبه كامل، مثل: مرض الجرب، وانتشار بعض الحشرات، مثل: حشرة بق الفراش، التي أصبح المتعارف عليها باسم (فسفس) بسبب عدم رش المبيدات الحشرية في الغرف وباحة السكن.
مياه ملوثة وطوابير للاستحمام
يعاني طلاب السكن الجامعي غالباً، من عدم توفر المياه بشكل كافٍ، حيث إن المياه التي تصل إلى الغرف (والتي من المفترض أن تكون صالحة للشرب) يشتبه بأنها ملوثة، حسب روايات العديد من الطلاب، ولكنهم مضطرين إلى استهلاكها، لعدم توفر البدائل.
أما الماء الساخن المخصص للاستحمام، فهو مقطوع بشكل شبه كامل، عدا يوماً واحداً في الأسبوع، الأمر الذي يجعل الطلاب يقفون (بالطوابير) للاستحمام، وفي كثير من الأحيان عدد كبير من الطلاب لا يستطيعون الاستحمام بسبب الازدحام على الحمامات، الأمر الذي يعود ويتسبب بأمراض أخرى.
أما شبكات الصرف الصحي، فهي تشبه أي شيء إلا بكونها شبكات، فلا نظافة ولا صيانة، حيث إن مياه الصرف الصحي تجري في الحمامات، عدا عن الروائح الكريهة التي تفوح على بعد عشرات الأمتار.
تصرفات شاذة
يشتكي الطلاب من بعض التصرفات المزعجة التي يقوم بها البعض من المستهترين في باحات السكن، وخصوصاً في فترة الليل، ليتحول المكان من سكن جامعي إلى شبه ملهى ليلي، اعتباراً من السلوكيات الشاذة وصولاً للأصوات المرتفعة، على مرأى ومسمع الجميع، ما يؤدي إلى كسر حالة الهدوء المفترضة ليلاً سواء من أجل النوم، أو من أجل الدراسة، وغالباً دون أن تتخذ الإدارة أي إجراء جدي وحازم لإيقاف هذه التصرفات، وكأنه لا يوجد من يردع هؤلاء المستهترين!
نقل الطلاب من مكان الى آخر
من المعروف بأن أقل فترة في الحياة الجامعية هي سنتان (فترة الدراسة بالمعاهد)، ومن المعروف أيضاً أن الأشخاص الذين يسكنون مع بعضهم البعض يحتاجون إلى فترات طولية لكي يتأقلموا مع بعضهم، وخصوصاً في مكان كهذا، حيث يكون لكل طالب عادات وطبيعة عيش قد تكون مختلفة عن طالب آخر، ولكن بعد أن يتأقلم الطالب مع زملائه في الغرفة تقوم إدارة السكن بنقل كلٍّ منهم إلى غرفة أخرى، ليسكن مع طلاب جدد وعقليات جديدة، الأمر الذي يثير المشاكل بينهم، إلى أن يتأقلموا مع بعضهم البعض مجدداً، أما لماذا هذا الإجراء من تدوير الطلاب فلا أحد يعلم؟
مرجع وخدمة أم ترهيب؟
يوجد ضمن السكن الجامعي مشرفون من الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وذلك للوقوف عند مطالب الطلاب، والسعي لتأمين حاجاتهم، وحل مشاكلهم بالتنسيق مع إدارة السكن حسب ما هو مفترض، ولكن عدا عن التقصير الحاصل من قبل هؤلاء على مستوى مطالب وحاجات الطلاب، فإن بعضهم يستغلون موقعهم الإشرافي والخدمي، وكأنه منصب أو مركز مهم، حيث يقوم البعض منهم في هذه الكلية أو تلك، بممارسة الترهيب على الطلاب واستفزازهم، مهددين إياهم بالكثير من التهم والإجراءات في حال عدم الإذعان والصمت على الحقوق، بما فيها الطرد من السكن، وبما في ذلك استخدام عبارات الشتم والإهانات أحياناً، مستغلين موقعهم الإشرافي المفوضين به من الاتحاد، هكذا.. وهم بذلك يشوهون صورة الاتحاد في أعين الطلاب الذين طالما رأوا فيه الوسيلة الأهم لحل مشاكلهم، الأمر الذي يفرض على الاتحاد مراقبة تصرفات أعضائه ومحاسبة المقصرين منهم، ومن يقوموا بتشويه صورته، لتعود ثقة الطلاب به كمرجع لهم في حل مشاكلهم.