قسم الكيمياء مقبرة.. وسلالم تصحيح تعجيزية
أقامت دائرة الجامعة لحزب الإرادة الشعبية في محافظة حلب ورشة طلابية، تناولت معاناة الطلاب الجامعيين في ظل الأزمة، وما رافقها من أوضاع اقتصادية واجتماعية أثقلت كاهل على الطلاب الذين اتسعت نظرتهم إلى الحياة، وتبدلت أولوياتهم مع بدء هذه المرحلة الدراسية.
لقد وجد الطالب نفسه على مفترق طرق، بعدما تخطى مرحلة المراهقة، وبدأت مرحلة النضج الفكري والاجتماعي نسبياً، واضطراره للسعي لمحاولة إثبات كيانه وتحديد مستقبله.
من هنا كان العمل بدوام جزئي أهم الخيارات التي يقدم عليها الطلاب اضطراراً، مما أدى إلى تراكم مشاكلهم وتفاقم شكاويهم، والتي سنعرج على بعضها مما تحدث به الطلاب أثناء الورشة.
العمل تحدٍ مفروض
لعل أبرز تحدٍ أمام الطالب هو: ضرورة الاعتماد على الذات، وتحمل المسؤولية، والسعي لإيجاد مصدر رزق لتغطية النفقات الجامعية الكبيرة والمستمرة، بسبب تدهور الوضع المعيشي عموماً، وعدم أخذ هذا الجانب الهام بعين الاعتبار من قبل وزارة التعليم العالي، بل لا مبالاتها به في الكثير من الأحيان، مما انعكس سلباً على الطلاب وحقوقهم وتحقيق طموحهم ومستقبلهم.
أسامة، طالب تعليم موازي في كلية الآداب بقسم الجغرافية، قال: «كنت أعمل وأدرس، ونظراً لعدم قدرتي على التوفيق بين العمل والدراسة تخليت عن العمل بعد أن وفرت مبلغاً صغيراً، كنت أعتقد بأنه سيكفي لتأمين الرسوم وشراء كراسات المواد الامتحانية، إلا أنني أخطأت الظن، حيث أن المبلغ لم يمكنني من شراء محاضرات وكراسات المواد كافة، مما أدى إلى رسوبي في بعضها، على أمل أن أعود للبحث عن فرصة عمل بعد نهاية الامتحان، قد تمكنني من تأمين النفقات لكافة مستلزمات الدراسة».
استهتار إداري ونتائج وخيمة
علي، طالب في كلية الطب، يقول: «بعد تقديمي لإحدى المواد في جامعة دمشق، والتي نجحت فيها، وانتقالي إلى جامعة حلب وبدأ دوامي في السنة الثالثة، أفاجأ بأن المادة وردت من جامعة دمشق إلى جامعة حلب على أنني راسب بموجب كشف العلامات، مما أدى إلى رسوبي في السنة».
محمد، طالب طب، كان في السنة التحضيرية وأتت نتيجة مفاضلته في حماة، وبعد عام عاد إلى جامعته الأم في حلب وفق تحويل متماثل بين الجامعتين، ليقع ضحية استهتار في إصدار الوثائق والأوراق المطلوبة للتحويل، مما كلفه سنة دراسية كاملة، أعادها نتيجة أخطاء فادحة في كشف العلامات.
هيلين، طالبة أدب فرنسي، ضاعت إضبارة تسجيلها في الشؤون، مما اضطرها إلى الدخول للامتحان بموجب وصل دفع الرسوم، والوقوع في مشاكل نتيجة هذا الاستهتار.
نقص الكادرات والمستلزمات
سوزين، طالبة هندسة حيوية: «لا توجد لدينا مخابر كافية، ولا يوجد لدينا كادر تدريسي كامل، ويقال: أن هناك ما يقارب الـ (80) مبتعثاً للخارج من أجل الدكتوراه لمصلحة الكلية، لم يعد منهم إلا (10) دكاترة فقط، ودكاترة القسم لدينا من غير كليات، مما يصعب علينا مراجعتهم متى شئنا، بالإضافة أن أسئلة إحدى المواد كانت تأتي من خارج المقرر، مما أدى إلى نسبة نجاح شبه معدومة إلى أن تم تغيير الدكتور».
رهام، طالبة تمريض: «كليتي فيها قلة من دكاترة النظري، بالوقت الذي تفيض فيه بدكاترة العملي».
وحيد، طالب جيولوجيا: «القسم يعاني من وجود دكاترة معمرين غير قادرين على التقاعد، بسبب عدم وجود بدائل، وعدد الطلاب في دفعتي لا يتجاوز العشرين طالباً، علماً أن أكبر عددٍ قد تصل إليه الدفعات في الجيولوجيا هو 30 طالباً».
مجد، طالب كيمياء: «دخلت هذا الفرع عن رغبة، متوقعاً انقسامه بين نظري وعملي، إلا أنني وجدت أن معظمه نظري مع جزء بسيط من العملي، وأن السنة الثانية من الكيمياء تعتبر مقبرة الطالب، لأن الطالب يقدم مواد السنة الأولى مؤتمتة بالمجمل، ليترفع إلى السنة الثانية ويقع في فخ الامتحان الكتابي لكامل مواد السنة الثانية، والشاطر يترفع».
محمود، طالب حقوق: «لا أنفي وجود كادر تدريسي جيد، ولكن هناك سلم تصحيحي سيئ للغاية، وأي دكتور أو مسؤول في الكلية يتساهل مع الطلاب بهذا الشأن، تتم إقالته يُقال خلال مدة قصيرة».
مستقبل محفوف بالخطر
شهد، طالبة أدب عربي، تحدثت عن: مخاوف الطلاب من قرارات جديدة تقر بتحويل الطالب من العام إلى الموازي، بعد عقوبة تحرمه دورتين من تقديم امتحاناته، مما يضع العديد من الطلاب ضمن إطار الموازي وتكاليفه المتزايدة، بالإضافة إلى معاناة الطالب من نسب النجاح المتدنية، وخصوصاً في السنوات الأولى والثانية، مما يوقع الطالب في مصيدة الاستنفاذ، وبالتالي تحويله للموازي عند انتقاله لسنة أعلى بعد الاستنفاذ، حسب القرارات التي قيل إنها ستطبق في الأعوام القادمة.
ما سبق جزء مما دار خلال الورشة، عن صعوبات ومشاكل الطلاب في المرحلة الجامعية، في ظل الواقع الاقتصادي المعاشي والسياسات التعليمية المتبعة، والتي تقول بخلاصاتها العملية للطالب: «ادفع أو اطفش».