في حلب.. الطلاب بين مطرقة الحكومي وسندان الخاص!
تلقت جريدة «قاسيون» العديد من الشكاوى التي طالت المدارس الحكومية، بالرغم من قرارات التربية التي من المفترض أن تُفعل دور المدارس الحكومية، وتنهي دور القطاع الخاص، الذي كان هدفه الأساس، ولا يزال: الحصول على الربح المادي قبل أي شيء آخر.
إلا أن هذا الدور لم تكن المدارس الحكومية قادرة على القيام به بعيداً عن عين وزارة التربية النائمة على فساد بعض العاملين في تلك المدارس.
رواتب هزيلة وأوهام
أمجد طالب في مدرسة حكومية يخبرنا: أن المدرسين لا يؤدون دورهم كما يجب، قائلين للطلاب: «جميعكم ملتحقون بدورات خاصة، ووجودكم هنا إثبات وجود لا أكثر»!
وعندما تتساءل عن أسباب تلك الردود على أسئلة الطلاب يجيبون: «عندما تكون رواتبنا مكملة لباقي الشهر، بما يتناسب مع أعمالنا، حينها لن يكون هناك تقصير»!
أما قمر فتقول: إن المعلمات في مدرستها يدخلن موبخات الطالبات، ويخرجن كذلك الأمر، بغية إسكات العدد الهائل من الطالبات في الصف، والقدرة على إعطاء الدرس، علماً أن هذه ليست طريقة لمعالجة الفوضى في الصفوف، مما دفع الأهالي إلى تسجيل أولادهم في مدارس خاصة، معتقدين بذلك أنهم قد اشتروا مستقبل أولادهم وراحة بالهم، مختصرين من كم الدروس بين المدارس الحكومية والمدرسين في المنزل، بعدد دروس أقل وفائدة أكبر!
إلا أن هذا الاعتقاد لم يكن سوى حلم أو وهم كان في أذهان الأهالي، الذين وقعوا في شباك المدارس الخاصة، والتي كما تحدثنا سابقاً هدفها مادي بحت، بعيداً عن مصالح الطلاب وظروفهم التي أجبرتهم على الوقوع في المصيدة.
الخصوصي أو الجهل!
أم عمار تشكو ما خلفته هموم مدارس أولادها في قلبها فتقول: «لدي ثلاثة أولاد في أعمار مختلفة، وابني الأكبر بعمر اثني عشر عاماً، لم يدرس سوى الصف الأول والصف الثاني، والاثنان الآخران لم يتمكنا حتى من الوصول إلى الصف الأول بسبب الظروف التي مرت فيها البلاد، وبعد أن انتقلت من منطقة سكني المنكوبة، قررت أن أعيد أولادي إلى المدارس، بعد نجاحهم بسبر المعلومات، فقمت بتسجيلهم في مدرسة خاصة شارحةً وضع أولادي الضعيف في القراءة والكتابة، ومشكلة تأخرهم عن الالتحاق بالمدرسة». ليأتيها الجواب: «سنقوم بمساعدتهم قدر المستطاع».
ولتفاجأ فيما بعد، بوصول شكوى من المدرسة عن أولادها قائلة: «إن مستواهم ضعيف جداً، وأنهم يحتاجون إلى مدرسين خصوصيين في المنزل»!
تتساءل أم عمار: «هل يعقل بعد أن دفعت ما يقارب المئة ألف ليرة، قاطعة إياهما من لقمة العيش، في مقابل أن أقي أولادي مشاكل المدارس الحكومية، أن أدفع ما يزيد عن هذا، إذاً علي أن أعيدهم إلى المدارس الحكومية وأدفع للمدرس الخصوصي، أو أن أعيدهم إلى جهلهم موفرة لقمة عيشهم»؟!
ضرب ولا مبالاة!
أمّا أحمد، والذي كان ضحية إحدى المدارس الخاصة المخالفة، التي أغلقتها التربية، والذي اضطر للنقل لمدرسة خاصة أخرى يقول: «أنه قد تعرض للضرب من أحد المعلمين لسبب لا يدركه»! قائلاً: «إن المعلم اعتاد ضرب عدد من الطلاب وإخراجهم قبل بدء الدرس، مما سبب رهبة عند العديد من الطلاب، وعدم قدرتهم حتى على الاعتراض»!
قمر طالبة تقول: «إن حصتها في المدرسة الخاصة مدتها ساعة، مما جعلها تعتقد أنهم أنهوا المنهاج لحين تسجيلها، وخاصة بعد دخول المعلمة وجلوسها مناقشة الطلاب بأمور لا علاقة لها بالدراسة، بدلاً من أن تعطي درساً، وعلى فرض أنها أنهت منهاجها، أليس عليها حق مراجعة الدروس لمن التحق متأخراً في المدرسة ودفع قسطاً كاملاً للفصل»!؟...
تلك المشاكل وغيرها الكثير، برسم وزارة التربية، لوضع حدود لفساد بعض المدارس الحكومية، ومراقبة المدارس الخاصة، كحلٍ أوليٍ لاسترجاع ثقة الأهالي بالمدارس، التي يجب أن تكون تربوية كما هي تعليمية، بما يحقق ويؤمن مصلحة الطلاب ومستقبلهم.