مطلب الحفاظ على فقر المواطن!
المفت للنظر من خلال الاطلاع على محضر الاجتماع، الذي جمع رئاسة الحكومة مع اتحادات غرف الزراعة والصناعة والتجارة، وممثلي الفعاليات الاقتصادية، بتاريخ 29/11/2017، العبارة التالية من موقع الحكومة الرسمي:
«أهمية وجود منهج مدروس لدعم العملية الإنتاجية بشكل عام والصادرات بشكل خاص، وتعزيز مواطن الربح، والحفاظ على قوة المواطن الشرائية، وعلى وتيرة الإنتاج».
ضمان المصالح!
الاجتماع أعلاه، كان بغاية وضع آلية فعالة للاستثمار الأمثل، ولتحسين سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وقد حضره وزيرا المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء وحاكم مصرف سورية المركزي.
وقد خلص إلى تكليف وزارتي المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية وضع إجراءات اقتصادية، لتجنيب قطاعات الصناعة والتصدير تداعيات تغير سعر صرف الدولار أمام الليرة، ليصار إلى معالجتها بالشكل الصحيح.
كما أكد رئيس الحكومة خلال الاجتماع: أن القطاع الخاص شريك أساسي في بناء الاقتصاد الوطني، وأن الحكومة حريصة على إشراك القطاع الخاص في الخطوات الاقتصادية جميعها التي تقدم عليها، وأن الحكومة حريصة على مراقبة تغيرات أسعار الصرف كلها وانعكاساتها على الاقتصاديين بما يضمن حقوقهم ومصالحهم.
المواطن اليتيم!
أما الملفت للنظر في العبارة أعلاه، فهو أنها وحدها التي لحظت وجود «المواطن» خلال مجريات الاجتماع، فقد كانت كلمة يتيمة في كل المحضر، كما هي حاله من اليتم عبر السياسات المتبعة، وكأن هذا المواطن غير معني بموضوعة متغيرات سعر الصرف مقابل الليرة، ولا انعكاسات سلبية طالته على مستوى معيشته بنتيجتها، ولا من يضمن حقوقه ومصالحه لتجنيبه تداعيات تغير سعر صرف الدولار أمام الليرة في مثل هذه الاجتماعات.
وما يلفت النظر أكثر بمتن هذه العبارة هو: القول بالحفاظ على قوة المواطن الشرائية، بمعنى آخر، الاستمرار بالسياسات نفسها المرتبطة بمعيشته، مع انعكاساتها السلبية كلها عليه، بما في ذلك الحفاظ على أجره وتثبيته.
لا التباس!
ولا اعتقاد أن هناك لبساً في فهم هذه العبارة، التي ظهر المواطن فيها بأنه يتيم فعلاً، والتي ربما تختصر منهج العمل على مستوى مثل هذه الاجتماعات وغاياتها وأهدافها، فدعم الصادرات وتعزيز مواطن الربح وغيرها من عبارات الدعم لأصحاب رؤوس الأموال واضحة وضوح الشمس، ليس على مستوى العبارات الواردة فقط، بل على مستوى السياسات المتبعة عموماً، حالها كحال سياسات الإفقار وتثبيت الأجور المتبعة.
لكن الجديد هو: المطالبة الصريحة بالحفاظ على هذه القوة الشرائية للمواطن ووضعها ضمن المنهج المدروس المبتغى، أي: الإبقاء على فقره وعوزه ومستواه المعيشي المتردي.
علماً أنه من المفترض على إثر تحسن سعر الصرف المعترف به من قبل الجميع، والذي تتغنى الحكومة بدورها فيه، أن تتحسن القوة الشرائية للمواطن، لا أن تتم المطالبة بالإبقاء عليها كما هي برغم هذا التحسن.
فجور السياسات
بمعنى آخر أكثر وضوحاً: إن المجتمعين اتفقوا على الاستثمار الأمثل لتحسين سعر الصرف، كما اتفقوا على استثناء المواطن من عائدات هذا الاستثمار.. هكذا!.
فليتهم لم يوردوا مفردة «المواطن» اليتيمة في محضر اجتماعهم هذا، فربما لم يكن ليلفت نظرنا أياً من حيثياته أو مقرراته وتوجهاته، التي لم يكن فيها أي جديد على مستوى السياسات الرسمية المتبعة، المحابية لأصحاب الأرباح فقط وفقط.
أما بعد ورودها بهذه الصيغة، وهذه الغاية وهذا المطلب، فهو ربما فيه تكريس فاضح لفجور السياسات المتبعة، والمستفيدين منها على حسابنا جميعاً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 839