المواطن المهجّر كالمستجير من الرمضاء بالنار!

المواطن المهجّر كالمستجير من الرمضاء بالنار!

لن نتحدث عن المواطنين المهاجرين إلى أنحاء العالم أو الدول المجاورة، وإنما عن المواطنين المهجّرين من المحافظات الأخرى، أو الأرياف، إلى مدينة دمشق وريفها، وخاصة من المحافظات الشرقية: دير الزور والحسكة والرقة، أو ريف دمشق .!؟

منذ بدء الأزمة والأحداث قبل ستة أعوامٍ ونيّفٍ، وتهجير الملايين من المواطنين من مناطق التوتر، إلى المناطق الآمنة والتي تحت سيطرة الدولة، كانت الإغاثة العالمية أو الداخلية، موضوع سجالٍ، حول القائمين عليها وحجم النهب والفساد الذي رافقها، سواء من المنظمات التي تدعي الإنسانية، أو المنظمات الحكومية والجمعيات الخيرية التي من المفترض أن تخضع لرقابة وزارة الشؤون الاجتماعية، والتي أيضاً ينخرها الفساد.!؟

تراجع وتفاوت.!؟
ببساطةٍ، كان من المفترض أن تحصل العائلة المهجرة على فرشات اسفنجية وأدوات مطبخ وحرامات تدفئة، ومواد تنظيف، ومواد غذائية، من الجمعيات الإغاثية، ومن الجمعيات الخيرية التي أنيطت بها هذه المهمة، ورغم التفاوت في الحصول على ذلك، وحجم الخلل فيه نتيجة الفساد، حيث حرم المستحقون من المهجرين، فقد حصل ذوو الحظوة والفاسدون على كل شيء تقريباً، وهذا ما أدى سابقاً إلى فتح بعض ملفات الفساد التي طالت بعض المسؤولين في أعلى المستويات حسب ما رشح من أخبار إعلامية، إلا أن واقع الحال ما زال مستمراً، على الرغم من تخفيض حجم المساعدات.

تفاوت وتخفيض.!
كانت الأسرة تحصل كل شهرين (60) يوماً على الأكثر، على حصة غذائية على الأٌقل، وبعض الأسر تحصل على مواد تنظيف أو لباسٍ أو أدواتٍ كهربائية كالمراوح والشواحن وغيرها.. بحسب الجمعية، أو حتى قطع لحمٍ بحسب المناسبات كالأعياد مثلاً. لكن أغلب ذلك كله اختفى واقتصرت المساعدة الإغاثية الأممية أو الخيرية على الوجبة الغذائية، وتراجعت وأصبحت كل ثلاثة شهور(90) يوماً، وأخيراً أصبحت تقريباً كل أربعة أشهر، نتيجة البيروقراطية والفساد، وتخفيض الأمم المتحدة لنسب مواد المساعدات، بحسب الهدر والفساد والنهب.!؟

بين الرمضاء والنار!؟
المهجرون المتضررون من التخبط والفساد، كانوا ضحية محاولات الضبط والإجراءات التي جرت لمحاولة للتخفيف من الفساد على حساب المهجرين والمحتاجين منهم خصوصاً. فقد أوقفت بعض الجمعيات المساعدات عن آلاف الأسر، ومنعتهم من الحصول حتى على المساعدة الغذائية، والتي هي الحد الأدنى من رمق الحياة، وكما عبّر عنها أحد المهجرين (شو هو العصفور، وشو هي مرقته).

الأسباب عديدة
بعض الأسر المهجرة قدمت عقد آجار، لكن الأسر التي قدمت عقد تملك فقد جرى إيقاف استحقاقها من الإغاثة.؟  
قالت المواطنة ز/م: لقد بعت صياغتي الذهبية، بعد تهجيرنا، بأشهرٍ، واشترينا ملحقاً سقفه حتى مستعار، بدل خضوعنا لاستغلال تجار العقارات، فهل أصبحت أسرتنا غنية لا تستحق الإغاثة؟
المواطن أ/ع قال: أنا مهجرُ، وكنت صادقاً مع نفسي ومع الدولة، وقدمت عقد ملكية بيت في ركن الدين ليس رسمياً، لأنه مستند فقط على ملكية ساعة الكهرباء، لأن المنطقة أملاك دولة، لكني فوجئت بتوقيف اسمي من الجمعية الخيرية، باعتباري ملّاك لعقار، لكن باعتباري مهجر، وعدد أفراد أسرتي خمسة فما فوق، فأنا أعتبر فقيرَ حيٍّ، وعلي انتظار مجيء لجنة المحافظة لتعيد اسمي كمستحق للمساعدة الإغاثية، لكن مجيء هذه اللجنة غير محدد الموعد، وعليّ مراجعة الجمعية كل فترة في انتظار الإعلان عن ذلك، ورفضت الجمعية تسجيل أسماء وقوائم بذلك، وإبلاغهم برسائل إلكترونية، لأن المحافظة رفضت ذلك، وبمراجعة محافظة دمشق، رفضت أيضاً النظر بالأمر، وطلبت انتظار ذهاب لجنة من المحافظة إلى كل جمعية وفق جدول لم يظهر إلى الآن رغم مرور شهرٍ ونصف، وعيش يا مواطن ضمن التهجير والغلاء..!؟
قاسيون إذ تنقل بعض من أوجه معاناة المهجرين والتعقيدات التي تسببها البيروقراطية، والنهب والفساد وما يسببه من انعكاساتٍ على المهجرين الفقراء، فهي تقف إلى جانبهم، وتطالب بوضع حلولٍ عاجلة وحقيقية تسهل للمهجرين حصولهم على المساعدات، وأكيد أنها لن تكون كافية، لكنها تسدّ نافذةً من نوافذ الغلاء والحاجة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
838