ليس الرصاص هو الطائش
مراراً وتكراراً تتداول وسائل الإعلام الكثير من أخبار تداعيات استخدام الأعيرة النارية من قبل البعض، في مناسبات عديدة بذريعة الفرح، أو بذرائع أخرى.
ففي كل المدن والقرى والبلدات تم تسجيل العديد من الإصابات في ما يسمى «الرصاص الطائش»، وكل مرة بذريعة، وكل مرة بحجم من الضرر، اعتباراً من الوفاة، مروراً بالإصابات الخطرة، وليس انتهاءً بالجروح والخدوش.
ضحايا الفرح والمناسبات
مناسبات الأعراس، ومناسبات التشييع، ومناسبات الانتصار، ومناسبات التشجيع، وصولاً لمناسبات الترويع وإثبات الوجود في الخلافات والشجارات، كلها مقترنة بإطلاق الأعيرة النارية باستخدام الأسلحة، على اختلاف أنواعها (مسدسات- بندقة آلية- رشاش فردي- وحتى القنابل)، وغالباً ما يتم تسجيل ضحايا وإصابات جراء هذا الاستخدام، ويتم نسبها للرصاص «الطائش»، في حين أن من يجب أن يوصم بالطيش هم هؤلاء الذين استخدموا هذه الأعيرة والأسلحة، بل ويجب تحميلهم مسؤولية هذه الإصابات ومحاسبتهم والاقتصاص منهم قانوناً وجزاءً لما اقترفته أيديهم وطيشهم.
أما الاستمرار بتسجيل الإصابات بمثل هذه الحوادث والأحداث تحت بند «رصاص طائش» هو نوع من تغييب المسؤولية والعقاب عن الفاعل الحقيقي، بشكل رسمي.
«الطيش» المحمي!
على الرغم من الموانع القانونية، والتحذيرات المجتمعية كلها، إلا أن واقعة استخدام الأعيرة النارية للتعبير عن مشاعر الفرح والحزن ما زالت تفعل فعلها، سواء في إحالة الأفراح إلى أحزان، أو بضخ المزيد من جرعات الحزن على الأحزان القائمة، وذلك عبر ما تحصده الرصاصات الطائشة من إصابات على حساب المواطنين وأمنهم وسلامهم.
والعلة الوحيدة هي: أن تلك الموانع القانونية، والتحذيرات المجتمعية، لم تعد قائمة باعتبار وممارسات البعض، المتكاثرين، في ظل موجة انتشار السلاح وتفلته، وخروجه عن حيز الضبط والتقييد، والذين استمرأوا استخدام السلاح كونهم بعيدين عن الرقابة والمحاسبة، بل ومحميين عبر استخدام عبارات مثل «رصاص طائش» في التوصيف القانوني للإصابات والضحايا الناجمة عن ممارساتهم.
وكأنه كتب علينا أن تبقى أصوات الرصاص تستنفر أسماعنا ومشاعرنا، كما أن نستمر بتعداد حصاد ضحاياها يومياً، سواء على المستوى الجسدي المباشر، أو على المستوى النفسي العميق، وخاصة بالنسبة للأطفال، وما تخلفه تلك الأصوات من مشاعر مكبوتة بدواخلهم لتستمر تداعياتها معهم حتى الكبر، ناهيك عن استمرار الشعور بانعدام الأمان، وهشاشته، مع ما يستتبع ذلك من عدم الثقة بالراهن الحاضر وبالمستقبل، وذلك كله تحت بند «الطيش» في حصد الضحايا رسمياً!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 827