السياسات الحكومية «ساوتنا شاورما»!
لم يخرج تصريح وزير المالية مؤخراً عن التوجه العام للحكومة وسياساتها، عندما ربط زيادة الرواتب والأجور بالإنتاج، فقد سبق وأن أعلنت الحكومة عن توجهها هذا، مغلقة أبواب المطالبة بتحسين الواقع المعيشي للمواطنين.
لكن تصريح وزير المالية لاقى استهجاناً من عموم المواطنين عندما قال بأن هناك جهات عديدة تنتظر زيادة الرواتب والأجور كي ترفع أسعارها مباشرة أضعافاً مضاعفة، وبأن موضوع الزيادة يحتاج إلى دراسات اقتصادية بغية عدم الوقوع في فخ التضخم، وبأن دراسة هذا الموضوع من خلال المراسلات بالصحف أمر غير مجدٍ وهو يحتاج لدراسة معمقة!.
لا تبرير ولا تمرير
ما من شك بأن زيادة الرواتب وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين بحاجة للدراسات الاقتصادية المعمقة، كما لابد لها من تأمين موارد، ومن أهمها فعلاً هي مصادر الإنتاج الحقيقي، الصناعة والزراعة بشكل خاص، ولعل ذلك يعتبر من صلب مهام الحكومة، بوزاراتها العديدة، عبر السياسات المقرة، بحال تطابقت فعلاً تلك السياسات مع هذه الغايات!.
أما أن يتم إغلاق هذا الباب أمام أصحاب الأجور تباعاً، عبر الحكومة ووزرائها، ونزع البحث فيه حتى عن الإعلام، بذريعة الدراسات، وغيرها من المبررات الأخرى، في ظل الاستمرار برفع الأسعار، بما فيها الرسمية منها، وفي ظل استمرار تدهور الوضع المعيشي وتدني القيمة الشرائية لليرة، فهو التعمية الصارخة التي لا يمكن التغطية عليها، وتبريرها وتمريرها، لا بالنسبة للمواطنين المسحوقين بنار الغلاء، ولا بالنسبة للصحافة.
وهو ليس بحال من الأحول حالة فصامية أو متناقضة، بل جل ما هناك أن السياسات الحكومية تتعمق ويزداد صلفها وجورها لدرجة التعرية الذاتية، ولعل أحد تجلياتها هو مثل هذه التصريحات، التي لم تعد قابلة للتمرير، وخاصة لدى الشريحة الواسعة من المسحوقين، رفضاً وتهكماً.
الحكومة والأسعار غير مكترثة بالإنتاج
فعن أية جهات يتحدث الوزير والتي تنتظر زيادة الرواتب والأجور كي ترفع أسعارها مباشرة، فالأسعار ترتفع بشكل يومي، دون حسب أو رقيب، غير منتظرة أو عابئة بالأجور، التي ما زالت على حالها المتآكلة، وغير مكترثة بالإنتاج والإنتاجية، زادت أم نقصت!.
والأنكى من ذلك أن الحكومة نفسها رفعت أسعار العديد من السلع ولعدة مرات على التوالي، وخاصة المشتقات النفطية والطاقة، مازوت بنزين غاز فيول كهرباء، بالإضافة لغيرها من المواد مثل الخبز والإسمنت، ناهيك رفع أسعار الخدمات العامة من مياه وهاتف وطبابة وتعليم و...، ولم تنتظر لا ربطها بالإنتاج، ولا ربطها بإمكانية الإنفاق لدى المواطنين بما يتوافق مع مستويات دخولهم.
أي إنتاج دون طاقة وكهرباء؟!
عن أي فخ للتضخم يتحدث الوزير؟ بعد كل ما وصلنا إليه بنتيجته، والذي يعيشه المواطن المفقر، يومياً، في ظل الاستمرار بنفس السياسات التي تعير الإنتاج والإنتاجية الكثير من الحديث الخلّبي غير المترجم على أرض الواقع.
فغالبية المشاريع التي تم الحديث عنها خلال الفترة الماضية، وخاصة خلال سني الحرب والأزمة، لم تر النور، ولم تخرج من حيز الاستهلاك الإعلامي، ولعل مشكلة الكهرباء، التي أصبحت أزمة، خير مثال على واقع الإنتاج والإنتاجية المزعومة، فأي إنتاج، زراعي أو صناعي، بلا طاقة وكهرباء.
فجاجة
ما من شك بأننا ندين مستغلي الحرب والأزمة، وكبار التجار والمستوردين، وغيرهم، الذين أثروا على حساب فقر وجوع المواطنين.
لكنا ندين الحكومة بشكل مضاعف كونها تمد هؤلاء وتدعمهم بكل سبل ووسائل الاستمرار بعملهم، عبر سياساتها المحابية لهم على حساب البقية من الشعب، كما تمارس الدور نفسه في سلب المواطنين واستنفاذ إمكاناتهم، عبر استمرارها بسياساتها الليبرالية المفقرة للعباد والبلاد، بل تسد أمامهم كل مقومات استمرار الحياة نفسها.
فقد كان أمام الحكومات المتعاقبة، وما زال، الكثير من الوقت والإمكانات من أجل إعداد مجلدات من الدراسات القابلة للتحقيق والانجاز، على مستوى زيادة الإنتاج والإنتاجية، كما وتحسين مستوى المعيشة، بالإضافة للحد من الجشع لدى المستغلين والفاسدين، صغاراً وكباراً.
كما وأمامها، وبأدراجها المقفلة، الكثير من الدراسات المقدمة من العديد من الجهات من أجل هذه المواضيع والعناوين كلها، لكن «لو بدها تشتي.. كانت غيمت»، فهذه هي الحكومة وهذه سياساتها، بكل فجاجة.
أخيراً ننقل ما قاله أحد المسحوقين عبر أحدى صفحات التواصل الاجتماعي، تعقيباً على تصريح الوزير:
«يحرق أخت هالشغلة، صفيانين بالنسبة للحكومة متل الشاورما، النار بوجهنا، والسكين بقفانا، والسيخ بـ...، وعيش وروّق يا مواطن»!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 811