الطبقية وأشياء أخرى تتحكم بعودة الأهالي لبعض البلدات!
مع مطلع شهر أيار تم الإعلان عن عودة 20 ألف مدني إلى بلدات مضايا وبقين والزبداني، بعد خروج المسلحين من المنطقة، حسب بعض وسائل الإعلام، حيث فتحت الطرق التي تربط هذه البلدات مع العاصمة أمام حركة المواطنين، كما تم الإعلان عن بدء أعمال الورشات الفنية والخدمية، من أجل تسهيل عملية الدخول والخروج في هذه البلدات، اعتباراً من إزالة الحواجز والسواتر الترابية، مروراً بالخدمات العامة، وصولاً لزراعة الأزهار والأشجار، حسب التصريحات الرسمية المعلنة.
وعلى أثر هذا الاعلان الرسمي تفتقت قريحة أبناء البلدات الأخرى، الذين لم تفتح أمامهم سبل العودة إليها حتى الآن، عن الأحزان الدفينة لديهم، خاصة تلك التي مضى على عودة الاستقرار إليها سنين، مثل: بلدتي السبينة والذيابية بجنوب دمشق.
الانتظار الممل والقاسي!
أهالي بلدة السبينة ملوا من الوعود الرسمية المتكررة عن السماح بعودتهم منذ سنين، والتي كان آخرها بأنه سيسمح لهم بالعودة مع بداية شهر نيسان الماضي، ولكن لم ينفذ هذا الوعد الأخير كذلك الأمر، وهم الآن بانتظار وعد رسمي جديد، عسى ولعل يتم التقيد به، مع العلم أن البلدة تم استعادة السيطرة عليها بشكل كامل منذ عام 2013، والبلدات الأخرى الشبيهة تم البدء بعودة الأهالي إليها منذ فترة، مثل الحسينية، وجميعها على المحور الجنوبي للعاصمة.
علماً بأن البنى التحتية في هاتين البلدتين، تم العمل عليها وأصبحت بحالة جهوزية لإمكانية عودة الأهالي إليها، وذلك حسب التصريحات الرسمية، والتي تتوقع عودة عشرات الآلاف من الأهالي إليها، بحال تم السماح بذلك، ولتستمر معاناة الأهالي بناء عليه، بما تحمله هذه المعاناة من قسوة، وخاصة على المستوى المعيشي اليومي.
عراقيل وصعوبات غير مبررة!
مما لاشك فيه أن تأخير عودة الأهالي إلى بلداتهم تواجه بكثير من العراقيل الأمنية والإدارية، بدليل هذا التأخير المستمر منذ سنوات دون مبررات جدية، خاصة بظل الاستقرار العسكري والأمني النسبي بهذه المناطق، الأمر الذي يفرض ضرورة إعادة النظر بالآليات المتبعة من أجل تذليل الصعوبات، ومنع العرقلة، من أجل استعادة هذه البلدات وأهلها لدورهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ومن أجل التخفيف عنهم على مستوى الأعباء المادية التي تحملوها طيلة السنوات الماضية، سواء على مستوى بدلات الإيجار التي يتكبدوها شهرياً في أماكن إقامتهم المؤقتة، أو على مستوى الضغط المتزايد وانعدام الشعور الاستقرار في مراكز الإيواء، بالإضافة للانعكاسات هنا وهناك على المستوى المعيشي اليومي على هؤلاء، ناهيك عن تخفيف الضغط على أماكن الإقامة المؤقتة هذه، وخاصة على مستوى الخدمات العامة والبنى التحتية فيها، من شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والمدارس، وغيرها الكثير، بالإضافة لما يمكن أن ينعكس بشكل مباشر على مستوى قيمة بدلات الإيجار , وأسعار العقارات في مناطق الاستقطاب المؤقتة وغيرها عموماً، بنتيجة انخفاض الطلب على السكن والإقامة.
حسابات أولي الأمر!
أهالي بلدات السبينة والذيابية يتهكمون حول المعيار الطبقي للتعامل مع البلدات التي تمت استعادة السيطرة عليها، بالقول بأن بلداتهم ليست ذات طبيعة سياحية، ولا يوجد فيها منازل أو قصور للنخبة من علية القوم، فجُلّ أهلها وسكانها من الفقراء والعمال، وأصحاب الدخل المحدود والمعدمين، لذلك فإن النظر بوضعها ووضعهم لا يمكن مقارنته بوضع بلدات بقين والزبداني، مثلاً!، التي تعتبر مناطق استقطاب سياحي يدر الأموال والأرباح لبعض ملاكي القصور، والمنشآت السياحية فيها، على الرغم من أن واقع بقية أهلها مشابه لواقعهم، نوعاً ما، من ناحية الوضع الاقتصادي والمعاشي، لذلك لم يطل أمر فتح الطرق للعودة إلى هذه البلدات، وليس كما غيرها من البلدات الأخرى المنتظرة منذ أعوام، وكأن لذوي الأمر حساباتهم الخاصة بذلك، بعيداً عن المصلحة العامة، ومصلحة المواطنين من الفقراء والمعدمين!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 809