الواقع المأساوي لمهجرين سوريين في قاع المدينة!
قدم المهجرون إلى دمّر من المناطق السورية المختلفة بسبب الفلتان الأمني في مناطقهم خصوصاً مناطق ريف دمشق، مثل داريا وحرستا ودوما، لكن أغلبهم حالياً يأتون من دير الزور، فالمنطقة تضم خليطاً سكانياً من كل مدينة سورية بحسب دراسة أجراها أحد المحامين، حيث يستأجر 90% من هؤلاء في المناطق الشعبية في حين اشترى 10% منهم بيوتاً.
اكتظاظ سكاني وشتاء قاس!
تنقسم دمر إلى مناطق شعبية كثيرة، هي دمر البلد والشرقية، جبل الرز، حي الورود، وادي المشاريع ودمر الغربية، و يقدر عدد سكانها قبل الأزمة بـ 50 إلى 80 ألف تقريباً ، تضاعف هذا الرقم إلى 500 ألف أي: بمعدل 5 مرات، ما زاد الطلب على استئجار البيوت بشكل كبير، ويدخل في هذا الرقم المهجرون في مناطق الإيواء كمدارس (الطيرة) و(غسان حمود) التي تحتوي أعداداً ضئيلة منهم، حيث رحبت منطقة دمر باستقبال الجميع من مختلف المناطق.
تتراوح آجارات البيوت في هذه المناطق الشعبية بين 30 و80 ألفاً، ويحصل القسم الأكبر من المهجرين على احتياجاتهم اعتماداً على مساعدات المنظمات والجمعيات الخيرية مثل: جمعتي دمر والشباب الخيرية، كما أن الأمور انفرجت قليلاً مع عودة أهالي قدسيا، ومناطق أخرى إلى بيوتهم.
رغم ما تقدمه المنظمات والجمعيات الخيرية من دعم لكنّ معدلات الفقر في منطقة دمر تأخذ منحىً تصاعدياً نتيجة ارتفاع الأسعار المستمر وعدم تناسبه مع دخل الفرد، كما أن بعض العائلات المهجرة فقدت من يعيلها خلال الأزمة بعد أن خسرت أيضاً بيوتها ومصادر رزقها، فعزف أطفالها عن المدرسة ليتحولوا إلى بائعين للخبز أو علب السجائر، كما أصبح تأمين الاحتياجات اليومية ومنها وسائل التدفئة أكثر صعوبة كما عبرت عن ذلك الأسر التي التقتها (قاسيون) ، حيث قضت بعض العائلات الشتاء الماضي من دون تدفئة باستثناء اللحف، وذلك لاعتماد أغلبها على التدفئة الكهربائية بشكل أساسي، في ظل تقنين عشوائي وانقطاعات كبيرة نتيجة الأعطال المستمرة بسبب الضغط المتزايد، وعدم إيجاد حلول حكومية للمشكلة على مدى سنوات من عمر الأزمة، فيزداد انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، كلما اشتد البرد، «أي أنها تنقطع عندما نحتاجها لنتجمد من البرد» كما عبر أحد المواطنين .
بيوت أشبه بالقبور!
ترتفع أسعار آجارات المنازل بشكل عشوائي دون أي تدخل حكومي للحد من الارتفاع المجنون، في بيوت لا تصلح لسكن البشر، كما ازداد الطلب على استئجار البيوت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ، وقد زارت « قاسيون « بعض بيوت الآجار التي تشبه أكواخاً مهترئة، فهي لا تقي من برد الشتاء حيث يمكن للماء أن يتسرب إلى داخل المنزل عند سقوط الأمطار فيصبح الأثاث عرضةً للغرق أو التلف، إضافة إلى انبعاث روائح كريهة مصدرها الصرف الصحي، يزيد الطين بِلّة عدم وجود تهوية كافية بسبب انعدام النوافذ في الغرف الصغيرة، فمن الممكن أن تجد مرحاضاً ومطبخاً وفراشاً للنوم وطاولة للدراسة في غرفة واحدة مسقوفة بألواح توتياء أو خشب مهترئ يستوطن شقوقها وتصدعاتها كائنات أخرى مقيمة بالمجان هي الحشرات كالنمل والصراصير والديدان بأنواعها وحتى الفئران، في حين لا يقل آجارها عن 15 ألف ليرة، وأحياناً تقطن 3 عائلات متصلة بالقرابة أو مهجرة من مناطق مختلفة في بيت واحد أو(مأوىً مؤقت) كما يقول أحد المستأجرين يتشاركون فيه المطبخ والمرحاض والممر أو غرفة الجلوس.
من ناحية أخرى تسكن بعض العائلات في أبنية حديثة غير مكسوة، أو مجهزة بالكهرباء، ومن دون أثاث للمنزل، لرخص آجارها تغطي نوافذها أقمشة أو ثياب بالية، وهنا يقف هؤلاء الفقراء عاجزين عن تغيير واقعهم المرير، بانتظار معجزة سماوية تعيدهم إلى بيوتهم المهدمة بعد أن تخلت الحكومة عنهم لترميهم في براثن الفقر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 809