فترة انقطاع حصادها يصب في مصلحة خصخصة التعليم!
كما كل عام، وفي الشهرين الأخيرين من الفصل الدراسي الثاني، بالنسبة لطلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، يتوقف الدوام المدرسي، وينقطع الطلاب عن المدرسة، بذريعة التحضير للامتحانات الأخيرة.
لعل فكرة الفترة التحضيرية للامتحان الأخير بالنسبة لطلاب الشهادات، الاعدادية والثانوية، فيها بعض الصواب، كفسحة زمنية ضيقة تمنح بعض الراحة للطلاب، قبيل موعد الامتحان النهائي، وذلك بحال تمّ الانتهاء فعلاً من تعليم المنهاج داخل الصفوف المدرسية، بما في ذلك دروس المراجعة، على ألا تكون فترة الانقطاع تلك هي فترة طويلة، كما هو واقع الحال.
فصل منقوص؟
عملياً إن الفصل الدراسي الثاني بالنسبة لطلاب الشهادتين، هو عبارة عن فصل منقوص، ليس من حيث المدة الزمنية فقط، بل من حيث كم المعلومات المقدمة وفقاً للمناهج المعتمدة، والسياسة التعليمية المتبعة والمقرة، حيث تعمد بعض المدارس على تكثيف الدروس والحصص في هذا الفصل، بمقابل ترك هذا الهامش الزمني، وبحدوده الدنيا، التي لا تقل عن شهرين، وأحياناً أكثر من ذلك، ليس للطلاب فقط، بل وللمعلمين والإدارات على مستوى مسؤولياتهم بالنسبة لهؤلاء الطلاب كذلك الأمر.
هذا النقص العملي بكم المعلومات المرتبطة بالمناهج المكثفة، مع عدم إمكانية الأهل لمتابعة أبنائهم بالدراسة بالشكل المطلوب، وذلك لأسباب عدة، أهمها: الجري خلف لقمة العيش والدوام، يضطر هؤلاء الأهالي للاستعانة بالدروس الخصوصية، من أجل تعويض النقص في التحصيل العلمي المفترض أن يتم عبر المدرسة أولاً، ومن أجل ضبط إيقاع بعضٍ من الوقت المهدور على حساب الطلاب قبل موعد الامتحان، بغاية استمرار العملية التعليمية، خاصةً وأن فترة الشهرين تعتبر طويلةً.
سياسات خصخصة ممنهجة
إن مجمل السياسات التعليمية المعتمدة والمتبعة، هي من فسح المجال عملياً أمام هذا الشكل من التراخي المقصود وشبه المبرمج، اعتباراً من المناهج والالتزام بها، مروراً بمساعدات التعليم، وليس انتهاءً بالكادر الإداري والتدريسي ومتطلباته واحتياجاته، التي تبدأ من الأجر والتعويضات، ولا تنتهي بضرورة استمرار العملية التأهيلية له.
مع عدم إغفال ما يجري على مستوى مساعي خصخصة التعليم، على المستويات والمراحل كافةً، والتي تبدأ أيضاً اعتباراً من ضغط الإنفاق على التعليم العام، ولا تنتهي بالإعلان الرسمي عن تشجيع القطاع الخاص على المستوى التعليمي، بدءاً من المدارس الخاصة والمعاهد، انتهاءً بالجامعات والدراسات العليا.
دورات ودروس خصوصية
إذا كانت مشكلة السياسة التعليمية برمتها هي مشكلة قائمة ومتشابكة بحاجة لإعادة النظر على المستوى الاستراتيجي، فإن فترة الانقطاع الدراسي لمدةٍ تزيد عن الشهرين بالنسبة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية تحتاج لإعادة النظر تكتيكياً على الأقل كونها أكثر اضطراراً، ليس من باب الوقت المهدور بالنسبة للطلاب فقط، بل من باب الآلية المتبعة بتكثيف منهاج الفصل الدراسي الثاني من العام المدرسي، ومن باب حسن استثمار هذا الوقت الطويل بعمليات المراجعة الضرورية قبيل موعد الامتحان الأخير، بحال تم إنجاز المنهاج على أتم وجهٍ أصلاً، ولعل الأهم من هذا وذاك، هو الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، أو الدورات التكثيفية، التي يزداد وجودها مع نهاية العام الدراسي، مع الكثير من الدعاية المرافقة لها، ناهيك عما يتكبده الأهل من نفقات اضطرارية على أبنائهم بمقابلها.
نفقة مرهقة
لذلك أن تجد بعض المدرسين، ممن كثفوا المنهاج الرسمي خلال الفصل الثاني، نتيجة فترة الانقطاع التي أصبحت واقعاً شبه مفروض، تجد اسمه ضمن قوائم أسماء المدرسين المعتمدين في الدورات المكثفة خلال شهر الانقطاع، لا يعود مستغرباً في ظل هذا الواقع العملي من السياسات التعليمية المتبعة، بغض النظر عن المصلحة المادية، التي قد يجنيها هؤلاء، طبعاً مع عدم إغفال الدور الإيجابي للبعض الآخر من المدرسين، الذين يستمرون بالدوام المدرسي، مخصصين ساعات مراجعة تكثيفية للطلاب، وهم القلة بهذا الزمن الرديء، مع الأسف.
في المحصلة، فإن ما يسمى بفترة الانقطاع، كفترة راحة للتحضير للامتحانات الأخيرة، هي في الواقع العملي ليست فترة انقطاع، بدليل استمرار دوام الطلاب بالدورات التكثيفية، أو بالدروس الخاصة، ولعل الفرق الوحيد هو النفقة المرهقة المترتبة على ذلك، من جيوب ذوي الطلاب، بالإضافة إلى هدر المزيد من الوقت الثمين، على حساب الطلاب وتحصيلهم النهائي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 807