لحم العواس المحلي ليس لنا!
سمير علي سمير علي

لحم العواس المحلي ليس لنا!

لم تكن المعلومة، التي صرح بها رئيس جمعية الّلحامة، من أن نسبة استهلاك اللحوم قد انخفضت 50%، معلومةً جديدةً بالنسبة للمواطنين، الذين سبق وأن نسوا تلك السلعة، بعد أن خرجت من مائدتهم إلى غير رجعة منذ زمن.

وقد سبق وأن تم الإعلان عن أن المؤسسة السورية للتجارة قد حصلت على موافقة لاستيراد 1000 طن لحوم مجمدة، من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وذلك نهاية شهر آذار المنصرم، بعد أن تم منع استيراد هذه المادة نهاية العام الماضي بسبب قلة الإقبال عليها.

وغش أيضاً!

الحديث عن اللحوم الحمراء والبيضاء، ومعدلات الاستهلاك المتراجعة لها خلال الأعوام الماضية، نتيجة ارتفاع أسعارها، وتدني القدرة الشرائية لدى المواطنين، نظراً للواقع الاقتصادي المعاشي، والتدني المطرد للدخول، بالمقارنة مع الأسعار والإنفاق، يوصلنا إلى أيضاً إلى عمليات الغش المتبعة بعمليات بيع اللحوم، بما فيها منتهية الصلاحية، وغير الصالحة للاستهلاك، والتي يتبعها بعض التجار والمهربين، من أجل جني الأرباح على حساب المواطنين، كما على حساب صحتهم وسلامتهم.

عديدة هي وسائل الغش من قبل بائعي اللحوم، اعتباراً من بيع لحم الغنم المخلوط بلحم البقر، أو غيره من اللحوم، مروراً ببيع لحوم إناث الغنم، الممنوع ذبحها وبيعها، وليس انتهاءً باللحوم المفرومة سلفاً والموجودة على بسطات اللحامة علناً، وهو أيضاً ممنوع قانوناً.

ففي منتصف شهر نيسان صرح أحد أعضاء جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها: بأن شرحات الفروج المهربة من حماة، بدأت بالظهور في الأسواق المحلية، مشيراً إلى أنه تمت ملاحظة وجود شرحات فروج ذات لون أحمر منتهية الصلاحية في السوق، حيث يتم التحجج من قبل البائعين على أنها «شرحات ديك حبش» إلّا أنها مهربة إلى السوق، كما لفت  إلى وجود لحم جاموس مهرب مجمد  في الأسواق، مع تزوير في أختام الدائرة الصحية علناً، وخلط لحم البقر بلحم العجل وخلط الشرحات الحمراء بلحم العجل، بالإضافة إلى ذبح إناث الأغنام.

تكاليف الشحن سبب

رئيس جمعية اللّحامة قال: بأن الأسعار لا علاقة لها بتوفر المادة، فهي تصل من المحافظات التي تتوافر فيها قطعان، ولكنه أشار إلى تكاليف الشحن بين المحافظات، في ظل الظروف الأمنية السائدة وغير المستقرة، حيث أدت هذه التكاليف إلى رفع الأسعار، وذلك لأن نسبتها وصلت إلى 15%، معقباً بأن المحل الذي كان يبيع منتجات رأسين من العواس في اليوم الواحد، انخفضت مبيعاته إلى نصف خروف يومياً، ما يعني بأن نسبة انخفاض الاستهلاك ليست 50%، بل هي بالواقع 75%، ولعلها أكثر من ذلك أيضاً.

وقد وصل سعر كغ الخروف الحي إلى 1650 ليرة تقريباً، والهبرة بحدود 6000 ليرة، بالمقابل فإن لحم العجل وصل الحي منه إلى سعر 1650 ليرة، بينما الهبرة وصلت إلى 4500، فيما وصلت أسعار شرحات الدجاج إلى 1900 ليرة للكغ الواحد.

حرمان رسمي

أمام هذا الواقع المنفلت من حيث الأسعار والرقابة والمواصفة والجودة، وبظل استمرار ارتفاع الاسعار غير المبرر، وأساليب الغش الكثيرة المتبعة، بعيداً عن المستهلك ومصلحته، وظرفه الاقتصادي المعاشي، نعود إلى الموافقة التي حصلت عليها السورية للتجارة، باستيراد ألف طن من اللحوم المجمدة، والتي لم تصل حتى الآن، يمكن لنا أن نستشف سيناريوهات تداول هذه الكمية في الأسواق؛ فإما أن تباشر السورية للتجارة بيعها مباشرةً للمستهلكين، بكميات مقننة وبأسعار مقبولة، وهو أمر ربما يكون جيداً ولمصلحة المستهلكين، وإما أن يتم بيعها بكميات كبيرة، لتصل للتجار عملياً، ليعيدوا بيعها متحكمين بالسعر مرةً أخرى، ناهيك عن أساليب الغش التي اعتادوا عليها في خلط اللحوم، وخاصةً المفرومة منها، ما يعني خسارةً للمستهلك بنهاية المطاف على طرفي السعر والمواصفة.

وأمام هذا وذاك من الاحتمالات يبقى السوريون، من فقراء الحال والمعدمين ومحدودي الدخل، خارج معادلة استهلاك لحوم العواس المحلي الطازج، وليتوج الحرمان رسمياً باستيراد لحوم مجمدة، عسى تطال هذه الشريحة إمكانية استهلاكها بعيداً عن الغش والتدليس، وكي تبقى بالمقابل موائد الأثرياء وحدهم هي العامرة بلحوم العواس المحلية المحتكرة، والمتحكم بها، منهم وإليهم، والبقية الباقية للتصدير، أو التهريب، بما يحقق لهؤلاء المحتكرين من تجارٍ وسماسرة ومصدرين، مكاسب وأرباحاً تصب في جيوبهم، من ثروة محلية، حرم منها أصحابُها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
807