خان شيخون: لنتجنب دماءً جديدة

خان شيخون: لنتجنب دماءً جديدة

في الرابع من نيسان الجاري، سقط العشرات من الضحايا في منطقة خان شيخون في محافظة إدلب السورية نتيجة استخدام السلاح الكيميائي في سياق المعارك العسكرية التي تشهدها عموم البلاد، لتتحول هذه المأساة الإنسانية سريعاً إلى مادة للاستثمار الإعلامي والسياسي من أطرافٍ مختلفة.

العشرات من الأطفال والنساء كانوا ضحية للسلاح الكيميائي أولاً، وضحية مرة أخرى للبازار السياسي الذي حوَّل مسألة خان شيخون من فاجعة إنسانية مريرة، إلى متنفسٍ لبعض القوى السياسية المتعطشة لدماءٍ تتذرَّع بها، آملة أن تضفي «مسحة إنسانية» على طروحات ليس من شأنها إلا أن تطيل أمد الصراع والدماء في سورية.

لم تكن «جبهة النصرة» والفصائل العسكرية المتحالفة معها وحيدة في استثمار الدم السوري، فهي، وإن استغلت المشهد لتدعو إلى تصعيدٍ عسكري شامل على الأراضي السورية كلها، فإن «صوتها» كان مسموعاً لدى بعض الفصائل السياسية التي استبشرت - هي الأخرى- بحدثٍ جلل يعطي دفعة ما للدعوات السياسية الرديئة، وها هي ذا جماعة «الإخوان المسلمون» تعلن بعيد الحادث بدقائق قليلة أن «أيّ مفاوضات سياسية هي بحكم الملغاة عرفاً وقانوناً»، وتطالب - ومعها أطراف أخرى محسوبة على المعارضة السورية- بـ«فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة»، ذلك بالتوازي مع مشاركة كيان العدو بالعويل من جهة، وانتعاش أيتام «الحل العسكري» لدى الأطراف جميعها من جهة أخرى.

ليس الإمعان في الدم السوري سوى ناقوس خطرٍ دقه أولئك الذين يتحسسون رقابهم من قرب الحل السياسي، بصيغته المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي «2254»، الذي في كونه يمثّل انعطافاً في العلاقات الدولية، ويثبت التراجع الأمريكي الغربي عالمياً، فإنه من الطبيعي ألا يمرّ دون محاولات بائسة عبثية لإعادة الزمن إلى الوراء. لكن الوهم والأحلام والسراب فقط التي تستطيع إرجاع المتعنتين إلى حقبة الأحادية القطبية، أما الوقائع، فشيء آخر...

لم تعد «نغمة الحمية» التي تحملها الأطراف المتشددة المعيقة للحل السياسي من الجانبين تطرب أحداً، حتى تلك القاعدة التي تدعي تمثيلها، حيث لم يجدِ التباكي على الضحايا المدنيين نفعاً في يومٍ من الأيام لطالما لا يشغل بال المتباكين هؤلاء، سوى البحث عن ضحايا آخرين يكونون جسراً لضحايا جدد. 

إن كان استخدام السلاح الكيميائي- في خان شيخون وفي غيرها، مرفوضاً بشكل مطلق ومدان، فإن الواجب الوطني يفرض الإصرار والعناد في الدفاع عن الحل السياسي قولاً وفعلاً، والدفاع تحديداً عن صيغة «2254» التي تشكل خلاصاً للشعب السوري وتضع حداً لنزيف دمائه. لاسيما، وكما بينت تطورات الاوضاع وتحديداً من خلال العدوان الامريكي على مواقع عسكرية سورية، أنه مصمم  ومخطط لاستعادة الدور الامريكي المتراجع في الازمة السورية

معلومات إضافية

العدد رقم:
805