المخدرات.. أرقام مرعبة!!
تزايد الأخبار عن القبض على المروجين والمهربين، للأصناف العديدة من المخدرات، وسقوطهم بأيدي الجهات الرسمية، يؤشر إلى أن التهريب وهذه التجارة قد تزايدت، بفعل زيادة معدلات الاستهلاك لهذه الأصناف محلياً، مع تزايد الشكوك حول وجود معامل محلية لتصنيع بعضها، كذلك الأمر.
لقد أُعلن عبر وسائل الإعلام مؤخراً: عن ضبط فرع الأمن الجنائي في دمشق لعصابة بحوزتها 61 كيلو حشيش، وأكثر من 50 ألف حبة كبتاغون، تم وصفها بظاهرة نوعية لضبط هذه الكميات الكبيرة في يوم واحد.
حصيلة عام 2016
في نهاية عام 2016 بيّن العميد رائد خازم، مدير إدارة مكافحة المخدرات، عبر وسائل الإعلام، أن الإدارة وفروعها في المحافظات تمكنت من ضبط العديد من شبكات التهريب، حيث بلغ عدد القضايا خلال العام 4131 قضيةً، وبلغ عدد المتهمين 5238 متهماً.
وتمكنت من مصادرة كميات مختلفة منها: 1 طن و81 كغ و697غراماً من الحشيش المخدر، 4405 غرام هيرويين، 90 غرام كوكائين، 1999633 حبة دواء نفسي، 4180000 حبة كبتاغون، 258 غرام قنب هندي، 44 غرام ماريجوانا.
الأرقام أعلاه، وهي الكميات التي تم ضبطها فقط، بالإضافة لعدد القضايا والمتهمين الذين تم ضبطهم فيها، تشير إلى أن العاملين في هذه التجارة وترويجها أصبحوا كثرةً متكاثرةً، وهم عبارة عن عصابات منظمة تعمل على هدم المجتمع، عبر الترويج للمخدرات بين الشرائح الاجتماعية المختلفة، بالإضافة للاستنزاف الاقتصادي على المستوى الفردي والوطني، حيث تقدر حصيلة عمليات هذه التجارات بعشرات الملايين من الدولارات سنوياً، على أقل تقدير.
ملايين جاذبة للتشبيك
مع التجارات السوداء
إذا أضفنا للأرقام السابقة ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام في الدول المجاورة عن ضبط كميات من المواد المخدرة عابرةً من الأراضي السورية إليها، وقدرنا الكميات التي لم يتم ضبطها لا على مستوى الداخل السوري ولا على مستوى العبور لدول الجوار، يتضح بأن الحصيلة التقديرية لأرقام هذه التجارة غير المشروعة تصبح بمئات الملايين من الدولارات بدلاً من العشرات سنوياً.
هذه المبالغ الكبيرة لا بد أنها مغرية، وتجذب إليها العاملين في التجارات السوداء كافة، محلياً واقليمياً ودولياً، لتشكل معاً شبكاتً مترابطةً مستفيدةً من المناخات المتاحة أمامها، سواء كانت متمثلة بحالة الفلتان الأمني، وخاصةً على مستوى عدم التمكن من ضبط الحدود خلال فترة الحرب والأزمة، أو متمثلةً بالاستفادة من شبكات الفساد الرسمي المنتشرة في بعض المواقع هنا وهناك، على أطراف الحدود وبداخلها، بالإضافة لحالة الفلتان الداخلي في بعض المناطق، وخاصةً تلك الخارجة عن السيطرة الرسمية.
أخطار محدقة؟!
لعل الخطر الذي تجاوز الشك، هو: أن سورية لم تعد بلداً لعبور هذه المواد المخدرة فقط، بل ربما جزءٌ منها أصبح يصنع محلياً، بغاية تخفيف التكلفة أولاً، وبسبب كثرة المتعاطين والمدمنين ثانياً، والمؤشر على ذلك هي ذات الأرقام سابقة الذكر، بالإضافة لسهولة عمليات تصنيع بعض المواد المخدرة، حيث لا تحتاج لتقنيات عالية أو لمساحات واسعة.
والأخطر من هذا وذاك، هو: تشبيك هذه التجارة، وتصنيعها مع غيرها من التجارات السوداء، بما في ذلك التجارة بالأسلحة وعمليات الخطف، وتجارة الأعضاء، وغيرها من التجارات الإجرامية المشبوهة، في تخادم مشترك مع الفاشية الدولية الجديدة، وأدواتها الإجرامية والتخريبية العديدة، على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، والتي تحقق للعاملين فيها ومساعديهم الأرباح الطائلة، على حساب صحة وسلامة وأمان ومستقبل المواطنين والوطن، بالإضافة للأهداف الأخرى على مستوى الأمن الوطني والدولي، وغيرها من الأهداف التي لم تعد خافيةً، ربما؟
ضرورات ملحة
ذلك كله، يتطلب المزيد من بذل الجهود، على مستوى المتابعة الجادة من قبل الجهات الرسمية، بالإضافة إلى أهمية حملات التوعية، وخاصةً على مستوى الجيل الشاب والطلاب، وغيرهم من الشرائح الاجتماعية.
والأهم من ذلك كله، هو: إبعاد هؤلاء عن التهميش والبطالة والعدمية، التي تسد الأفق وتمنع النهوض والتطور، وتجعلهم عرضةً ليكونوا ضحايا طيعين بيد الفاشية وأدواتها الإجرامية، بمختلف مسمياتها وألوانها، وذلك عبر فتح الأفق أمامهم، وأمام غيرهم من الشرائح الاجتماعية، للانخراط بعملية بناء المجتمع وتطويره، ورسم مستقبلهم فيه، على المستويات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يوصلنا بنتيجة الأمر لمجمل السياسات الليبرالية المتبعة منذ عقود، والتي أصبحت الضرورة الوطنية تقتضي القطع معها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 800