حماة.. 45 دقيقة كهرباء تكفي!

حماة.. 45 دقيقة كهرباء تكفي!

يعاني أهالي محافظة حماة من التراخي في معالجة مشاكلهم الحياتية اليومية والمتمثلة بأبسط مقومات الحياة، سواء على مستوى الخدمات العامة، أو على مستوى توفر المواد والسلع وارتفاع أسعارها.

 

مراسل قاسيون

مشكلة المياه والكهرباء باتت مزمنة، وتأمين الغاز والمازوت من شبه المستحيلات، كذلك المعاناة من مشكلة النقل ومشاكل السوق المنفلت بأسعاره، ومتفرقات كثيرة أخرى، بالإضافة إلى بعض الإشكالات ذات الطابع الأمني من قبل عصابات امتهنت السرقة والسلب والخطف.

الكهرباء لكل طويل عمر

زادت ساعات القطع الكهربائي مع مطلع العام، وسعيد الحظ هو ذاك المواطن الذي يحظى بساعات وصل تتجاوز الـ 3 ساعات يومياً، فنظام التقنين المعمول به منذ مطلع العام، يعتبر الأسوأ على مدى السنوات الماضية، حيث تعاني بعض المناطق والأحياء في المدينة، من فترات قطع تصل إلى خمس ساعات ونصف، بمقابل نصف ساعة وصل فقط، وكما العادة من قبل المسؤولين في التبريرات المقدمة، يعزون ذلك إلى زيادة الحمولة وعدم تحمل الشبكة للضغط الحاصل عليها، ما يصيبها بالأعطال المتكررة وبالعجز والانهيار، وبناءً عليه يمكن أن يستمر القطع لعدة أيام متواصلة في بعض المناطق أحياناً.

بالمقابل، وعلى الصعيد الرسمي أيضاً، ودون مواربة صرّح مدير شركة كهرباء حماة: أن حصة حماة من الكهرباء تكفي لثلاث ساعات في اليوم، حيث أكد أن مخصصات المحافظة من التيار الكهربائي 115ميغا واط فقط، وأن الشركة تعتمد جدول تقنين يتمثل بـ 5 ساعات قطع مقابل 45 دقيقة فقط للوصل.

هذا الواقع من سوء الخدمة المترافق مع فصل البرد والشتاء، وفترة الامتحانات، كان له انعكاس سلبي على المواطنين، مما أثار المزيد من السخط والاستياء لديهم، وقد تزايد هذا السخط بعد معرفتهم بواقع حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية، مع ما يرافق جدول التقنين المعتمد من عدم العدالة فيه في بعض الأحيان.

المياه باتت حلماً

أزمة المياه الخانقة التي تعيشها المحافظة، لم تجد لها حلاً حتى الآن، فالمياه المقطوعة بشكل شبه يومي عن المدينة بأحيائها ومنطاقها، جعلت من واقع الاستغلال الجاري بحقهم مأساة يومية، ففي بعض الأحياء قد تنقطع المياه لمدة شهر كامل بشكل متواصل، الأمر الذي فرض وجود متكسبين كبار يحصدون أرباحهم على حساب معاناة الناس واحتياجاتهم، ولم يقف موضوع التكسب هذا عند أصحاب الصهاريج ومن خلفهم فقط، بل تجاوزه إلى الآبار العامة التي تم اعتمادها كمناهل للمواطنين، حيث يتم التحكم بها من قبل بعض المتنفذين أيضاً، ناهيك عن المحسوبيات والواسطات، وغيرها من أساليب تحيل حياة المواطن إلى جحيم، وتجعل من الماء حلماً يراود خيالهم.

سرقات وسلب وخطف

حالة انفلات السلاح المتفشية، جعلت من إمكانية تكوين عصابات مسلحة خارجة عن القانون أمراً واقعاً، مما زاد من عمليات السرقة والسلب والنهب والخطف بقوة السلاح.

وعلى الرغم من الإعلان عن إلقاء القبض على البعض من هؤلاء، والذين كان بحوزتهم بنادق حربية غير مرخصة، وثبت بالتحقيقات، بأنهم لا ينتمون إلى قوات الجيش أو الأجهزة الأمنية في المحافظة، كونهم كانوا يرتدون بزات عسكرية على أحد الطرق، ويقومون بإيقاف السيارات، وكأنهم أحد الحواجز النظامية، إلا أن هذه العمليات ما زالت مستمرة، كما ما زالت مشكلة السلاح المنفلت، من المشاكل التي تؤرق حياة المدنيين، داخل المدينة وفي ريفها الكبير والواسع.

المحروقات سوداء فقط

الغاز والمازوت والبنزين من المواد النادرة بالمحافظة بالشكل الرسمي وبالسعر النظامي، حيث يغلب بيع هذه المواد في السوق السوداء، عنه عبر التوزيع الرسمي، وقد تزايدت المعاناة في الحصول على المازوت والبنزين مع التخفيض الذي جرى على الكميات المخصصة للمحافظة، بنهاية العام الماضي مطلع تشرين الثاني 2016، وأيضاً ترافق ذلك مع قدوم فصل الشتاء والبرد، والذي من الطبيعي أن تزيد فيه كميات استهلاك مادة المازوت من أجل التدفئة، مع عدم إغفال الحاجة لمادة المازوت من أجل الزراعة، حيث تعتبر مادة المازوت من المدخلات الأساسية بالعملية الإنتاجية الزراعية، ويتم الاعتماد عليها بشكل كبير في كل المناطق والقرى والبلدات الزراعية المحيطة بمدينة حماة، والنقص بهذه المادة يهدد الإنتاج الزراعي الذي يعتبر المصدر الأساس للرزق، بالنسبة للكثير من الأهالي في هذه المناطق.

أما عن الغاز، فالحديث فيه ذو شجون، حيث بات من رابع المستحيلات أن يحصل المواطن على اسطوانة غاز بالشكل النظامي، خاصة خلال هذا الفصل من الشتاء، مع ما رافق ذلك من عدم توفر لمادة المازوت، فالسوق السوداء هي الطاغية، مع ما تعنيه من استغلال وجشع وتحكم، يحصد نتيجته شريحة من المنتفعين على حساب الناس، وبظل غياب شبه رسمي للرقابة والمتابعة.

السوق والأسعار!

الشكوى من البيع بأسعار مرتفعة، أو من التلاعب بالمواصفة والجودة، أو من ندرة بعض المواد واحتكارها، تعتبر من الشكاوى اليومية المترافقة مع كل زيارة لأي مواطن للأسواق، اعتباراً من الخبز مروراً بالألبان والأجبان، وليس انتهاءً باللحوم البيضاء أو الحمراء، وعلى الرغم من الكثير من الشكاوي، ورغم التصريحات كلها، التي تتحدث عن أعداد الضبوط المنظمة بحق المتلاعبين والمحتكرين، إلا أن واقع الحال يقول: إن هذه المشكلة تظهر وكأنها عصية عن الحل بالنسبة للجهات الرقابية، الأمر الذي يضع المواطن بالنتيجة بين فكي كماشة، حاجاته التي من الواجب عليه تأمينها، وواقع الفلتان السعري في الأسواق، ناهيك عما يعانيه أصلاً من واقع تدني دخله، الذي يفرض عليه التخلي عن الكثير من الاحتياجات، ما يعني بالمحصلة الاستمرار بتدهور الواقع المعيشي اليومي عموماً.

واقع مؤسف ومزعج

هذه المشاكل والأزمات وغيرها، هي واقع يومي معاش بالنسبة للمواطنين في محافظة حماة، المدينة مع امتدادها الريفي الواسع والكبير، والذي يشمل الكثير من المناطق والبلدات والقرى.

والمؤسف المزعج بالنسبة لهؤلاء جميعاً، هو: واقع الغياب الرسمي والتناسي المتعمد من قبل الجهات الرسمية المسؤولة والمعنية مباشرة بالخدمات والمواد والأسعار، اعتباراً من الحكومة نفسها وصولاً إلى الجهات الرسمية كافة بالمحافظة، بل وحتى على مستوى الخطط الموضوعة يتم هذا الشكل من التخفيض من المخصصات: الكهرباء والمحروقات كانت مثالاً على ذلك، ناهيك عن اللامبالاة والاستهتار من قبل بعض أصحاب الحظوة، من المقربين من المتنفذين الذين يعيثون فساداً على حساب الأهالي، والذي يطال أمنهم في بعض الأحيان، دون حسيبٍ أو رقيب.

وبالنتيجة، فقر وحاجة، وفساد، وسوق سوداء، وأسلحة منفلتة، وسوء خدمات، وفوق ذلك كله محسوبيات ووساطات، وتغييب متعمد لذلك كله عبر وسائل الإعلام، هذا هو واقع محافظة حماة وأهلها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
794