بهذه الطرق يحصل الدمشقي على الغاز!
عند الساعة السادسة صباحاً تجمع الناس قرب أحد الجوامع في دمشق، منتظرين وصول السيارة، كل شخص منهم يقف متشبثاً بملابسه من شدة البرد والصقيع، وينظر بين الوهلة والأخرى إلى جرته الفارغة، لكن الأمل بالحصول على أسطوانة الغاز كان كفيلاً بقبولهم بهذا الموقف البائس، الذي سيطول لحوالي 3 ساعات على الأقل لحين موعد وصول السيارة المحملة بالغاز.
هذه إحدى الطرق للحصول على أسطوانة الغاز في دمشق، بالسعر الرسمي، أي 2700 ليرة سورية تقريباً، وإن لم يكن المرء مستعداً أو قادراً على مثل ذاك الموقف، سيتحتم عليه البحث عن طريق بديل لتأمين حاجته من الغاز، ما قد يعني زيادة في الثمن أو مضاعفته في بعض الأحيان.
إما الانتظار وإما ..!
ويوجد في كل منطقة، عدد من الأشخاص القادرين على تأمين الغاز من «معارفهم»!، ولكن بتكلفة زائدة، حيث تباع أسطوانة الغاز في ما يعرف بـ«السوق السوداء» بسعر يصل إلى 5 آلاف ليرة، ويتم الحصول عليها بعد عدة أيام من الطلب وليس مباشرة، لكن الانتظار في هذه الحالة لا يكون في الشارع، أو في البرد والصباح الباكر..
وفي مشهد آخر في جرمانا في ريف دمشق، تنتظر طوابير المواطنين وصول سيارة الغاز، والتي علموا بوصولها من بعضهم البعض، لكن قلة قليلة منهم فقط من حصل في نهاية الانتظار على مبتغاه، فبعد وصول السيارة وتوزيع جزء من حمولتها، تم إفراغ باقي الأسطوانات في مستودع وإغلاقه، وصرف الناس بحجة أن التوزيع تأجل لوقت لاحق..
وما يجري هنا وهناك هو حالة معممة خلال هذه الفترة، طوابير كبيرة، وساعات انتظار طويلة، والجدوى قليلة، وما حدث ويحدث كله بلا رقيب أو حسيب!.
سيناريو مكرر
تأخر مازوت التدفئة أو عدم تأمينه وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، جعل الغاز خياراً مفروضاً كوسيلة للتدفئة، رغم أنه ليس مفضلاً نظراً لمخاطره الصحية وخطورة استخدامه وارتفاع سعره، لكن كما يقول المثل: «شو جابرك على المر إلا الأمر» وهذا هو حال المواطن في شتاء بارد مظلم في بلد يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
وكما هو كل شتاء، تلقى الاتهامات بحدوث أزمة واختناق في مادة الغاز على المواطن أولاً، وعلى الموزعين والمعتمدين ثانياً، أما الجهات المنتجة والمسؤولة فهي بريئة مما يجري كله!.
30% نقص في الكميات
ووفق تقديرات رسمية، تصل الفجوة بين الطلب والعرض في مادة الغاز إلى 30%، مع وعود حكومية بزيادة الكميات المنتجة إلى أكثر من 140 ألف أسطوانة يومياً “في حال الحاجة”، إذ تمت زيادة الكميات المخصصة لدمشق من 3 إلى 5 آلاف أسطوانة لتغطية الحاجة، بينما تقدر كميات الغاز المنتجة في دمشق وريفها بـ45 ألف أسطوانة يومياً.
فبعد سنوات ليست بالقليلة من بدء اعتماد الناس على الغاز في الشتاء، لأغراض التدفئة، بات متوقعاً حصول النقص في المادة، لكن ذلك لم يكن محفزاً كافياً للجهات المعنية لإيجاد حل وتأمين المادة بكميات أكبر، مكتفين بمطالبة المواطنين بعدم الاعتماد على الغاز المنزلي في التدفئة، وممارسة رقابة غير كافية، بل شبه معدومة، لمنع احتكار المادة من قبل المعتمدين والموزعين وتجار السوق السوداء.
علماً بأن واقع الحال ليس بأفضل في بقية المحافظات، على مستوى تأمين هذه المادة خلال فصول الشتاء المتعاقبة.
ولتبقى سلطة السوق السوداء، ومَنْ خلفها من المستفيدين والفاسدين، هي السيف المسلط على أصحاب الحاجة من المواطنين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 793