الفساد تحت يافطة القانون .. إلى متى؟

رغم كل ما صدر من تشريعات وقوانين بهدف تشجيع الاستثمار مازالت هناك عقبات كثيرة أمام المستثمرين، وهذه العقبات ليست في القوانين أو في التشريعات، وإنما هي في مافيا الفساد التي تقف في وجه أي استثمار إنتاجي من خلال إخضاع القرارات والقوانين لإرادتها، بل وإخضاع القضاء أيضاً، وهذه المافيا تختفي خلف أسماء وشركات وهمية لا وجود لها، ومكاتب لا علاقة ليافطاتها بما يمارس في داخلها، تتمترس في مواقع إدارية ومناصب حكومية وتمارس فجوراً ونهباً منظماً للوطن وقد تمادت مؤخراً وقوي ساعدها وشكلت حلفاً حقيقياً من خلال الانفتاح الاقتصادي، واقتصاد السوق الاجتماعي.

اسألوا المستثمر الذي يرغب في إقامة منشأة إنتاجية ما هي العقبات التي يصادفها؟
أكثرهم يخاف أن يتحدث عن هذه العقبات، وإذا تحدث، يتحدث في الغرف المغلقة ويرجوك أن لا تنقل حديثه أو تنشره لأنه سيدفع الثمن الأكبر.
مستثمر قال لي: أقمت منشأة إنتاجية للعصير المعلب يعمل بها 30 عاملاً، وقد تم استنزافي مادياً، وكان علي أن أحصل على موافقة 36 جهة في سورية، وحصلت على هذه الموافقات ودفعت ومازلت أدفع.
مستثمر آخر يقول: أقمت منشأة كلفتها الملايين وتمت مضايقتي من جهات عديدة وقد أدى الأمر إلى إغلاقها وتسريح عمالها وعددهم أكثر من 200 عامل وجميعهم كانوا مسجلين في التأمينات الاجتماعية ونسبتّهم للنقابة، وقد نقلت أعمالي إلى تركيا وإلى مصر.
ومستثمر آخر يقول: نحن لا نشكو من قانون العمل أو من الشؤون أو من النقابة، نحن نشكو من جهات إدارية ومسؤولة.
طبعاً هذه العقبات وعمليات التطفيش هذه لا تمارس إلا ضد الرأسمال الوطني المنتج في حين يفسح المجال أمام الرأسمال الطفيلي ليمارس عمله كما يريد، وهذا الرأسمال أقام حلفاً مع بعض المتنفذين في السلطة بحصص وعمولات ويمارس الفساد والإفساد.
وانتقل الفجور الآن إلى مرحلة جديدة هي بقوة القانون أو بقوة المال لا أدري ومثال ذلك: وجه السيد مدير شركة بارسنز برنكر هوف الإنكليزية بدمشق الكتاب التالي إلى السيد رئيس الجمهورية فيما يلي نصه:
السيد رئيس الجمهورية العربية السورية
تهدي شركة بارسنس برنكرهوف الإنكليزية بدمشق المتعاقدة مع المؤسسة العامة لتوليد الطاقة بسورية أطيب تحياتها إلى فخامة السيد رئيس الجمهورية، وتتشرف بأن تنقل إلى فخامته شكواها:
 بتاريخ 9/5/2006 أوقف مسلحون يدعون أنهم من المكتب السري بإدارة الجمارك وذكروا بأنهم مرسلون من قبل السيدة ناريمان شعراني ومدير الجمارك العام، السيارة العائدة للشركة ماركة مرسيدس رقم 570284 بالطريق والتي كان يقودها مندوب الشركة السيد شاهر حبوب لإجراء المعاملات الخاصة بالسيارة، وتم اقتياده إلى إدارة الجمارك، والسبب فقط للتأكد من أوراق السيارة دون ضبط أو مخالفة.
منذ ذلك التاريخ السيارة لم يعرف لها أي مصير ولا يجيب مدير الجمارك ولا السيدة ناريمان شعراني وحتى هذه اللحظة عن الأسباب.
وقد تقدمت الشركة بكتاب في 8/6/2006 برقم 7065/ت/2006 لمعرفة الأسباب، وحتى هذا التاريخ لا يوجد جواب رغم مراجعة مدير الشركة لأكثر من مرة لإدارة الجمارك، هل هذا يعتبر استخدام قوة السلاح أو استخدام السلطة لأسباب شخصية من قبل مدير الجمارك والسيدة ناريمان شعراني مديرة التشريع بالجمارك.
نرجو من فخامتكم النظر في شكوانا هذه وإجراء ماترونه مناسباً
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
من رئاسة الجمهورية رقم 1294/ش/2006
في الجمارك بتاريخ 18/6/2006
مدير شركة بارسنز برنكرهوف الإنكليزية بدمشق
ماذا نفسر هذه القضية، و الشركة لم تجد أمامها إلا السيد رئيس الجمهورية لتشكو.
وننتقل إلى المناطق الحرة في عدد قادم لنرى العجب!!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
279