مشكلة المسكن.. كمالية أم ضرورة؟! (1 من 2)
ضرورة تخديم مناطق أحزمة الفقر بما يتناسب مع شروط الحياة الانسانية..
الاستملاك الجائر.. غدا مشكلة بدلاً من أن يكون الحل!!
ازدياد عدد المساكن الخالية.. يتوازى مع تزايد أعداد الراغبين بالاستئجار.. وغير القادرين عليه.. في ظل ظروف الأسعار غير المتناسبة مع المستوى المعاشي.
الفرق بين الحصرم والعنب!!
غالباً ما نسمع كلمات مشابهة لـ «بيكفّي أربع حيطان وسقف» أو«صحيح عايشين عشر أشخاص بغرفة بس ما شي الحال بالشتاء أكثر دفئاً» أو «بيت ضيق بيساع لمائة صديق» أو «شو المشكلة إذا سكنت مع بيت حماه».. والكثير الكثير من العبارات التي توحي بأن النظرة الشعبية التي يتم عبرها التعامل مع موضوع السكن تصفه بأنه سلعة كمالية وليست ضرورية،هذا فيما يخص ما يقوله هؤلاء. لكن هل يعكس ذلك ما يحسون به فعلاً ؟؟ أم أنها إحدى وسائل المواطن السوري في التخفيف من وطأة المشكلة عليه بما يتماشى مع القول: «الذي لا يستطيع الوصول إلى العنب يقول عنه حصرم»؟؟
المسكن.. حاجة أساسية
توصل أحد المفكرين العالميين إلى تصنيف للحاجات الإنسانية على شكل هرم دعي باسمه «هرم ماسلو» ووفقاً لهذا الهرم فإن الحاجات الفيزيولوجية الأساسية كالطعام والشراب والمسكن تقع في السوية نفسها وتشكل قاعدة الهرم لكونه من غير الممكن الاستغناء عنها ،وتتدرج بعد ذلك الحاجات الأكثر كمالية وصولاً إلى قمة الهرم.
وإذا كان لا يمكن لأحد إنكار أهمية إشباع الحاجة إلى السكن بصفته مأوى سواء من الطبيعية أو من الإنسان، ولكن هناك شروطاً لإشباع هذه الحاجة، فهناك فرق كبير بين المأوى والمسكن الذي يأبى الكثيرون الاعتراف بأهميته وضرورة تحقيقه شروطاً صحية واجتماعية معينة لعدم قدرتهم أساساً على ذلك..
خدمة توصيل «المالتوسية» إلى المنازل!!
نتيجة لأوضاع معاشيه منهارة كلياً تم بناء عدد كبير من المساكن بشكل غير صحي ، في مناطق بعيدة عن مركز المدينة مما شكل ما يسمى بأحزمة الفقر التي تحيط بالمدن الكبرى (دمشق، حلب..) في البداية لم يتنبه أحد لضرورة معالجة أمرها ولكن بعد الامتداد العمراني وتوسع المدن أصبحت هذه المساكن منطقة مخالفات يجب تنظيمها حفاظاً على المظهر الجمالي للمدينة،وخوفاً على سلامة المواطنين لأن هذه المساكن لا تحقق أدنى شروط السلامة والأمان، فهي مهددة بالسقوط في أية لحظة، ناهيك عن شروط السلامة الصحية وغيرها...
لكن الحل الذي طرح لهذه المشاكل وهو «الاستملاك» أضحى مشكلة بحد ذاته فهو يتم دون تعويض مقنع لأصحابه و دون مراعاة المدة الزمنية اللازمة للتعويض،أما الحل الذي طرح عن طريق الجمعيات التعاونية السكنية فإنه لم يف بالغرض لأن هذه الجمعيات تعاني من تباطؤ في الإنجاز والتسليم ومن النهب السرقة في أكثر الأحيان،يضاف إلى ذلك مشكلة عدم توفر القروض المتناسبة مع الواقع المعاشي،والمشاكل التي تعتري قوانين الإيجار التي لم تشجع أحداً على التأجير فساهمت في ازدياد عدد المساكن الخالية بشكل كبير يتوازى مع تزايد أعداد الراغبين بالاستئجار وغير القادرين عليه في ظل ظروف الأسعار غير المتناسبة مع المستوى المعاشي. وليس خافياً على أحد أن هذا الوضع قد ساهم بشكل كبير في خفض نسب الزواج إلى أن وصلت عام2000 إلى86% من الإناث فئة(20-24) لم تتزوج أبداً وكذلك64% من فئة(25 ـ 29) وقد سبب ذلك الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية وخفّض نسبة النمو السكاني بشكل لم يكن يتوقعه أحد،إذ أنه بعد أن كانت ــ منذ عدة سنوات ــ نسبة النمو السكاني في سورية هي 3.4 مزاحمة بذلك أعلى النسب في العالم قال الخبراء أنه من غير الممكن تخفيض هذه النسبة إلا في المدى الطويل (20عام على الأقل) ولكن مشكلة السكن والزواج والأوضاع المعاشية المتدهورة للمواطنين أدت إلى تخفيض نسبة النمو بشكل كبير إلى أن وصلت الآن إلى 2.4 علماً أن هذا التخفيض قد جاء على حساب الفئات المثقفة والواعية التي هي إن غامرت بالزواج فإنها لم تغامر في الإنجاب واكتفت بطفل أو اثنين على الأكثر وهكذا تحققت (وبمحض الصدفة) دعوة المالتوسيين الجدد لتخفيض عدد السكان في كل بلد نام حفاظاً على مصالح ما أسموه «المليار الذهبي»...... يتبع
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 174